هل المواطن أغلى ما تملكون أو حقل تجارب؟
بقلم: صالح الراشد

النشرة الدولية –

يجول في خاطر الشعب الأردني العديد من الاسئلة حول جائحة كورونا، وهي اسئلة مشروعة لم يتلقى عليها إجابات منذ بداية إنتشار الوباء، وقصص “ارجع يا فلان وقضية موظف مستودع الأدوية  والحظر والحجر وقوانين الدفاع المتلاحقه”، وظهور أبطال جدد على القنوات الفضائية جلهم من الأطباء في لجنة الأوبئة للحديث عن الوباء وخطورته، وتعددت الأخطاء التي ساهمت في إنتشار المرض من تحميل الشاحنات وموظفي الجمارك، وطبعاً لن ننسى الإقامة في الفنادق والتسمر أمام الشاشات بانتظار وزيرالصحة لإطلاع الشعب على آخر المستجدات، لنشعر اليوم وبعد اجتياح الوباء جميع دول العالم بأننا كنا  في عصر الجهل المطبق والمُطلق بالوباء، فالوزارة لم تكن تعرف شيئاً عن الوباء، وبما اننا لا نملك مراكز بحثية متقدمة فقد أصبحنا متلقين لتجارب الآخرين أو نحن من يعتبر التجربة.

 

واليوم نخوض تجربة جديدة في التعامل مع الوباء بفتح جميع القطاعات والعمل على مدار الساعة، وهذا أمر طرحته منذ فترة طويلة في مقال وتحليل، وطالبت فيهما الحكومة بأن تفتح القطاعات لكن بطريقة متوازية، بحيث تبقى على حظر التجول الليلي لساعات محددة، عدا القطاعات الإقتصادية والهامة مع منح حرية الحركة على الأقدام داخل الأحياء، وهذا يعني ان الحياة الإقتصاية ستستمر دون أن تشكل عائق أمام التباعد بين المواطنين، وكنت قد طالبت بأن يتم فتح المؤسسات الحكومية على فترتين لتخفيف الضغط وضمان الحد الأعلى من التباعد بين المواطنين، لكن الحكومات في الأردن لا تبحث عن العمل الأسلم بقدر بحثها عن الطريقة الاسهل.

 

لقد اختارت الحكومة فتح جميع القطاعات مع تحديد نسبة معينة لبعض المحلات، فيما البقية تعمل بكامل طاقتها واستيعابها، وهو ما يجعلنا نشعر بالخوف من قادم الايام، فالمرحلة الرابعة من كورونا تتنشر في عديد دول العالم، وتزايدت حالات الموت وارتفع عدد المصابين بالوباء، وبدأت العديد من الدول تفكر في الإغلاق من جديد حتى تسيطر على الوضع الوبائي، وأعلنت العديد من مراكز الدراسات الطبية أن الوباء سيستمر حتى نهاية العام القادم، ثم يعتاد العالم على التعامل معه بعد أن تتراجع حدة أعراضه، ويتحول إلى وباء موسمي غير قاتل، وحتى ذلك اليوم على الحكومات أن تكون أكثر حذراً في قراراتها، وأن تكون مدروسة بشكل كامل حتى لا نجد المستشفيات تُعاني من عدم القدرة على استيعاب عدد المصابين.

 

وهذه الخطوة تحتاج لتضافر الجهود بين الشعب والحكومة حتى نتجاوز المرحلة، لذا فإن مظاهر الأستهتار التي يقوم بها المواطنين تعتبر كارثية وقد تُسرع من دخولنا للمرحلة الرابعة، لنجد ان الكمامات أصبحت من الكماليات وليست جزءاً أساسياً من حياة الكثيرين من أبناء الشعب،  وهذه نقطة خطيرة قد تُعيدنا إلى المربع الأول ونقطة الصفر التي لا يتمنى أحد العودة إليها، حين ارتفع عدد الوفيات إلى أرقام كبيرة وأصبحت الإصابات بالالاف ، وحصلت الأخطاء بسبب ضغط العمل لتتسبب في وفاة بعض افراد الشعب، لذا على الحكومة أن تعود لفرض الكمامات وأن تُسارع إلى تطعيم بقية أفراد الشعب بقوة القانون، وعندها سنشعر بالأمان المجتمعي بدلاً من انتشار الوباء المجتمعي والفارق بينهما كبير، فالأولى تعبير فعلي عن مصطلح ” الإنسان أغلى ما نملك”، فيما الثانية تعني “الإنسان حقل تجارب”، فماذا تختار الحكومة؟، دعونا نتابع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى