آلهة الشر تنال السخط.. لتحمي كبيرها
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
“ست” الفرعوني، “هيرا” اليونانية، “ارشكيجال” السومرية ، “شيفا” الهندوسية و”أنكرامينو” الزردشتي، أسماء يتم تداولها والحديث عنها بقدسية عالية فهي ألهة الشر في بلادها ليعبدها الناس إتقاءاً لشرها وخوفاً من قوتها وبطشها، فيشيدون لها معابد ضخمة تُثير الرعب في النفوس ويصنعون لها قصص تجعل الولدان شيبا، فهذا قتل الأفعى وتلك تقود الجيوش وآخر يعذب ويقتل، والغاية منع الانسان العادي من التطرق للحديث عنهم الا بعد منحهم القداسة تفادياً للحديث عن “رع ” و”أبولو” و”أنو” و”فيشنو” و”أهورامزدا”، وبالتالي تتحمل آلهة الشر السمعة السيئة ويضعون على كاهلهم جميع جرائم التي يرتكبها كبير الآلهة، ليصنعوا للشر المتواجد في النفس البشرية آلهة تتناسب مع قسوة بعض البشر وخلو قلوبهم من معاني الإنسانية، وتركوا من يقودون الألهة بعيداً عن الصورة للإبقاء على نقاء العبادات.!!
ففي جميع العصور يشعر الإنسان بضعفه لذا فقد أوجدوا الآلهة لتكون طريقاً للإختباء ورائها، وهذا أمر منح القائمين على بيوت الآلهة مكانة عُليا، وأصبحوا من يُسيّرون الدول في الخفاء فهم مستشاروا الفراعنة والاباطرة والملوك والأمراء، لتتحول الخُرافات إلى حقائق دامغة عند الشعوب، فيصدقون كل ما يُقال لهم ممن اخترعوا لهم الآلهة، ليتم صناعة أجيال يعبدون آلهة الشر قبل الخير دون أن يفهموا الغاية والاسباب الموجبة لعبادة الوهم، لينتشر الجهل والجبن والخوف من المجهول، وهنا اصبحت تلك الدول تضم نوعين من السكان، فهناك الحكام وسدنة الآلهة وهم السادة، وهناك البقية وهم العبيد المرتعبين من الخزعبلات التي تعشعش في رؤسهم بسبب زراعة تلك الأفكار في عقولهم التي أصبحت تضيق بالفكر السليم، لذا فقد كانوا سيوفاً للحرب على كل من طالب بالحرية ونقاء الفكر من الشوائب.
لم يتغير الوضع في العصر الحديث رغم سهولة التواصل وانفتاح العالم وتحوله لقرية صغيرة، فلكل مجتمع آلهته الحقيقية والوهمية، ومنها ما هو للخير والشر والجمال والمطر، فقد حولت العديد من الدول حكامها لآلهة منزهين عن الأخطاء ولديهم فرق إعلامية متعددة تدافع عن مواقفهم الخاطئة قبل الصائبة، ليشعر المواطن البسيط ان طاعة الحكام جزء من العبادات التي يجب أن تؤدى للآلهة، بل في بعض الدول يتم التعامل مع الحاكم كإله وبالذات في عدد من دول شرق آسيا ودول العالم الثالث، فيما الغرب نزع صفة القداسة عن الحكام وتعاملوا معهم على أنهم موظفين يخطؤون ويُصيبون، ويتم معاقبتهم ومحاكمتهم، لذا فقد تجاوز الغرب مرحلة تأليه البشر، ووصلوا لمرحلة الحق والعدل والخير والجمال لشعوبهم فقط.
القداسة الجديدة قام بصناعتها رجلان لا شأن لهما في المنطقة العربية، لكن بسبب إنتشار الجهل وعدم المعرفة والرغبة الجائرة في الحُكم، فقد أوجدوا آلهة من نوع جديد أطلقوا عليها الحدود، نعم تخيلوا فالحدود الوهمية بين الدولة الواحدة تحولت إلى الهة يعبدها الجميع، ويقدمون أرواحهم على مذبح آلهة الشر الجديدة “سايس و بيكو” إنتصاراً لإتفاقية بين فرنسي وبريطاني، بل تم وصف بعض الحدود أنها الأسوء في تاريخ الفن كونها تتعارض من أبسط قواعد الرسم، لنجد ان الشر لن يتوقف كون صُناع الحروب يعملون على مدار الساعة، لتتحول العديد من سفارات الشر إلى معابد جديدة لها هيبتها وقيمتها وسدنتها، ويكون الناجي من العذاب من يدلف بابها حاصلاً على تاشيرتها، للخلاص من العذاب القادم كون إله الشر لا يعذب من يسكن في كنفه بتلك الدول، لتصبح بلاد صناعة القهر والعذاب والموت هي الملاذ الآمن من بطش حُكام العالم الجُدد وأذرعهم المتعددة، ليختفي “ست” و”هيرا” و”ارشكيجال” و”شيفا” و”أنكرامينو” من الوجود وقد يكونوا قد تحولوا لآلهة خير مقارنة بآلهة الشر الجديدة.
– – – – – – – – – – – – – – – – –
– ست: إله الشر عند الفراعنة والسبب قتله أخيه أوزوريس .
– هيرا : إله الشر في اليونان وقائدة الجيوش لتدمير الحضارات.
– ارشكيجال: إلهة العالم السفلي عند السومريين وكان الناس يعبدونها حتى ترحمهم في الحياة الثانية ولا يرو الجحيم السومري (كور).
– شيفا: إله الشر عند الهندوس يرمز إلى الشر والقسوة والخراب.
– أنكرامينو: قوى الظلام أو الشر في الديانة الزردشتية