تقرير لصحفية “نيويورك تايمز” يسلط الضوء على الدور الذي تلعبة قطر في المسرح العالمي رغم صغرها
سلطت صحيفة نيويورك تايمز الضوء على الدور “الرئيسي” الذي لعبته قطر في عمليات الإجلاء من أفغانستان، ما اعتبرته أحدث دليل على أهمية هذه الدولة “الصغيرة الغنية” التي استطاعت أن “تتفوق على حجمها في المسرح العالمي”.
ويشير التقرير إلى أن البلد الغني بالغاز، الذي طالما استخدم ثروته في تحقيق هذا التفوق، يحظى في الوقت الحالي بلحظة مهمة في “دائرة الضوء العالمية”.
وقالت إنه أثناء الفوضى التي حدثت أثناء إجلاء نحو 120 ألف أميركي وجنسيات أخرى من أفغانستان، “وجدت دولة صغيرة وغنية، كان كثير من الأميركيين يواجهون صعوبة في العثور عليها على الخريطة، نفسها فجأة في وضع فريد للمساعدة في ذلك”.
واستقبلت حوالي 60 ألف أميركي وأفغاني تم نقلهم مؤخرا من هناك، أكثر من أي دولة أخرى. وبفضل علاقاتها مع كل من الولايات المتحدة وطالبان، “فهي في وضع جيد للعب دور قوي كوسيط مع أفغانستان الجديدة”.
دعم عمليات الإجلاء
المساعدة القطرية في عمليات الإجلاء قوبلت “باستحسان” كبير من الرئيس الأميركي، جو بايدن، وقد وصل وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، برفقة وزير الدفاع، لويد أوستن، الدوحة هذا الأسبوع، والتقيا أمير البلاد تميم بن حمد آل ثاني.
وقال بلينكن في مؤتمر صحفي في الدوحة، الثلاثاء،: “لقد كثفت العديد من الدول للمساعدة في جهود الإجلاء وإعادة التوطين في أفغانستان، لكن لم تفعل ذلك أي دولة أكثر من قطر”. وأضاف أن “الشراكة بين قطر والولايات المتحدة لم تكن أقوى من أي وقت مضى”.
وقال وزير الدفاع إنه ما كان بالإمكان تحقيق أي إنجاز بدون جهود القطريين، مثنيا على دورهم الكبير في عملية إجلاء عشرات آلاف الرعايا الأجانب في ظروف صعبة وفي فترة زمنية قياسية.
وأقام الجيش الأميركي جسرا جويا ضخما في كابل، منتصف أغسطس، سمح بإجلاء نحو 123 ألف شخص، وقالت واشنطن إن 75 إلى 80 في المئة من هؤلاء هم “أفغان كانوا معرضين للخطر”. وإجمالا، مر أكثر من 55 ألفا من الذين تم إجلاؤهم عبر الدوحة.
قطر كوسيط
ويشير التقرير إلى أن العلاقات الجيدة للدوحة مع الأطراف المتشددة مثل طالبان وإيران كانت “وسيلة لا تقدر بثمن” لجعل قطر تعلب دور الوسيط، وسمح لها بالترويج لما تسميه “الدبلوماسية الوقائية”.
متحدثة عن دور بلادها في الوساطة، قالت مساعدة وزير الخارجية القطري، لولوة الخاطر، في مقابلة استشهدت بها “نيويورك تايمز” : “في بعض الأحيان، الحجم الصغير يسمح لك فعلاً بلعب هذا الدور بالضبط، لأنك لا تخيف أحداً”، مضيفة أن قطر “دولة صغيرة لا تشعِر أحداً بالقلق. لن نشن حربا ضد أحد”.
وأثبتت علاقة قطر بالإسلاميين أنها “مفيدة للغرب الذي اعتمد على هذه العلاقات” في التفاوض بشأن إطلاق سراح رهائن في دول مثل سوريا، واستضافت قطر محادثات السلام مع طالبان، التي فتحت مكتبا لها في الدوحة في 2013، بإذن ضمني من الولايات المتحدة.
وتم توقيع الاتفاق المتعلق بالانسحاب الأميركي من أفغانستان، خلال ولاية الرئيس السابق، دونالد ترامب، في الدوحة العام الماضي. ومنذ إخلاء السفارة الأميركية في كابل، الشهر الماضي، نقلت الولايات المتحدة بعثتها الدبلوماسية إلى الدوحة.
وقال مسؤولون قطريون إن قطر سلمت في الأيام الأخيرة 68 طنا من المساعدات الغذائية والطبية إلى العاصمة الأفغانية، وسافر مسؤولون وفنيون قطريون إلى كابل للقاء مسؤولين في طالبان وللعمل مع مسؤولين من تركيا حول كيفية إعادة فتح مطار كابل الدولي.
المونديال
وحتى في الوقت الذي تقدم فيه قطر أطنانا من المساعدات الغذائية والطبية إلى أفغانستان وتستضيف وزيري الدفاع والدولة الأميركيين، فقد لفتت الانتباه أيضا في عالم كرة القدم، بعد أن استطاع نادي باريس سان جيرمان الفرنسي، الذي تمتلكه قطر ضم نجم كرة القدم العالمي، ليونيل ميسي، كما تستعد البلاد لاستضافة كأس العالم لكرة القدم، العام المقبل.
وقال مايكل ستيفنز، من معهد أبحاث السياسة الخارجية للصحيفة: “لطالما أرادت قطر أن تكون لاعبا عالميا، سواء كان ذلك من خلال استضافة أحداث رياضية ضخمة أو التعاقد مع لاعبين رئيسيين، أو تقديم نفسها كمحور إقليمي للسياسة والدبلوماسية العالمية”، وأضاف “لم يحصلوا دائما على هذا التوازن بشكل صحيح، ولكن في الوقت الحالي يبدو أنهم اتخذوا المبادرات الصحيحة في الوقت المناسب”.
وأضاف الخبير في السياسة الخليجية أنه من غير الواضح إلى متى ستجني قطر فوائد مساعدتها في أفغانستان، لكنها، مثل جميع دول الخليج، تبحث عن وسائل لرفع مكانتها في واشنطن.