الألوان في حياتنا
بقلم: أحمد الصراف
النشرة الدولية –
اعتقدت طوال حياتي أن الألوان في حياتنا معروفة ومعدودة ولها درجات متفاوتة بين الفاتح والغامق، ثم اكتشفت مؤخراً خطأ اعتقادي، وأن الألوان ليس لها سقف تقف عنده، فهناك دائماً ألوان جديدة تستنبط وتدخل حياتنا، ويكون لبعضها ميزة خاصة، بحيث يسجل حق اختراعها بطريقة رسمية تمنع الغير من استخدامها.
ابتكر الإنسان على مدى عشرات آلاف السنين الألوان من خلال كيمياء بسيطة مستخدماً مواد طبيعية مثل الفواكه والفحم والطباشير، وكان استخدام اللون مقتصراً على إضفاء رونق معين على قطعة قماش أو رسم في معبد أو لون مركبة أو رسم لوحة، ولكن العلم توصّل في السنوات الأخيرة إلى استخدامات جديدة للألوان، فالدبابات مثلاً أصبحت بحاجة لدهان خاص يجعل رؤيتها صعبة. كما أن المرايا في مختلف الاستخدامات بحاجة لأن تكون أكثر إشراقاً، والصواريخ والأقمار الصناعية تحتاج إلى ألوان تعكس أو تمتص الضوء وتكون قادرة على التعمق أكثر في الفضاء.
يستخدم الباحثون اليوم الفيزياء لابتكار ألوان جديدة نتيجة تفاعل بين الضوء وميزات المقياس النانوي الأرق بكثير من شعر الإنسان.
تاريخياً، كان للألوان المشبعة قوة رمزية كبيرة لدى الإنسان، إضافة لارتباط اللون بالنفس البشرية والطقوس والمعتقدات، حتى الخرافية منها.
وبالرغم من ارتباط اللون بحياة وتقاليد البشر كارتداء العرائس للثياب البيضاء، أو ارتداء السواد في المآتم، فإن هناك شعوباً عدة لا تتفق مع هذا الانطباع العام، بل تعمل عكسه تماماً.
للألوان معانٍ عامة، فاللون الأحمر مثلاً يحتوي على رمزيات كالصحة والحيوية والحرب والشجاعة والغضب والحب والحماسة الدينية، وجميعها تعني الشغف بالحياة، لارتباط اللون بالدم.
فعند الغضب يكسو اللون الأحمر وجوه البعض، وعند الموت والخوف يختفي هذا اللون منها… وهكذا!
أما اللون الأبيض فيرمز عند البعض للنقاء والصفاء، ويُرتدى في الأفراح وعند أداء الطقوس الدينية لدى المسلمين والمسيحيين.
أما اللون الأسود فهو لون الغموض والحكمة، ربما لارتباطه بالظلام، وغياب الإدراك البشري، وبالتالي أصبح في ثقافات أخرى لون أردية المعزين، وحتى الموتى.
أما الأرجواني فهو يرمز إلى النبل العائلي والجذور الإرستقراطية، وسبق أن حرمت أنظمة قديمة استخدام العامة للون. كما أنه لون يصعب إنتاجه أصلاً.
أما الأزرق فهو لون السماء الصافية والهادئة، ولكنه في الكثير من الثقافات يعبّر عن الحزن واليأس.
أما اللون الأخضر فإنه يرمز للطبيعة والبيئة؛ وأحياناً للحكمة. وهو لون الأرواح والملائكة. كما أن له جانباً آخر بمعناه المتدهور الذي يرمز إلى وحش أخضر العينين، وإلى الغيرة والى كل ما ينذر بالموت.
أما اللون الأصفر، والمفضل عند الملكة اليزابيث مثلاً، فهو لون السعادة والدفء لارتباطه بأشعة الشمس في ثقافات الدول الباردة. وفي ثقافات غيرها كالمصرية القديمة والصينية ارتبط الأصفر بالنبل وبلباس الشخصيات الدينية وأفراد العائلة المالكة، من الآلهة.
وحيث إن لكل الألوان جانب معاكس، فإن الأصفر يمثل أيضاً الجبن والخداع. أما اللون البرتقالي فلم تكن له أهمية في الحضارات القديمة، أما حديثاً فقد أصبح يستخدم للتحذير، كألوان الأقماع البلاستيكية التي توضع على الطرقات وتدهن بها ألبسة ومعدات السلامة.
وطور العلماء مؤخراً طلاءً أبيض يعكس أكثر من 98% من ضوء الشمس، وهذا يجعله فعالاً في تبريد المباني والسيارات والمخازن ذات الأسقف الحديدية، ويقلل كثيراً من الحاجة إلى تكييف الهواء في داخلها.