تعديلات الحكومة الأردنية على قانون العمل يُشعل الجدل

النشرة الدولية –

لا تزال التعديلات التي اقترحتها الحكومة الأردنية على قانون العمل، وأرسلتها لمجلس النواب تشعل الرأي العام في البلاد، في ظل رفض النقابات المهنية والعمالية للتعديلات ووصفها بالناقصة وغير الكافية.

كانت الحكومة الأردنية فتحت 8 مواد من قانون العمل للتعديل وأرسلتها إلى البرلمان لمناقشتها وإقرارها، لتنحصر هذه التعديلات بالسماح لوزارة العمل بالتعاقد مع أي شخص أو جهة خارج المملكة لغايات تشغيل الأردنيين وفق تعليمات يصدرها الوزير، وكذلك السماح بترخيص شركات متخصصة في نشاط معين تستخدم عمالا أردنيين وتتعاقد مع أصحاب العمل لتزويدهم بهؤلاء العمال، حسب ما نشرته صحيفة الغد الأردنية.

وقال مراقبون إن التعديلات الحكومية على القانون ناقصة، وتحتاج إلى حوار مجتمعي من أجل الوصول إلى صيغ تناسب الجميع، وتصب في صالح العمال وأصحاب العمل، وتخدم الاقتصاد الوطني.

وبحسب التعديلات تم إلغاء كلمة استخدام والإبقاء على استقدام، في مهام المكاتب التي ترخص لتشغيل عمال المنازل وغيرهم، بما يعني أن يقتصر دور المكاتب في استقدام العمال من الخارج من دون التدخل بعد الانتقال من صاحب عمل إلى آخر، أو أي إجراءات أخرى تلي الاستقدام.

وفي التعديلات الحكومية زادت قيمة الغرامة المفروضة على من يمارس أعمال التوسط في تشغيل العمال داخل المملكة أو خارجها من دون ترخيص لتتراوح بين 3000- 5000 دينار (4238- 7064 دولارا)  بدلا من 500 – 1500 دينار(706- 2119 دولار).

وتمت إضافة حالة تعرض العامل للتحرش إلى الحالات التي يحق للعامل بسببها ترك العمل من دون إشعار، والاحتفاظ بحقه بالمطالبة بحقوقه القانونية وتعويضات العطل والضرر، كما تم الغاء المادة 69 كاملة، وهي المادة التي تسمح لوزير العمل بتحديد الأعمال والأوقات التي لا يجوز تشغيل المرأة فيها، وزيادة الغرامة على الأفعال المخالفة لأحكام قانون العمل التي لم تحدد لها عقوبة خاصة، لتصبح ما بين 500 – 1000 دينار بدلا من 50 – 100 دينار.

قال حمادة أبونجمة، رئيس بيت العمال الأردني، والخبير الدولي في قضايا العمال، إن هناك مطالب بسحب التعديلات التي اقترحتها الحكومة الأردنية على قانون العمل، نظرًا لكونها لا تراعي القواعد الأساسية لحقوق العمل التي ضمنها الدستور الشرعية الدولية ومعايير العمل الدولي.

وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، لم تراع هذه التعديلات ضمان توفير شروط العمل اللائق لجميع العمال، والقضاء على التمييز في الاستخدام والمهنة، والقضاء على جميع أشكال العمل الجبري أو الإلزامي؛ والقضاء الفعلي على عمل الأطفال؛ وضمان الحرية النقابية والإقرار الفعلي بحق المفاوضة الجماعية.

ويرى أبونجمة أن التعديلات المعروضة على مجلس النواب لم تراع هذه الشروط ما شكل خللا واضحا في الصياغات المقترحة، والتي لا تضمن تحقيق التوازن في المصالح بين الأطراف المعنية، حيث أن التعديلات المقترحة لم يتم إعدادها من خلال تشاور ثلاثي أو وطني كما يفترض في تشريعات العمل، ولم تعرض على اللجنة الثلاثية لشؤون العمل المشكلة بموجب القانون (المادة 43) والتي تتولى مهام دراسة مدى انسجام سياسات وتشريعات العمل مع احتياجات التنمية الإجتماعية والإقتصادية ومعايير العمل الدولية.

وتابع: “التعديلات جاءت بعد 7 شهور فقط على صدور القانون المعدل رقم 14 لسنة 2019 وكان من بين المواد التي تم تعديلها بموجبه المواد (10،11،12) الخاصة بالتشغيل ومكاتب التشغيل والعمالة الوافدة، والتي تعتبر أهم مواد التعديلات المقترحة، الأمر الذي يعني عدم وجود سياسة واضحة للتعامل مع هذه القضايا، وأن هناك ارتجالا في تقديم مقترحات غير مدروسة”.

أما التعديلات المقترحة – والكلام لا يزال على لسان أبونجمة- على المادتين 29 و69 بخصوص موضوع التحرش وبخصوص الأوقات والأعمال التي لا يجوز تشغيل المرأة فيها، فقد أضيفت بناء على مطالبات منظمات المجتمع المدني، ولم تكن ضمن اهتمامات الحكومة في المسودة الأولى للتعديلات، وتم وضعها بصورة شكلية تخالف معايير العمل الدولية ولا تضمن حقوق العاملين.

وأكد أن المطلوب أن تكون التعديلات مبنية على دراسة شاملة وقواعد من السياسات المتفق عليها في إطار حوار وتشاور حقيقي، أولا على مستوى ثلاثي (بين ممثلي العمال وأصحاب العمل والحكومة) من خلال اللجنة الثلاثية، ومن ثم على مستوى وطني يشمل الجهات والفئات المتأثرة ومنظمات المجتمع المدني والخبراء، وبما يضمن التوازن بين مصالح الأطراف المعنية، وهذا ما كان قد تم انتهاجة في التعديلات التي صدرت في القانون المعدل رقم 48 لسنة 2008 والقانون المعدل 26 لسنة 2010.

وأشار إلى أن صياغة التعديلات المقترحة تنطوي على المواد ذات العلاقة بتشغيل الأردنيين على توجهات تتعامل مع عنصر العمل وتشغيل القوى العاملة بمنظور اقتصادي بحت دون الالتفات إلى الاعتبارات الاجتماعية والإنسانية ومتطلبات الأمن المجتمعي، كما أنها وضعت قبل الجائحة، ولذلك فهي لا تواكب تطورات سوق العمل والآثار التي عكستها الجائحة على علاقات العمل وأشكالها الجديدة وتفاقم مشكلة البطالة، ناهيك عن أنها لا تعالج الاختلالات العديدة في القانون الأصلي، والذي لا يحمي فئات العمال في الاقتصاد غير الرسمي، ولا يوفر الحماية الكافية للمرأة العاملة، وللعمالة المهاجرة، ويفتقد إلى قواعد حق التنظيم والمفاوضة الجماعية، والمبادئ الأساسية للعمل.

بدوره اعتبر الدكتور نضال الطعاني، المحلل السياسي الأردني، وعضو مجلس النواب السابق، أن قانون العمل بشكل عام قانون غير مستقر، وقد مر على القانون العديد من التعديلات.

وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، القانون أثار الجدل بعد التعديلات التي قدمتها الحكومة لمجلس النواب، وهو بحاجة إلى مراجعة شاملة وحوار وطني بناء للوصول إلى صيغ توافقية ترضي جميع الأطراف وتحافظ على حقوق العاملين وأصحاب العمل، وعلى البعد الوطني ومصلحة الوطن، للوصول إلى حالة توازنية وإنتاج قانون عصري يلبي طموحات الوطن والمواطن.

ويرى الطعاني أن النقابات العمالية والمهنية يقع على عاتقها الدور الحقيقي في الدفاع عن حقوق منتسبيها بما يحقق العدل والتنمية والمصلحة الوطنية، وتعديل أيام الإجازات الممنوحة للعاملين لأننا بحاجة ماسة إلى كل وقت وكل ساعات العمل الإنتاجية للوصول إلى دولة الإنتاج التي يسعى إليها لخدمة الوطن والتنمية وخدمة الاقتصاد الذي نسعى لتطويره وتنميته.

ويذكر إنه منذ إقرار قانون العمل رقم 8 لعام 1996 في الأردن، قبل 25 عامًا تم تعديله 12 مرة، وجاءت غالبية التعديلات غير شمولية، بحسب صحيفة الغد الأردنية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button