بنتاغون «الأوقاف» والفساد
بقلم: أحمد الصراف
النشرة الدولية –
لا يشك عاقل في أن «التعليم الحكومي» يعاني منذ مدة طويلة، وساء الوضع أكثر مع نجاح أغلب المشرفين عليه في جر «التعليم الخاص» للمستنقع نفسه، مع فروقات بسيطة في طريقها للزوال إن استمر التدخل الحكومي الديني القوي والمسيَّس في مناهجها.
على الرغم من أن وزارة الأوقاف تعتبر «حكومة داخل الحكومة» لما لها من أذرع مالية وإعلامية وغيرها، وعلى الرغم من كل قصص الخراب والفساد التي تورط فيها العديد من مسؤوليها على مدى عقود عدة، وما استطاعوا تحقيقه من ثروات لأنفسهم، فإن الحكومة «الرشيدة» فضلت في الغالب غض النظر عن أخطاء وخطايا من أداروها، مع شيء منها للنيابة، وكان آخر تلك المخالفات، التي لم يتم التحقيق فيها حتى الآن، المطالبة بصرف مكافآت الصفوف الأمامية «للمواظبين» في قطاع القرآن في العشر الأواخر من رمضان الماضي، بحجة قيامهم بتعليم القرآن لأكثر من 23 ألفاً، وهذه بحد ذاتها أعجوبة، إن صحت، لكنها لم تكن مطلوبة أصلاً في وقت الجائحة، كما أن «صلاة القيام» كانت عبارة عن تسجيل صوتي فقط!
قد لا تعني المطالبة بالمكافآت الشيء الكثير، مقارنة بعشرات الملايين التي صرفت على مشاريع شبه وهمية، كهيئة طباعة القرآن، التي لم تنجح، على مدى عشر سنوات في طباعة نسخة واحدة صحيحة، فما طبع تضمن أخطاء قاتلة، وتم سحبها من التداول، لتعود الهيئة لسابق عهدها باستيراد نسخ المصحف من الخارج! ولولا تقارير ديوان المحاسبة لما سمع أحد عن خرابها الكثير، ومع هذا لم تتعرض لا الوزارة ولا الهيئات التابعة لها يوماً لمساءلة برلمانية، طوال ستين عاماً، ربما بسبب الخوف من سطوة وسلاطة لسان أتباع أغلب الأحزاب الدينية المسيطرين عليها، وعزوف الحكومة الواضح عن تكدير خاطر المسيطرين عليها!
كما أن إلقاء نظرة، ولو سريعة، على وضع إدارة الوقف فيها، وما لديها من مليارات الدنانير من «أوقاف»، ليس لها صاحب، لوجدنا العجب، وربما يفسر السبب الذي يدفع ممثلي الحزبين الأصوليين، السلف والإخوان، للتكالب على السيطرة على هذه الوزارة، أو الدجاجة التي تبيض ألماساً.
وفي هذا الصدد ننصح بالعودة لمقال الزميل «بدر البحر» (11ـــ9ـــ2021)، الذي طالب فيه رئيس الوزراء «بنفض الأوقاف»، بسبب تقاعسها، وعلى مدى أكثر من نصف قرن، عن واجب استغلال أرض فضاء «موقوفة» دون استغلال، مما شكل تفويتاً صارخاً لفرصة تنمية أموال الوقف، ومع هذا لم يحاسب حتى فراش الوزارة على هذا الإهمال شبه المتعمد. كما تضمن مقال الزميل بدر أموراً خطيرة أخرى تستحق الاهتمام من المعنيين، هذا غير تولي بعض ناقصي الكفاءة، من حملة شهادات «الدكتوراه» غير المعترف بها، أمر إدارة شؤونها.
تساءلت وما زلت عن سبب الإصرار على تكليف رجال دين، ومن في حكمهم، إدارة شؤون الوقف، خاصة في الجانبين العقاري والاستثماري، وهم آخر من يفهم في مثل هذه الأمور التخصصية؟
كما لم أجد تفسيراً مقنعاً لغياب الكفاءات النسائية عن هذه الوزارة وهيئة الوقف!!