حفيدة عبدالمعطي وفشل التعليم
بقلم: أحمد الصراف
النشرة الدولية –
يقول صديقي، السفير السابق، إن الأستاذ «يوسف عبدالمعطي» قام بتدريسه اللغة العربية في «صلاح الدين المتوسطة» في أواخر الخمسينيات، ويتذكر أنه كان يتحدث الإنكليزية فقط، بجانب لغته العربية، وإنه كان مدرساً جيداً، وعمل بعد تقاعده باحثاً في مركز البحوث والدراسات، وعرف عنه انتماؤه للإخوان المسلمين، ومن الذين هربوا مبكراً من بطش نظام عبدالناصر، وربما ساعده هذا الانتماء تالياً في الحصول على الجنسية الكويتية، ليكون من المصريين القلة الذين حظوا بهذا الشرف. كما تمكن من تجنيس أبنائه، على الرغم من أن قانون التجنيس في وقته لم يكن يسمح بذلك، وربما أيضاً سهلت علاقاته «الإخوانية» أموره.. كالعادة!
غادر الأستاذ عبدالمعطي الكويت بصورة نهائية متجهاً إلى «وطنه» مصر، حيث توفي هناك قبل ثلاثة أشهر.
عرف عن المرحوم تأسيسه لمعهد المعلمين (1961 – 1962)، عندما كان المرحوم «خالد المسعود» يتولى حقيبة وزارة التربية. وكان لانتمائه للإخوان أكبر الأثر في جعل المعهد «مفرخة» للمدرسين الموالين لفكر الإخوان.
مناسبة هذا المقال ظهور حفيدته في شريط فيديو ذكرت فيه أنها كويتية، وأنها تجيب بأنها من مصر إن سألها أحد من أين هي، لأن مصر، بنظرها، دولة حضارة وتاريخ، وأكل (!!).
وقالت إن جدها يوسف كان يتكلم سبع لغات، وهذا لم يعرف عنه (!!) وإنه من أسس التعليم في الكويت، وهذا غير صحيح أيضاً (!!).
يظهر من كلام الصبية أن المشكلة لا تكمن في جحودها، بل وفي فشل ذويها من «المربّين»، وفشل النظام التعليمي في الكويت، في خلق أي نوع من الحب والاحترام، دع عنك الولاء، للدولة التي أعطت جنسيتها لجدها، ولذويها ولها تالياً، ولما صرف على صحتها وتعليمها من مال، وكيف أن نصف قرن أو أكثر من النظام التعليمي الحالي لم يتمكن، وغالباً عمداً، في جعل الكويت وطناً ومقراً، لا لها ولا لذويها، بل واعتبارها فوق ذلك دولة بلا حضارة ولا تاريخ… ولا حتى «أكل»!
كلام هذه الصبية خطير ويجب أن يفهم منه الكثير، وأن يدفعنا لمراجعة مناهجنا. فقد بين ما قالته، وما ورد على لسان من سبقوها، فشل نظامنا التعليمي الإخواني، في زرع قيم الولاء للوطن وحبه واحترامه، ليس في قلوب من تجنسوا، بل وحتى في قلوب من يدعون «الانتماء» له. كما يثبت خطأ الحكومة القاتل في تسليم النظام التعليمي برمته لقوى التخلف من إخوان وسلف، الذين لا يؤمنون أصلاً بفكرة «الوطن»، وضرورة استعادة التعليم منهم، بعد أن خربوه على مدى أكثر من نصف قرن. وهو، بالمناسبة، النظام التعليمي نفسه الذي علم وزرع الحقد والكراهية للآخر في قلب أمثال «خالد الشيخ محمد»، المخطط والعقل المدبر والمنفذ لهجمات الحادي عشر من سبتمبر، عندما كان يعيش في الكويت ويتلقى التعليم و«العلم الشرعي» في مدارسها.