حكومة «محاصصة» أم الذهاب إلى «جهنم»؟
بقلم: حمزة عليان
النشرة الدولية –
نالت حكومة “الرئيس نجيب” من التشريح والتقريع ما لم تنله أي حكومة سابقة، فلم يبق أحد إلا وأفرغ ما في جعبته من معاناة بحق الحكومة الوليدة! أوصاف عدة أطلقت عليها: “حكومة محاصصة”، حكومة “رئيسي– ماكرون”، حكومة “اللون الواحد” والذي يحاكي “جبهة إيرن– حزب الله”، حكومة “بنادول”.
غضب ويأس الناس خرج في وجه حكومة ولدت بعد 13 شهراً من الفراغ والمعاناة، وهم بالتأكيد محقون في ذلك، فالمعاناة والكوارث التي لاحقتهم تشفع لهم بهذه الصرخة ولسان حالهم يقول: معقول بعد كل هذا الماراثون والاعتذارات والتكليف والشروط والثلث المعطل تأتي حكومة كهذه، بعدما دفع الشعب اللبناني المسكين ثمناً باهظاً من حياته ومستقبله، فالصوت الذي سمعناه بعد يوم العاشر من شهر سبتمبر الجاري ليلة ولادة الحكومة، كان الصدى الواقعي لمرارة العيش لأكثر من سنة… السؤال: هل يستحق البلد كل هذه المعاناة وإيصاله إلى القاع حتى تأتي حكومة كهذه؟
كل ذلك مبرر، لكن المعضلة الحقيقية ليست هنا فحكومة نجيب ميقاتي هي صورة تعكس واقع النظام السياسي الطائفي والمنظومة الفاسدة، وهو نظام تآكل وانتهى ولم يعد قابلاً للحياة أو حتى ضخ أوكسجين في شرايينه.
المشكلة تكمن في هذا “العهد” والساكن في القصر، فهو من يتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية، والذي يتصرف بأنه باق على سدة الرئاسة إن لم يكن “بَيْ الكل” فالصهر ينتظر اللحظة المناسبة للانقضاض على ما تبقى من النظام سياسي!
لم تكن المرة الأولى التي عاشها لبنان دون حكومة ولأشهر، فقد سبق حكومة ميقاتي آخرون عانوا الأمرين وانتهت الحفلة بتوزيع الحصص والمغانم، ومن يهدم البيت على رؤوس ساكنيه فلن يعمره مرة ثانية ومن جديد، ومن كان محظوظا وسمع تصريح وزير الإعلام صاحب الطلة البهية، يصب بالغثيان لحظة قدوم سعادته إلى المطار لتسلم حقيبته، والتلويح بفرض شروط “مدرسة كيم إيل سونغ” رحمة الله عليه، بمنع استضافة شخصيات على التلفزيونات اللبنانية تنتقد صاحب شعار “إلى جهنم” وكأنه سيعيد لبنان الحريات والتنوع إلى عصر “البعث” وأتباعه!
لقد ربح “العهد” وخسر الشعب، تلك هي المعادلة الأقرب إلى الواقع السياسي، نعم حكومة محاصصة ومنظومة فاسدة ووزراء يهينون شعبهم “بالحفاظات” والعودة إلى حفاظات القماش، إنما في المحصلة هل نرضى بهذا النوع من الحكومات أم يبقى البلد يتآكل وفي حالة فراغ، والعالم كله يردد جملة واحدة: “شكلوا حكومتكم وتعالوا كي نتفاهم على مساعدتكم”؟
هل صحيح أن أزمة البنزين واختفاء الدواء والعيش في الظلمة وسقوط الليرة تتحمله حكومة نجيب ميقاتي وحدها والتي لم تبلغ الأسبوع الواحد من عمرها بعد؟ أم “العهد” وصاحب شعار “شعبي العظيم”؟ أم نظام الطوائف والمحاصصة والارتهان إلى الخارج؟
أيهما يحتاجه الشعب المقهور اليوم، حكومة توقف هذا الانهيار المفجع وتعيد شيئاً من مقومات العيش الآدمي ولو بالحدود الدنيا أم البقاء في ساحة الخراب والدمار والضياع؟ لن نعوّل على هذه الحكومة بأن تخرج “الزير من البير” كما يقول المثل الشعبي لكن “الكحل أرحم من العمى”.
من واقع المأساة اليومية والطحن الذي يلاحق اللبنانيين البسطاء والشرفاء بلقمة عيشهم وتنكة البنزين وحبة الدواء وانعدام الكهرباء، ماذا عسانا أن نفعل أو نقبل؟
حكومة تنقذ ما يمكن إنقاذه، أفضل من الذهاب إلى المجهول، لبنان اليوم على المشرحة، إما أن نعطيه جرعة من التعافي وإلا فسنكمل الذهاب إلى جهنم لا سمح الله!