في كتاب لعلّه الاول من نوعه في اللغة العربية: الباحث الأردني أمجد الشنابلة يعالج كيفية “تسويق المنتجات السياسية .. من مرشحي الأحزاب الى الحروب”
النشرة الدولية – د. بانة البخيت –
يُعرّف الباحث الأردني، أمجد شنابلة، التسويق السياسي بأنه تلك الأنشطة والعمليات التي تستهدف جمهوراً معيناً بالشكل الذي يؤثر في أفكاره ومبادئه وتفضيلاته، بحيث يضمن إيصال العرض السياسي وقبوله من طرف الجمهور المُستهدف كمُنتَج، وبالتالي ضمان استمراريته بالسوق السياسي.
جاء ذلك في كتّاب ، لعلّه الأول من سويّته في اللغة العربية، أصدره الباحث الأردني الذي يعمل في بريطانيا مع إحدى المؤسسات الدولية متعددة الجنسيات، ونشرته دار “ورد” قبل أيام، بعنوان “التسويق السياسي… من مرشحّ الحزب الى الحروب: كيف تسوّق المنتجات السياسية”.
كتاب “التسويق السياسي” كما اراده الشنابلة كرؤية منهجية معتمدة في العديد من دول العالم لتسويق أحزابها ومنتجاتها السياسية وطرائقها في إدارة أزماتها، بما في ذلك حروبها في الشرق الأوسط، هو في الأصل جُهد بحثي بدرجة معاصرة عالية الاحتراف.
يعرض الكتاب كيف أن الدول والأمبرطوريات بدأت منذ ظهور اللغة والحرف باستخدام الرسوم والتماثيل لإقناع رعاياها بالسياسات التي تنتهجها او لتمجيد قادتها، وهو التسويق السياسي بأبسط صوره كما مورس في العراق البابلي ومصر الفرعونية وروما الامبرطورية في المنحوتات والمسلّات.
وقد شهد القرن السابع عشر تسخير الصحافة المطبوعة لأول مرة في خدمة القادة لترويج سياسات التوسع والحروب.
ومع تطوّر الوسائل والأدوات التي تستخدمها الدول والاحزاب لتسويق سياساتها، فقد سُخّرت شتى مجالات العلوم في هذا السبيل كعلم النفس وعلم النفس الاجتماعي وعلم الإدراك.
ويعرض الكتاب مثالاً على ذلك في الذي حصل بعد أحداث 11 سبتمبر (2001 )، وكيف جرى تسويق فكرة الحرب على العراق (2003 ) كمُنتَجٍ تولّت ترويجه شركات العلاقات العامة والتسويق التي تعاقدت معها إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن.
ومِنْ أشكال التسويق السياسي، يعرض الكتاب أربعة نماذج في تسويق الدول والأحزاب والأفكار والأديان، وكيف يتم فيها تحويل الفكرة التي تخدم سياسية دولة أو حزب أو أجهزة أمنية أو حتى أشخاص، مِنْ فكرة الى منتج ٍسياسي، ثم تسويقه لتحقيق أهداف منشودة.
ويفصّل الكتاب “دورة حياة” لكل منتجٍ سياسي، تتضمن تقديمه وتموضعه وتسعيره في السوق السياسي ودورة الحياة العامة المحلية، مع حِرفة اختصاص في توقيتات متى وأين وكيف يتوجب طرح المنتج السياسي وتقليبه في مختلف مراحل دورته الحياتية.
في موضوع “تسعير المنتج السياسي”، وهو تعبير يبدو صادماً للقارئ العربي، يعرض الكتاب لاعتبارت الكلفة النفسية والمخاطر المُدركة التي يستشعرها الجمهور المستهدف. ويقدُم في ذلك نموذجين: أمريكي في موضوع الحرب على الإرهاب، واسرائيلي في الذي تتّبعه تل أبيب بحملاتها العسكرية والنفسية والتسويقية ضد الشعب الفلسطيني.
ويرهن الشنابلة نجاح برامج التسويق السياسية بفعالية نظام الاتصالات التسويقية الاستراتيجية المتكامل لهذه البرامج، وهو النظام الذي يهدف الى تصنيع مجتمع مؤيد أو داعم للمنتج أو المشروع السياسي. يتم ذلك من خلال توحيد وتجانس وتكامل كافة الرسائل الصادرة عن نظام الاتصالات التسويقية المتكامل.
يوزُع الكتاب عناصر نظام الاتصالات التسويقية المتكامل الى ثلاثة: الإعلان السياسي والدعاية السياسية وعمليات المعلومات، وهي التي يلخصها كتاب الاتصالات الاستراتيجية لقادة الجيش الأمريكي، بتحسين المصداقية، وشرعنة الأهداف، وإضعاف مصداقية الخصوم ،وإقناع جماعير منتقاة بالقيام بإجراءات تدعم الأهداف المتوخاة، مع دفع الخصوم للامتناع عن قيام بأعمال معيّنة.
ويفصّل في ما يصفه بأنه الحقل الأحدث في علم التسويق، وهو التسويق العصبي الذي أخذت أهميته تتزايد في تصميم الرسائل ضمن نظام الاتصالات التسويقية المتكامل. وفي ذلك يعرض محاولة رائدة تربط بين احتياجات الإنسان وعلم الأعصاب والدماغ، اعتماداً على تصنيف الحاجات الإنسانية وعلاقتها بطبقات الدماغ المسؤولة عن التحفيز الإنساني.
وفي ذلك يصبح الإعلام والإعلان والاتصالات، في التسويق السياسي، عاملاً راجحاً في تشكيل الذاكرتين الإنسانيتين ،قصيرة وطويلة الأمد، وفي بناء أو تغيير الصور النمطية، مع تسييجها نفسياً وتحليل الجمهور المستهدف ومدى قابليته للتأثر.