ماذا يحصل داخل الحزب “القومي”؟
بقلم: غادة حلاوي
إحتلالات متبادلة وصراعات قديمة تتجدّد
النشرة الدولية –
نداء الوطن –
ما يشهده الحزب السوري القومي الاجتماعي من صراع بين الاجنحة وبين رفقاء الامس وخصوم اليوم تجاوز حد الخصومة والاختلاف المقنع المضبوط الى ما بعد خط العداوة والتناحر والبغضاء، التي سقطت معها على ما يبدو كل المحرمات والاعتبارات وضربت بها مبادئ الحزب باسم الحزب، المتألم الاول بلا شك هو المؤسس انطون سعادة، الزعيم الذي اطلق هذا الحزب على قاعدة رفض الانقسام بين اليسار واليمين، ودعا الى المتحد الاجتماعي والامة التامة وواجه التبعية الغربية او الشرقية ونادى بالقومية على امتداد سوريا الطبيعية، وإذا بأبناء حزبه تقسمهم العصبية وتحزّبهم في تفاصيلها العميقة والدنيا ويصل الخلاف المستحكم الى مستوى الزواريب والاحياء والمراكز، وتسجيل النقاط على البعض وبين البعض.
لم يكن مستغرباً ان تودي الخلافات داخل الحزب القومي الى ما وصلت اليه الاوضاع من سوء، فتحصل مداهمات متبادلة بين الفريقين المختلفين اي جناح الروشة في مواجهة جناح البريستول او «البناء». يحصد الحزب القومي ثمار ما زرعه المسؤولون عنه من خلافات مستعرة وانقسامات لم يستطع الحد منها لا محازب قديم ولا جديد ولا مسؤول ينطق بلغة العقل.
شكلت الانتخابات النيابية الاخيرة صورة واضحة عن الاوضاع الداخلية التي آل اليها الحزب السوري القومي الاجتماعي. ترشيحات بالجملة لمحازبين في مواجهة بعضهم البعض وتراجع مدوٍّ من تكتل نيابي الى صفر تمثيل، سبقه قبل نحو تسعة اشهر انقسام الحزب بين قيادتين ورئيسين وعمدتين والكل يدعي شرعية التمثيل.
منذ ما يزيد على عامين يدفع الحزب القومي ثمن الصراع الداخلي على الاستئثار بالسلطة والتحكم بقيادته وكانت النتيجة امس انشقاقاً في صفوف المحازبين واحتلال مواقع وهجومات لا تمت بصلة الى فكر المؤسس انطون سعادة او تركن الى وصاياه.
الحزب القومي الاجتماعي بات يعيش صراعاً داخلياً يهدد كيانه الحزبي ويجعله في الدرك الاسفل حيث يمارس قادته الصراعات القبائلية والفئوية على حساب لغة الحوار. ضل منطق العقل طريقه الى الحزب القومي لكن السؤال الذي لم يجد جواباً شافياً له لماذا اختير هذا التوقيت للمداهمات التي حصلت وما الغاية منها؟ وما هو دور الراعي المحلي اي «حزب الله» والاقليمي اي سوريا في ما يعانيه الحزب القومي، ومَن دعم الرئيس اسعد حردان لاعطاء الامر بقيام «مجموعات مسلحة من ملثمين من غير القوميين، باحتلال ثلاثة مراكز حزبية في منطقة المتن الشمالي، هي بولونيا وضهور الشوير وبيت شباب». ورد فرع الروشة برئاسة ربيع بنات باقتحام مكاتب جريدة البناء التابعة للحزب القومي والتي تبين لاحقاً انها تشغل مبنى مستأجراً وليس تابعاً لملكية القومي.
وأصدر فرع الروشة بياناً قال فيه: «بعد استباحة دماء القوميين، والسطو على الحزب السوري القومي الاجتماعي لعقود طويلة، والممارسات المخجلة للنائب السابق أسعد حردان منذ سقوطه بالانتخابات الحزبية في 13 أيلول 2020، لجأ حردان إلى عادته القديمة الجديدة، في محاولة لإيقاع الفتنة بين القوميين وجرّ المؤسسات الحزبية إلى لعبة الدم. فلم يكد الحزب يجدّد خياره بالجهاد في مؤتمره العام، حتى قاد حردان المفصول عن جسم الحزب، مجموعات مسلحة من ملثمين من غير القوميين، وقام باحتلال ثلاثة مراكز حزبية في منطقة المتن الشمالي، هي بولونيا وضهور الشوير وبيت شباب». متوعداً «أن الحزب السوري القومي الاجتماعي لن يمنح حردان فرصة التساوي معه في جريمة إهدار دم القوميين بصراع أساسه النزعة الفردية القاتلة المتحكمة فيه، مع التأكيد على حق الدفاع عن جميع مراكز الحزب وحياة القوميين الاجتماعيين».
بحصيلة مداهمات الامس والاحتلالات المتبادلة اصبح الحزب القومي مدعاة انتقاد وسخرية للآخرين وقد خابت مساعي الاصلاحيين او الراغبين بتسييد لغة الحوار على الرغم من أن كلا الفريقين يدعي العمل في سبيل وحدة القوميين فاذا بهما يختلفان على أتفه الاسباب.
مصادر مطلعة على اجواء القومي قالت ان الطرفين يتحملان مسؤولية تراجع القومي، بعد الانتخابات بات حردان يتصرف بردّ فعل محاولاً الاقتصاص من الآخرين، فيما يمارس الفريق الآخر تعالياً. تعنت الطرفين وتفردهما بالقرار جعلا محركات الوساطات تتوقف سواء في لبنان او في سوريا. قبل المؤتمر تمنت سوريا على حردان عدم الترشح لرئاسة الحزب لكنه رفض تحت حجة تلبية رغبة المحازبين، في المقابل قام فريق ربيع بنات بترشيحات غير منطقية في المناطق فكانت سبباً في خسارته المدوية. المطلوب وفق المصادر تنازل يرفضه الطرفان ما يجعل الاوضاع مؤهلة للتشنج اكثر فأكثر خاصة بعد توقف المبادرين وابتعادهم عن الطرفين استياء، وسط مخاوف من تحول المواجهات الى مواجهات دموية بين المحازبين نتيجة التشنج السائد حالياً.