معركة دستورية بين بعبدا والسراي عنوانها صلاحيات حكومة تصريف الأعمال
النشرة الدولية –
نداء الوطن –
تدور خلف الكواليس معركة خفية عنوانها صلاحيات حكومة تصريف الاعمال في حال الفراغ الرئاسي. تضارب دراسات قانونية واختلاف في وجهات النظر جراء تفسير الدستور واحكامه. في كل مرة تواجه فيها البلاد ازمة دستورية يبرز الاختلاف حول تفسير الدستور وآخرها حول صلاحية الحكومة الحالية والتي تحولت حكومة تصريف اعمال فور صدور نتائج الانتخابات النيابية مباشرة. من جهة بعبدا تبرز دراسة قانونية تقول ان حكومة تصريف الاعمال لا يمكنها ان تمارس صلاحيات رئيس الجمهورية ما لم تتحول الى حكومة سياسية تراعي التوازنات الطائفية والسياسية في البلد، تخالف مثل هذه الدراسة رأي مستشار رئيس الجمهورية الوزير السابق سليم جريصاتي الذي قال بالفم الملآن لمقربين: «إطلعت على الدستور مادة مادة ولم اجد ما يعطي رئيس الجمهورية شرعية الاستمرار في بعبدا بعد انتهاء ولايته». فتوى جريصاتي لم تنل رضى رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل فكانت سبباً اضافياً في التباعد بين الرجلين. من ناحية رئيس الحكومة نجيب ميقاتي فان دراسة المرجع القانوني حسن الرفاعي حاضرة وهي تؤكد شرعية استمرار الحكومة في سد الفراغ الرئاسي بممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية بالحد الادنى اي بتسيير شؤون البلد الضرورية.
معنى القول ان كلاً من رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الاعمال يحضّر لمعركة ما بعد انتهاء ولاية الرئيس عون. حتى آراء مؤيدي عون والمقربين منه نصحته بتجنب خوض مثل هذه المعركة لأن حكومة ميقاتي يمكنها تصريف الاعمال بالمعنى الضيق للكلمة، بينما يبدو ميقاتي مرتاحاً الى وضعية حكومته مباركاً من مرجعيته السنية اي دار الفتوى. لكن معركة الصلاحيات تلك تحرف الانظار عن اساس المشكلة وهي ان الكل بما فيه المجتمع الدولي لا يهتم بانتخابات رئاسة الجمهورية اكثر من الالتفات الى تشكيل حكومة جديدة وهو صلب الموضوع وأساس الخلل.
فالمشكلة الاساسية هي عدم القدرة على تشكيل الحكومة والذهاب بعدها الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية لا البحث في الثغرات القانونية وايجاد مخارج ممكنة لتقطيع الوقت، ريثما يتنبه العالم الى الفراغ الرئاسي ويساعدنا في اختيار رئيس جمهوريتنا.
يقول قائل ان «حزب الله» بات في حيرة من امره بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل. يريد تشكيل حكومة بأي ثمن لكن لن يقبل ضمناً ان يأتي تشكيلها على حساب كسر المسيحيين واستضعاف باسيل.
لن يترك «حزب الله» الامور عالقة الى ما لا نهاية، يقول المقربون الواثقون من انه لم يكشف كامل اوراقه بعد سواء من ناحيته او من ناحية ميشال عون الذي، وخلافاً لكل التحليلات، فهو لن يبقى لحظة بعد انتهاء ولايته في بعبدا. عون الحريص على الدستور لن يخالف مواده لاي سبب كان لكن اوراقه لا تزال بمتناول اليد، ومن بينها مراسيم قبول استقالة الحكومة التي تصدر عادة فور تشكيل الحكومة الجديدة ليتم قبول الاستقالة وتعيين حكومة جديدة. هذه لم تحصل بعد كما من غير المسموح السماح بأن ينفد اي طرف للاستفادة عن طريق استضعاف الحلفاء. «حزب الله» وان كان يرغب بحكومة في اسرع وقت ممكن لكنه يرفض تشكيلها على حساب كسر حلفائه، لكنه بالمقابل لن يبقي البلد عرضة للازمة للنفاذ منها الى حسابات اخرى داخلية وخارجية.
البلد على شفير مخاطر كبرى والشارع خيار وارد خاصة بعد انتهاء ليل 31 تشرين حيث سيواكب خروج عون من القصر جمهور مؤيديه. بعدها ستشهد الايام اصطفافات اخرى سيكون لها انعكاسها خاصة في حال فشلت مساعي انتخاب رئيس جديد للجمهورية وهو الاحتمال الاكبر. والى ان تنتهي ولايته لن يدعهم عون يهنأون بالانتصار عليه ولن يسلمهم بالسهل او يوضح لهم خطواته.
لعون اوراقه ولميقاتي ايضاً. فالرجل لن يسلم رايته بسهولة وهو رئيس الحكومة الذي سيكون الوحيد المعترف بشرعيته بعد أيام وسيتحول الى حاكم بأمره دستورياً. عين ميقاتي على هذه اللحظة وعليها يبني حساباته، ولذا إن بقيت الحكومة الحالية او تم تعويمها بتغيير طفيف فالامر سيان. المهم في حساباته ان يد باسيل لن تكون هي الطولى وصدى صوته لن يتردد في ارجاء بعبدا المقفلة الابواب. وحدها ابواب السراي ستبقى مشرعة لكن على… المجهول.