المشهد المائي في الديار العربية أزمات وكوارث!
بقلم: حمزة عليان
النشرة الدولية –
المشهد المائي في منطقتنا العربية يحمل في ثناياه غالباً “الكوارث والأزمات” وهذا ما ينسحب على بلدان منطقة الخليج العربي التي يعتمد معظمها على تحلية مياه البحر بالمقام الأول دون النظر في البدائل، تماماً كحال الاعتماد الكلي على النفط كمصدر دخل مالي وحيد!
وعلى مدى الأسبوعين الأخيرين من شهر سبتمبر الجاري خرجت تقارير منسوبة إلى منظمات إغاثة دولية تحذر من الجفاف غير المسبوق في العراق وسورية، قد يؤدي إلى انهيار النظام الغذائي، في حين تقدر جهات متخصصة أن 12 مليون شخص تضرروا فعلياً من جراء هذه الأزمة والناتجة عن انخفاض مستويات المياه في نهري دجلة والفرات، فماذا يعني أن يقترب “دجلة والفرات” من “المنسوب الميت”، ليس من جهة العراقيين والسوريين فقط، بل من جهة الكويت؟
الفرات أطول أنهار غرب آسيا، ينبع من جبال طوروس في تركيا، ويتدفق منها إلى سورية، ومن مدينة “جرابلس” ويقطع مسافة 2810 كيلومترات، يلتقي في العراق بنهر دجلة ليشكلا شط العرب قبل أن يصب في مياه الخليج العربي المطلة على الكويت والواصلة إلى بحره.
في هذا الشأن كان النقاش في لجنة شؤون البيئة في مجلس الأمة برئاسة النائب حمد المطر وتوصيفه مشكلة “جون الكويت” وزيادة الملوحة فيه بنسبة وصلت إلى 46%، مشيراً إلى أن “تجفيف الأهوار ونقص المياه في شط العرب، جزء رئيس من المشاكل التي نعانيها من جراء زيادة الملوحة والتي تؤثر وبشكل مباشر، ليس على الحياة البحرية فقط، لكن على جودة المياه التي نعتمد عليها في مياه الشرب ونأخذها من البحر”.
موضوع الأمن المائي ينذر بأخطار جسيمة إذا لم يتم تداركها عربياً وفي الكويت أيضا، فالخبراء المائيون ينظرون إلى هذه المسألة من منطلق وطني يحتاج فعلاً إلى رؤية وخطة واقعية، لأنه إذا استمر معدل الاستهلاك على ما هو عليه حتى عام 2030 فسترتفع حاجة البلاد للمياه 30%.
البدائل عن تحلية مياه البحر موجودة وقائمة إنما تحتاج إلى قرارات عليا من الدولة، وجعل الأمن المائي في صلب الأولويات الملحة للأمن الوطني والقومي.. ووضعه ضمن “رؤية الكويت 2035” فالبلاد تحتاج إلى كل الجهود والمبادرات التي تخدم هذا الهدف السامي.
وفي الدائرة العربية ووجهتنا هذه المرة صوب النيل، مازلنا نستشعر الخطر المائل من قضية “سد النهضة” الإثيوبي، لولا صدور بيان عن مجلس الأمن يحث فيه الدول الثلاث على استئناف المفاوضات بشأن مراحل الملء القادمة والالتزام بالحصص التاريخية لدولتي المصب، لما سمعنا شيئاً عن المخاوف التي أثيرت على مدى عشرة أعوام متصلة، فقد خفت الصوت والخطاب العنيف طوال شهرين حتى كاد ينسينا أن هناك أزمة تنتظرنا بشأن هذا السد؟
بعض المراقبين استوقفتهم هذه الهدنة غير المعلنة! متبوعة بسؤال، ما الذي حصل؟ أيا كانت المبررات، تبقى حقائق الجغرافيا والتجارب أقوى من أي شيء آخر، فعالمنا العربي محكوم بدول الطوق التي تتحكم بصادر مياهه، بدءاً من إسرائيل مروراً بتركيا وصولا إلى إيران ومن بعدها إثيويبا وسياساتها تجاه النيل الأزرق ومشروعها المثير للجدل والمخاوف تجاه جيرانها.
الإحصاءات تقول إن المنطقة العربية من أفقر دول العالم من حيث وفرة المياه وتراجع نصيب الفرد من المياه العذبة! والتصنيف المائي للدول العربية، كما ورد في تقرير “الجزيرة نت”، ينطق بالحقائق، دولة واحدة فقط تتمتع بحالة اكتفاء ذاتي من بين الدول العربية، وهي موريتانيا، حيث تصل حصة الفرد السنوية من المياه لأكثر من 1700 متر مكعب، في حين هناك 4 دول تعيش حالة إجهاد مائي، وهي: العراق، والصومال، وجزر القمر، وجيبوتي؛ حيث تتراوح حصة الفرد السنوية من المياه في هذه الدول بين ألف متر مكعب و1700 متر مكعب، و5 دول أخرى تعاني ندرة المياه، وهي: لبنان، وسورية، ومصر، والسودان، والمغرب، وتبلغ حصة الفرد السنوية من المياه لهذه الدول بين 500 متر مكعب إلى ألف متر مكعب، وثمة توقعات كبيرة بأن تتعرض مصر لأزمة حادة في المياه خلال الفترة القادمة، في حالة نجاح إثيوبيا في تنفيذ مشروع سد النهضة كاملا.
أما توصيف الفقر المائي الحاد فتعيشه 12 دولة عربية، هي: اليمن، والسعودية، وسلطنة عمان، والكويت، والإمارات، وقطر، والأردن، وفلسطين، وليبيا، وتونس، والجزائر، وتبلغ حصة الفرد السنوية للفرد في هذه الدول أقل من 500 متر مكعب.