كيف وصلوا لجنين.. هذه بركات التنسيق!
بقلم: صالح الراشد

النشرة الدولية –

نعم، كيف وصلوا لجنين؟، وهنا لا أقصد البطلين أيهم كممجي ومناضل نفيعات أصحاب الأرض القادرين على فهم لغتها وتضاريسها،  بل أقصد القوات الصهيونية القادمين من حيث لا مكان واستقروا في المكان، فالقوات التي عبرت جنين وساحاتها وشوارعها كانت بأعداد كبيرة من أجل إلقاء القبض على آخر الناجين من  سجن الرعب، دخلوا بأرتال كبيرة وأعداد ضخمة مدججين بالسلاح على مرأى من الجميع، وتم إطلاق الرصاص لردعهم وحماية المدينة، رصاص كان كافياً لرد الكرامة الفلسطينية إلى موضعها الطبيعي لكن التنسيق اسقط الرصاص في الأرض، رصاص  كان كفيل بتنبه الأسرى بأن الصهاينة قادمون لإعتقالكم، لكن التمويه الصهيوني كان مُحكم والإختراق كان سريعاً من قبل وحدة اليمام التي أجرت إتصالات مع التنسيق الأمني لضمان عدم المواجهة من رجال السلطة، لتكون الطريق أمام الصهاينة معبده بخنوع السلطة حتى تم إلقاء القبض على البطلين الذين سلما نفسيهما حتى لا يتعرض الآخرين من أبناء جنين للأذى.

بالمناسبة أليست جنين مدينة فلسطينية تابعة للسلطة الفلسطينية التي فقدت كلمة وطنية؟، أليست جنين مصنع للثوار والابطال يحرسها رجال السلطة الذين دفع ثلاثة منهم أرواحهم دفاعاً عنها قبل أسابيع؟، حقاً هي ذاتها جنين التي ضمت في أحشائها الأبطال وحمت الناجين من إرهاب الكيان الصهيوني ولم يسعهم السجن ووسعهم حضن الأهل،  هي ذاتها جنين لكن الفارق في البطولة والخيانة هو التنسيق الأمني الذي يحمي الصهيوني ويفتك بإبن الوطن، هو التنسيق الأمني أو حبل المشنقة وربما المقصلة الذي يهدد الرقاب الفلسطينية بالقطع، كما يهدد المدن الفلسطينية والقرى بقطع أوصالها وعزلها عن بعضها حتى يتفرد بها الصهيوني.

يا فلسطين الحرية والإنجاز والإعجاز إن التنسيق الأمني ليس مُقدس، ولم أقرأ عنه في الكتب المقدسة الثلاث المحفوظ منها والمُحرف، فهذا المصطلح وليد ظروف حماية الذات والبقاء في المنصب ونيل المكاسب،  بل هو مصطلح لا أصل له إلا في كُتب الغدر والخيانة والخوف كونها تتعارض مع قيم الشجاعة والمرؤة والشهامة، فالعربي الأصيل لا يقوم بتسليم هارب إلى بيته ولو دفع روحه ثمن الحفاظ على “الدخيل” الهارب من الموت، وهذا هو أصل العزة والشرف، فيما يتمحور أصل التنسيق الأمني بتحويل أبطال ورجال فلسطين إلى مجرد حُراس للبيت الصهيوني، حيث يحلوا لهم ممارسة الرذيلة والدعارة تحت حماية السلاح الفلسطيني الذي حاربهم في شتى المناطق وأذلهم، لكن بفضل مصطلح لا وجود له في القاموس العربي تحول البطل إلى حارس لعدوه وعدو لمن حمل السلاح بجانبه.

التنسيق الأمني  الذي صنع العديد من الجواسيس والعملاء ليس مقدساً بل خيانة كبرى لأنه يحلل دم الأخ للغريب، كما ان الصهيوني لا يعترف بهذا التنسيق إلا لمصالحه، فهل تستطيع السلطة الفلسطينية مطاردة صهيوني يقتل فلسطينياً في الأراضي المحتلة، الجواب معروف وهو مستحيل، كون الجيش الصهيوني سيعلن النفير العالم ويقصف المقاطعة بكل ما فيها ويمسحها من الوجود، هذا لو تجرأ الرئيس أو أي من حاشيته على مثل هذا الطلب، فالعبد في نظر الصهيوني لا يحق له النظر في عيون سيده وعليه أن يكون خادماً فقط، وهو أمر إن تقبله رجال السلطة فإن رجال العز والكرامة في فلسطين يرفضونه حتى لو دفعوا أرواحهم ثمناً للدفاع عن كرامتهم، ولنا في جنين شواهد عدة على بطولات الرجال التي لن تنتهي ولن يُنهيها التنسيق الأمني، وكيف يذود الفلسطيني عن أخيه وكيف سلم البطلين نفسيهما حتى لا يتم تفجير البيت وقتل من فيه من نساء وأطفال، ليحموا الجميع بأرواحهم كما هي عادة الأبطال والأبطال فقط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى