ذكرى.. و ذاكرة حزينة / بقلم د. فلك مصطفى الرافعي* واضافة من حسن صبرا

النشرة الدولية –

خاص الشـراع

 

من فلك الرافعي الى والدها

المعلم الاديب العلامة مصطفى

وكلمة من حسن صبرا الى فلك

ومكرمة من فلك الى حسن صبرا

 

بين يَدَىّ الذكرى الثانية و العشرين لرحيل علاّمة عصره سيدي الوالد ، اقف حائرة من القلم الحرون الذي جفّ شريان مِداده ، و سال حبره المخزون من حرارة طقس الخوف ، و اختار الصمت المؤقت خلف ظل افتراضي للنبيّ زكريا بصومه عن الكلام لثلاثة أيام الا رمزا ، فقد استوطننا  من حملوا شباك صيد الفراشات بُغية صيد غيوم لمنعها من المطر ، و قد طال بنا الوقت بانتظار الفجر ، لعله نسيَ او هو رهن اعتقال بِشبهة الإنخراط في ( خطة التعافي المحظورة)، و كان عليّ أن احترم أنين الوجع في حضرة الحشرجة و من مقاربة  “الموت السريري “، في وقت لم يحصل الأمل بعد على تأشيرة دخول سياحية و ليس إقامة .

لعلي تجرّأت و تجرّعت استراحة من قلقٍ مضنٍ انك رحلت سيدي، و لحقت بك سيدتي في عصر ” أناقة المرض”،  لتوفر فرص العلاج , و كنتما من نزلاء مشافي (خمس نجوم ) لأن الدواء لم يسقط سهوا في لهاث البحث عنه ، بل سقط عنوة باستجرار موت مذل …

و على حياءٍ منك سيدي أن افرد صفحاتنا السوداء حتى لا تعكر صفو البرازخ الآمنة ،لكنه الوعد السنوي أن أقدّم (جردة حساب).  و أتساءل اليوم ، لو كان في عمرك فسحة ، و انت القاضي الأغرّ كيف كنت ستصدر احكامك في حق  من سحبوا حتى الخشوع في صلاتنا ، و عطّلوا عضلة اللسان في الدعاء ، و صار الحرّ  يحاول انتزاع حقه من انياب الضواري استئناساٌ لقول الصحابيّ ابي ذر الغفاري (عجبت ُلمن لم يجد قوت يومه كيف لا يخرج إلى الناس شاهراٌ سيفه ).

و اعود إلى ذكرياتك آخر ايامك الوديعة ، و انت تحكي عن دلتا/ النيل ، و تعرّجُ مقاربة إلى دلتا/ طرابلس التي رفدت  شريانها الاقتصادي بما يؤهلها لصدارة المدن العريقة .

و ثلاثية الدلتا الطرابلسية هي باب التبانة (سوق الذهب ),و ( مصانع البحصاص )حتى تخوم بلدة القلمون و (الداون تاون الطرابلسي)  منطقة التل ، و كل فرع من الدلتا يضجّ بالمصانع و المقاهي و الفنادق و الصناعة و التجارة ، حيث انتفت البطالة من المدينة . و كانت الفيحاء درّة الشرق و لؤلؤة البحر الأبيض المتوسط ، و مع قول الدكتور ابراهيم ناجي وبتوقيع صوت ام كلثوم ” كان صرحاً فهوى”  …

حقاً أن البلد بكل تفاصيله يعاني الخوف والجوع و انهيار عملته الوطنية و فقدان الدواء و الغذاء و حليب الأطفال….

و حقاً أن جنازة ايّ فقير تتطلب جمع تبرعات بالدولار لدفنها او وأدها و الأمر سيّان …

فالكثير يموت مجانا كعرضٍ استثنائي للتوفير ..و لكن طرابلس يا سيّدي صارت “فرجة”  ليس على ارثها و تراثها بل لأن أهلها اضحوا كمحمية الهنود الحمر ،لأخذ صورة سيلفي مع بقايا السكان الأصليين !!!

صارت مدينة “مع وقف التنفيذ”  ، او عادت إلى ما قبل لبنان الكبير و إلى حالة (مكتوم القيد ) و بانتظار رفع العقوبات الداخلية والخارجية.

صارت دلتا طرابلس جافة ، عقيمة ، معزولة و شبيهة بأدغال أمازون البرازيل و الإنسان البدائي الاول، و تعيش تحت وطأة الاشاعات و التخويف و التدعيش …

… نحن على أبواب (الاربعون الباقية ) من ولاية وويلات ننتظر  ملك الهكسوس في عهد خارج نظام الفراعنة ، و رؤياه هل يتبنى من جديد تأويل النبي يوسف لنفس السنين العجاف و الخوف من التمديد و التجديد ؟ ام يلجأ في ساعة تخلٍ إلى تأويل إخوة يوسف و بقاء حزن البئر او البيع مجددا في سوق النخاسة ،  فلا سنابل تولد في الوقت الإضافي،  و تغييب لإمرأة العزيز و نسوة المدينة ..؟

نبتهل سيدي لعودة مفترضة لطائر الفينيق يصحو من خمرة الرماد ، و يضرب بجناحيه مماحكة  الوسيط الدولي آموس هوكشتاين ليبقى (مالنا لنا) و تبديد نوايا سرقة العصر من مخزون فيه براءة لوجع البلد .

اثقلت عليك سيّدي الوالد ، و اختم بقفلة من قصيدة أبي فراس الحمداني ” اراكَ عصيّ الدمع ” …

تساءلني : من انتَ؟   قتيلُك ،

قالت : ايّهم فهُمُ ُكُثرُ  …

نعم، الكثير قتلنا و نحن زورا على قيد الحياة تحت رتبة؛  (شاهد شاف كل حاجة ) ..

…لو كنت حيّا يا سيدي كيف ستقضي وتقاضي ؟

معذرة!!

 

واضافة من حسن صبرا*

 

يا ملكة الادب والتعبير والقلم يا فلك

بتنا ننتظر قلمك وما يخط كمن يتشوق للشوق نفسه ، وقد اضحى هو المنتظر

كنت اتحدث مع اخي وحبيبي الحاج احمد درويش اليوم عنك ، فقلت له ان فلك وتجسيد قلم والدها الراحل في الادب والمعرفة ،تذكرني بعلاقة هدى جمال عبد الناصر بوالدها القائد والزعيم ، حين اختصها بأن تكون امينة على وثائقه ، وها هي تنهل منها ما يثري حاجة الامة كلها الى الحقائق والمعرفة

هذه انت ايتها الاديبة الامينة على تراث والدك الاديب والعالم والمفكر … ولا نملك ونحن نقرأ كتاباتك إلا التقدير والاحترام وقد اعطيت للوفاء معنى ومبنى فإلى المزيد من اجل الادب والمعرفة وإثراء الوجدان بالمعاني الجميلة

 

 

وردّ من د فلك الرافعي*

 

دمت لي أستاذا و مرشدا و مذكّرا بمعاني بر الوالدين … حمل رسالة  مصطفى الرافعي أمانة غالية ، و حمل الثناء منكم ليست بالغيوم العابرة بل بالغيوم الماطرة بالغوث و الرواء…

احمل في ثنايا ضميري قيمتكم و قامتكم الراقية في حضانة قلمي الذي حمل دائما رسائل الشكر و المودة و الامتنان لمعلّم الأجيال *استاذنا حسن صبرا* …

زر الذهاب إلى الأعلى