إصلاح السلطة التشريعية
بقلم: مبارك فهد الدويلة
النشرة الدولية –
جاء البيانان اللذان صدرا من مجموعتين من النواب السابقين والنواب الحاليين، ليكشف لنا وجود خلاف في طريقة تناول الشأن السياسي! فجاء بيان عدد من نواب المعارضة، أو ما يسمى بكتلة 31، في توقيت تم التحذير من إصداره فيه من بعض نواب الكتلة نفسها! فالأغلبية النيابية المعارضة حذرت بعض زملائها من إصدار بيان تصعيدي في هذا التوقيت، خوفاً من تأثير ذلك على مسار بعض التفاهمات، التي تجري على نار هادئة في موضوع العفو! خاصة أن لهم تجارب سابقة ومذاقها مرّ في مثل هذا الأمر، حيث أصدر بعض النواب في فترة سابقة تصريحات تصعيدية تمس شخص رئيسي السلطتين التشريعية والتنفيذية، في وقت كاد ملف العفو أن يغلق! مما أرجع الموضوع إلى المربع الأول! واليوم نعيش الأجواء نفسها وبتفاؤل كبير، لكن صدور مثل هذه التصريحات الاستفزازية التي صاحبت بيان عدد من نواب الأغلبية لن يكون لمصلحة هذا الملف، مما يزيد من معاناة أبنائنا في الخارج، وهم الذين بسبب دفاعهم عن الأموال العامة وبسبب محاربتهم للفساد ومواجهتهم لزبانيته أصبحوا مهجرين عن ديارهم وأبنائهم! لذلك أصدر هؤلاء المهجرون بياناً آخر عبّروا فيه عن عتبهم على هذا التهور وضيق الأفق في معالجة الأمور، طبعاً إذا أخذنا جانب حسن الظن وتركنا نظرية المؤامرة!
صحيح أن العمل السياسي له مبادئ وثوابت لا يجوز أن نحيد عنها، كالالتزام بالدستور والمبادئ الدستورية، واحترام الرأي الآخر وغيرها، لكن المرونة في العمل اليومي والتغيير في أساليب العمل والتنقل بين المعارضة الشرسة والمعارضة الهادئة ولعب الأدوار المتباينة، هذه كلها أمور جائزة في العمل السياسي ولا تعيب أصحابها! لذلك التفاهم مع الحكومة لتحقيق مكسب شعبي ووطني أو لتحقيق وعد انتخابي وعد النواب به ناخبيهم، هذا التفاهم لا غضاضة فيه ما دام لا يخل بالمبادئ الدستورية!
كثير من النواب لم تسعدهم نتائج انتخابات مكتب المجلس واللجان البرلمانية في الجلسات الأولى للمجلس، وحاول هذا الكثير تغيير الواقع بشتى الطرق المتاحة، لدرجة تم تقديم كتاب عزل الرئيس في محاولة لتحقيق مرادهم، لكن كل هذه المحاولات المشروعة لم تحقق المطلوب لأصحابها، لذلك سعى البعض إلى التصعيد مستغلاً خطأ غير مسبوق بتحصين رئيس الوزراء من أي استجواب مستقبلي وبقرار من مجلس الأمة (!!)، مما جعل التصعيد لمواجهة هذا الإجراء الخاطئ مقبولاً عند الكثير، ورأى هذا البعض أن هذا أحسن فرصة لتغيير الرئيسين بالضغط وتعطيل الجلسات، مما قد يؤدي الى حل مجلس الأمة والدعوة لانتخابات جديدة، وهنا تتجدد الفرصة لإحداث التغيير المنشود!
لا نعيب على أحد أسلوبه في العمل لتحقيق أهداف مشروعة يسعى إليها، لكن المبادئ الديموقراطية تتطلب القبول بنتائج الانتخابات مهما كانت مرّة! واعتبارها أمراً واقعاً نعمل من خلاله! لذلك تضييع محاولات العفو لأنها تدعم استقرار المجلس واستقرار تشكيله الإداري، مما يضيع فرصة التغيير، الذي أصبح أولوية على ما سواه من برامج وقوانين ينتظرها الشعب، هو أمر لنا عليه تحفّظ!
حان الوقت لنواب الأغلبية للحديث بشفافية ووضوح مع إخوانهم في الكتلة، إذ لابد من حسم موضوع الأولويات عندهم، هل تغيير الرئيسين أولوية على ما عداها؟ أم هناك قضايا لابد من إنجازها أولاً ثم التفكير بغيرها؟!
هذا التفاهم يؤدي الى إصلاح العلاقة بين النواب جميعهم، ويحقق لجميع الأطراف مبتغاهم عاجلاً أم آجلاً، إذا وجدت النية الصادقة في الإصلاح بعيداً عن التشفي والانتصار للذات!