الوقود الإيراني الآتي على ظهر الصهاريج من خلف الحدود كاد أن يشعل جلسة ثقة حكومة لبنان الجديدة!
النشرة الدولية –
لبنان 24 – نوال الأشقر –
على عكس الجلسة النيابيّة الصباحية الهادئة نسبيًّا، باستثناء سجال الفرزلي- باسيل على خلفية اتهام الأخير نوابًا بتهريب أموال، ونعت الخازن لباسيل بالجبان لعدم التسمية، ارتفع منسوب السخونة السياسيّة في الجلسة المسائية.
فتيل الوقود الإيراني الآتي على ظهر الصهاريج من خلف الحدود، كاد أن يفجّر جلسة الأونيسكو أكثر من مرّة، لولا عناية الإطفائي رئيس المجلس نبيه بري واستعانته بالممحاة البرلمانية الشاطبة للعبارات التي استفزّت كتلة “الوفاء للمقاومة”، فانبرى نائبها علي عمار يكرر عبارة “يا عيب الشوم” لكلّ نائب تسوّل له نفسه انتقاد صهاريج الوقود، سانده في ذلك، زميلاه أمين شرّي وإيهاب حمادة، وإن بردود أقلّ حدّة.
عنوانان طبعا الجلسة المسائية، الأول تصفية الحسابات بين تياري “المستقبل و” الوطني الحر”، والثاني سجال الوقود الإيراني، لدرجة أنّ معظم النواب الذين تعاقبوا على الكلام مساءً، تطرقوًا نادرًا إلى البيان الوزاري للحكومة، وغالبًا إلى استقدام المحروقات من إيران خارج إطار الدولة.
في هذا الإطار سُجّل كلام عالي السقف للنائبة رلى الطبش، قصفت خلاله جبهتي بعبدا والضاحية في الوقت نفسه، عندما تحدثت عن “ثقة تنزع الشرعية عن صهاريج عابرة للحدود تملأ خزانات دويلة حرقت أنفاس الدولة، وعندما سألت “لماذا لم نسمع موقفًا سريعًا من الدولة تجاه الصور المنفرّة واحتفالات النصر بعبور الصهاريج؟”.
لم يكن الرئيس بري ليعطي الكلام للنائب عمار الذي حاول مقاطعة الطبش ولم يفلح، لكنّ الأخير وبعدما أنهت نائبة المستقبل كلمتها، أصرّ على الرد، إذ “لا يصح حين تتخلّى الدولة عن مسؤولياتها في توفير مقوّمات الحياتية لكل الناس، ويقوم طرف من الاطراف بمبادرة إنسانية بحتة ان يتنطح أحد ويقول “إنّنا حرقنا انفاس البلد، من حرق انفاس البلد هو من اعتمد السياسات الريعية”، أمّا النائب أمين شري فقال “بهذا الوقت تُوزّع المحروقات لدار العجزة الأسلامية”.
بدا واضحًا أنّ نائبي “المستقبل” رلى الطبش وهادي حبيش صاغا كلمتيهما المسائية ردًّا على كلمة باسيل الصباحية. والهجوم الأعنف قادته الطبش ضدّ “جنرال أضاع البوصلة فأراد ترتيب التاريخ من جديد، ومرة أخرى على حساب العيش المشترك”، وإن كان باسيل قد أكّد في كلمته الصباحية على تمسّكهم بالتدقيق الجنائي، ردّت الطبش بمطالبة “المستقبل” بوجوب أن يبدأ التدقيق الجنائي “من الـعام ١٩٨٩ ليكون الابراء كامل الذمّة، من أجل زملائنا في التغيير والإصلاح”. لتختم داعيةً الى الله “بأن يكون العزم عند رئيس الحكومة كافيًا لتحمّل أثقال مشيئة الرئيس، ورغبات حاشية الرئيس وفتاوى المستشارين”
سجال “السيادة” اندلع كذلك بين نائبي “الجمهورية القوية” جورج عدوان وانطوان حبشي من جهة والنائب عمار من جهة ثانية، “إذ لا يمكن لأيّ فريق أن يستبيح الحدود فتمر الشاحنات خارقة السيادة، كما لا يمكن لفريق أن يصادر قرار الدولة في السلم والحرب” وفق توصيف عدوان. وتفاديًا لتفجير بدا النائب عمار على أتمّ الإستعداد له، تولّى بري الرد على عدوان “ما في مرة كان في مقاومة من دون الجيش والشعب والدولة”. انتقاد مماثل لحبشي من باب صهاريج المازوت، فطلب بري منه تخفيف اللهجة الإنفعالية بالقول: “خلينا نخلص هالجلسة الله يرضى عليك”، أمّا النائب إيهاب حمادة فتصدّى لحبشي قائلًا ” ضووا بدير الأحمر من المازوت يلي جبناه”.
كتلتا “الجمهورية القوية” و”لبنان القوي” لم تفوّتا بدورهما فرصة المنبر البرلماني والكلمات المنقولة على الهواء مباشرة، لتوجّها خطابًا انتخابيًّا إلى الناخب المسيحي، لزوم المعركة غير البعيدة، ولو أنّ المناسبة هي لمناقشة البيان الوزاري ومنح الثقة للحكومة، لكن غاب عن بال نواب الكتلتين المتصارعتين، أنّ انقطاع التيار الكهربائي حال دون وصول رسائلهم إلى حيث أرادوا. من تلك الرسائل ما قاله باسيل خلال تطرّقه إلى موضوع القيادي في القوات إبراهيم الصقر “مخزّن فيول ونيترات أخطر من انفجار المرفأ ويختبىء وراء العذراء ومار شربل ليتهم التيار بحرمان الناس من المحروقات، ويهرب ونوابه بكل وقاحة يهاجموننا ليغطوا جريمتهم”. تولّى الرد النائب جورج عقيص تاركًا الأمر بعهدة القضاء “النائب الذي تكلم عن إبراهيم الصقر ومن يغطيه، مفروضة عليه عقوبات، ونحن أمامنا مساران، ولنترك للقضاء الكلمة”.
بدا من خلال كلمات النواب وتبادل الرسائل في ما بينهم، أنّ المعركة الإنتخابية افتتحت على مصراعيها بدءًا من جلسة الثقة، وأنّ الخطاب الإنتخابي سيتركّز في المرحلة المقبلة على تبادل الإتهامات بتعطيل المؤسسات وانتهاك سيادة الدولة. علمًا أنّ ما وصلنا إليه في المجالين السيادي والمالي، كان بظلّ حكومات وتسويات عقدها حلفاء الأمس -أخصام اليوم. ربما هذا المشهد النيابي دفع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى التعليق ” هل يصلح العطّار ما أفسد الدّهر.