وزير خارجية فيسبوك لا يدافع عن سكان الإمبراطورية
بقلم: كرم نعمة

النشرة الدولية –

إنكم جميعا سكان الإمبراطورية الرقمية الأضخم عبر التاريخ تعرفون وزير خارجية فيسبوك نيك كليغ، لكن للأسف الغالبية من سكان هذه الدولة البالغ تعداد أفرادها ثلاثة مليارات مستخدم، لا يبالون كثيرا، بينما كليغ يستميت في الدفاع عن خيارات الشركة أكثر من دفاعه عن السكان!

في أوج أزمة فيسبوك عن التسريبات وانعدام الخصوصية، استعان المرشد الأعلى لفيسبوك مارك زوكربيرغ، بالسياسي البريطاني ونائب رئيس الحكومة الأسبق في زمن ديفيد كاميرون، ليكون في منصب أطلق عليه نائب رئيس فيسبوك للشؤون العالمية، هي في حقيقة الأمر وظيفة بمثابة وزير خارجية في الشركة العملاقة.

ولأن كليغ عرف لعبة “أفندية الوايتهول” في بريطانيا، فهو يمتلك درجة دبلوماسية مرموقة تؤهّله للدفاع عن الشركة الغارقة في الظلام والدخول على الجدل المستمر لأنها في النهاية لا تمثل أكثر ما كان يعتقد وما يعتقد، وما حدث وما يكون قد حدث بالفعل أو سيحدث، أو ما يتوق له الرأي العام.

ثمة معركة سياسية وتجارية كبرى بدأت الحكومات تنتبه لها بعد ارتفاع مطالب تهديم أعمدة المعبد على مشيّديه. فيسبوك لا تكتفي بربط العالم بوصفها أداة للتواصل، بل إن عملاق مواقع التواصل الاجتماعي لا يتردد في السعي إلى حكم العالم والتأثير على مزاج الديمقراطيات والقوانين والبنوك، وإثارة النزعات العنصرية والطائفية وترويج الأخبار الملفقة.

هذا الأسبوع عبر وزير خارجية فيسبوك عن استيائه مما كتبته صحيفة وول ستريت جورنال، متهما الصحيفة الأميركية بتعمّد كتابة التوصيفات الخاطئة عند الحديث عن فيسبوك.

ويعبر كليغ عن استغرابه الشديد من كون الصحف تكتب على شركة فيسبوك بأنها على دراية بالتأثيرات السلبية لبعض منتجاتها.

وقال نائب رئيس الوزراء البريطاني الأسبق إن تقارير الصحيفة احتوت على “توصيفات خاطئة ومتعمّدة لما نحاول القيام به، والتحدث عن دوافع كاذبة بشكل فاضح عن قيادة وموظفي فيسبوك”.

كما ترون، وكما في الاستياء السياسي، يعبر نيك كليغ عن ازدراء الصحافة، وهي تكتب على الشركة التي باتت تكسر الحقائق في كل ما يحدث، ليصبح الانطباع السائد هو عالم ما بعد الحقيقة بقيادة فيسبوك، فإن لم يكن هناك ما هو صحيح، يمكن لكل شيء أن يكون كاذبا في عالم التواصل الاجتماعي!

لقد سبق وعلقت كارا سويشر المختصة بالترميز الرقمي والكاتبة في صحيفة نيويورك تايمز، على جملة الرئيس الأميركي جو بايدن “إنهم يقتلون الناس”، في إشارة إلى أخبار فيسبوك المضللة عن لقاح كورونا، كانت تقول إن الأمر يحتاج إلى نقطة نهاية السطر! وهي تعبر عن اعتقادها بأن حقيقة الأمر تكمن بأن فيسبوك يعمل بمثابة بوابة لكلّ المعلومات الزائفة والصحيحة، غير أن سيول الأكاذيب تؤكد لنا أن زمام قيادة الإعلام بأيدي فيسبوك، مثلما تعيدنا إلى الجملة الشهيرة المختلف على قائلها “يمكن للكذبة أن تجوب نصف العالم، بينما الحقيقة ما تزال ترتدي حذاءها”.

ببساطة، إن تقرير صحيفة وول ستريت جورنال قد أشار إلى أن حرص خوارزميات فيسبوك على الاعتدال يركز على الساسة والمشاهير أكثر من الجرائم التي تمارسها العصابات وتجار المخدرات لنسف المجتمعات، فهذا المحتوى متاح بسهولة مع أن ضرره يفوق الضرر الذي تهتم به الشركة عندما يتعلق بالساسة. لكنّ ردّ وزير خارجية فيسبوك وصف تلك القضايا بالخطيرة والمعقدة وأن إدارة الشركة تحاسب بشكل دائم على طريقة التعامل معها.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى