رسالة من طبيب في زمن الإنهيار والإرتفاع الفاحش في الأسعار

النشرة الدولية –

نحن نعرف جميعاً ان امراض القلب والشرايين وهي الأخطر على الإنسان ترتفع نسبة الإصابة بها بعد عمر ال ٤٥ سنة عند الرجال وعمر ال ٥٥ سنة عند النساء. ونعرف ايضاً ان لها عوامل مُسبّبة معروفة جداً منها ما يُمكن التحكّم بها مثل نمط الحياة كالتدخين وإرتفاع الضغط الشرياني ومرض السكّري وارتفاع الدهنيات والبدانة وقلّة الحركة او الرياضة وغيرها، ومنها ما لا يُمكن التحكّم بها كالتقدّم بالسنّ تحديداً والعوامل الوراثية التي كنّا قد فصّلناها في مقالات ومنشورات سابقة.

بعد الأزمة الإقتصادية، المالية، النقدية، الإجتماعية والمعيشية التي عصفت بلبنان، تدهور وضع القطاع الصحي والإستشفائي والصيدلي فيه بشكلٍ مهول، بحيث اقفلت معظم الصيدليات ابوابها وهاجر عدد كبير من الأطباء المشهود لهم بالكفاءة والمستوى العلمي الرفيع واقفلت بعض المستشفيات ابوابها وتردّت الخدمات في كل المستشفيات المتبقّية، لأسباب معروفة جداً من اهمها إنقطاع الكهرباء والمازوت وإرتفاع اسعار المستلزمات الطبية وفقدان وإنقطاع معظم انواع الأدوية خاصة تلك المستوردة وخاصة ادوية الأمراض المُزمنة والمستعصية او تلك الأساسية لأبسط انواع العمليات التشخيصية والعلاجية.

وقد جاءت جائحة الفيروس “التاجي الصيني كور ونا ” ومع ما تسبّبت به إصابات وصلت لتاريخ اليوم الى حوالي ٢٤٥ مليون إصابة عبر العالم، وما ادّت اليه من آثار صحية وخسائر هائلة في الأرواح وفي الإقتصاد على مستوى لبنان وكل دول العالم، لكي تزيد من تعقيدات كل المشاكل السابقة وتحوّل واقع القطاع الطبي في لبنان الى جحيم بعد ان اوصلته اصلاً الأوضاع الإقتصادية والمعيشية الكارثية الى الدرك الأسفل من جهنم للأسباب التي شرحتها في مقالات سابقة ايضاً.

لذلك ولأنني عوّدتكم دوماً على السعي لنشر ثقافة الوعي الصحي والطبّي بكل الوسائل المُمكنة بهدف التخفيف عن اهلنا وشعبنا في لبنان وفي كل العالم العربي، أضع اليوم بين ايديكم هذه النصائح التي آمل ان تكون مُفيدة لكم في هذه الظروف العصيبة، خاصة وان معظم الأفراد غير قادرين حالياً على زيارة الطبيب لأسباب قد تكون مادّية وما شابه ( عدم توفّر كلفة معاينة الطبيب وإجراء الفحوصات والدخول الى المستشفيات!) او بسبب إنقطاع مادة البنزين والظروف القاهرة التي تمرّ بها البلاد.

وقد يقول البعض ان بعض هذه البنود اصبح مستحيلاً في لبنان في زمن الإنهيار وغلاء الأسعار وانتشار البطالة وتدنّي القيمة الشرائية لليرة اللبنانية ولكن علينا ان نحاول ونحاول ونحاول… لأن اليأس يقتل الإنسان وعلينا ان نُحافظ على جرعة الأمل بالخلاص دوماً وابداً…

 

وبشكلٍ مُختصر وسريع واذا كنتَ رجل عمرك اكبر من ٤٥ سنة او إمرأة عمرها اكبر من ٥٥ سنة فعليكم بما يلي:

 

– اوّلاً:

القيام بالأمور التالية:

(1) مُراقبة ضغط الدّم بشكل دائم وإستشارة طبيب اذا امكن اذا كان لديك الإمكانية خاصة اذا كنت تشكو من ارقام مُرتفعة من الضغط الشرياني فوق 145 للضغط “العالي” او “الإنقباضي” وفوق ال 85 ملم زئبق للضغط “الأدنى” او “الإنبساطي”، او اذا كنت تشكو من اعراض او علامات مثل الصداع الدائم والدوخة وضيق النفس او الم الصدر او إضطراب في ضربات القلب.

(2) مُراقبة نسبة السكّر في الدم وعلاج هذا المرض الفتّاك للأسف لأنه مُؤذي جداً للشرايين الصغيرة والكبيرة وهو يتسبّب بمرض تصلّب الشرايين التاجية للقلب وبالتالي بالذبحات القلبية وهو العدو الأول للقلب ولكل الشرايين الدماغية ويتسبب بالجلطات الدماغية وغيرها وشرايين الأطرف حيث قد يُؤدَي للبتر والى إصابة الشعيرات الشريانية والشرايين الصغيرة في العيون والكلى والأعصاب حيث له آثار كارثية.

(3)مراقبة مستوى الدهنيات والشحوم الثلاثية في الدم خاصة اذا كان هناك سوابق مرضية عائلية لإصابات مُبكرة بأمراض القلب والشرايين في العائلة.

(4)ايقاف التدخين فوراً او تخفيض كمية السجائر المُدخّنة الى اقل عدد ممكن. كذلك تخفيف الوزن خاصة اذا كانت هناك بدانة مرضيّة”او زيادة مُفرطة في الوزن وذلك عبر نظام غذائي صحيً سليم والقيام بالتمارين الرياضية ولا مانع من اللجوء الى العمليات الجراحية لتصغير المعدة او لإجراء تحويل في المصران في حال عدم نجاح الخطوات السابقة.

 

-ثانياً:

سبعة أشياء قلّلها إلى الحد الأدنى وقدر المستطاع:

(1) الملح لأنها العدو الأول لمرض إرتفاع الضغط والقصور او كسل عضلة القلب.

(2) السكر لأنه يُؤدّي لزيادة الوزن ولتفاقم حالة مريض السكري ولإرتفاع الشحوم الثلاثية في الدم.

(3) اللحوم والأطعمة المحفوظة لأن فيها كميات كبيرة من الملح وهي تُفاقم حالة مرضى القلب بشكل عام.

(4) اللحوم الحمراء لأنها دسمة جداً وتؤدي الى ألبدانة والى ظهور مرض النقرص والى ارتفاع الدهنيات في الدم والى ظهور اضرار في وظيفة الكلى. وننصح بإستعمالها او تناولها مرّة او مرتين في الأسبوع على اكثر حدّ.

(5) مُنتجات الألبان خاصة الدسمة منها لأنها تؤدي الى ارتفاع الدهنيات في الدم والى البدانة.

(6) المنتجات النشوية لأنها تُفاقم من حالة مريض السكري وتؤدي الى تدهور حالته والى ارتفاع الدهنيات ايضاً.

(7) المشروبات الغازية لأن لها اضرارا صحية كبيرة خاصة وانها فيها الكثير من السكاكر والوحدات الحرارية مما يؤدي الى البدانة. ويوجد في بعضها منبّهات ومنشّطات كثيرة قد تزيد في ضربات القلب وتتسبب في ظهور إضطربات في ضربات القلب وقد تكون مُؤذية جداً على هذا المستوى خاصة عند مرضى الضغط الشرياني او عند من يُعانون من مشاكل واضطرابات في كهرباء القلب.

 

ثالثاً:

ثلاثة أشياء اكثر منها في طعامك

(1) الخضار / الخضروات لأن فيها الياف وفيتامينات كثيرة تحمي من امراض القلب خاصة عن طريق تخفيض الدهنيات في الدم.

(2) الفاكهة الطازجة للأسباب ذاتها التي قلناها عن الخضار وخاصة بسبب وجود الفيتامين (C) المُضاد للأكسدة.

(3) المُكسّرات النيّئة او المُحمّصة على البخار دون إستعمال زيوت كثيرة لتحضيرها لأنها تحتوي على مواد مفيدة حداً للصحة خاصة لأنه تُؤمن “الحوامض الدهنية غير المُشبعة”.

 

رابعاً:

ثلاثة أشياء تحتاج إلى نسيانها:

(1) عمرك لأن ما مضى قد مضى ولا حاجة للقلق الدائم وللتفكير فيما مرّ من عمرك ولذلك عليك ان تحاول ان تستغلّ كل ساعة بقيت من حياتك في سبيل تحسين ظروف حياتك الشخصية والمهنية والإجتماعية والإقتصادية. والقلق والتوتر والإكتئاب هم ثلاثي جهنمي يُؤدّون الى اضرار قلبية جسيمة إضافة الى تأثيراتهم على صحة الإنسان بشكل عام.

(2)ماضيك لأنك لن تستطيع تغييره مهما فعلت ومهما فكّرت به ولأن ما حدث قد حدث، ولذلك حاول دوماً فقط ان تستخلص الدروس والعبر من التجارب الماضية لعدم الوقوع فيها مرّة اخرى.

(3) من ظلمك وهنا انصح بما يقول به الدين السماوي

بأن ربّ العباد وخالقها سوف يحاسب الظالم ولو بعد حين.

 

خامساً:

أربعة أشياء يجب أن تكون لديك، بغضّ النظر عن مدى قوّتك او ضعفك

(1) الأصدقاء الذين يحبونك حقّاً وحتى لو كان عددهم ضئيل جداً خاصة في هذه الظروف الحياتية والإجتماعية الصعبة حيث اصبحت الصداقة الخالصة عملة نادرة لا يمكن ابداًً ان نحصل عليها بسهولة بسبب إنتشار حالات الحسد والأنانية والنميمة والبغضاء.

(2) رعاية الأسرة لأن رعاية الاسرة والإهتمام بها هي من اهم مقوّمات نجاحك في إنطلاقتك نحو المجتمع ولنجاحك في اية مسؤولية مهنية او عملية او في الشأن العام. إذ لا سعادة ولا نجاح في المجتمع اذا لم تكن نقطة الإرتكاز الأسرية صلبة، قوية وقائمة على إلرعاية والإهتمام والمشاركة الكاملة مع الشريك والتشاور معه ومع البالغين والراشدين من الأبناء والأخوة والأخوات والآباء.

(3) الأفكار الإيجابية، بحيث يجب ان تبتعد دوماً عن الأفكار السوداوية والقلق والإكتئاب كما شرحنا سابقاً ويجب ان تحاول ان تكون ايامك كلها مليئة بالطاقة الإيجابية وبالأفكار البنّاءة وعدم السقوط في الإحباط والإرتباك.

(4) منزل بعيد عن المشاكل وهذا ما ذكرته سابقاً عن ضرورة وجود حياة زوجية وعاطفية وجنسية مستقرّة خالية من اي مصدر للقلق لأن منزلك هو نقطة إرتكازك الأول ومنه الإنطلاقة نحو كل الآخرين.

 

سادساً:

خمسة أشياء تحتاج إلى القيام بها للحفاظ على صحتك

(1) الصيام مرة او مرتين في الأسبوع اذا امكن او بوتيرة اقلّ اذا لم تكن قادراً لأن الصيام علاج لعدد كبير من الأمراض وله فؤائد صحية لا تُعدّ ولا تُحصى على معظم اعضاء الجسم خاصة في الوقاية من بعض انواع السرطان وامراض القلب وتحسين الحالة النفسية.

(2) الابتسامة الدائمة والضحك وهما ايضاً مفيدان جداً للصحة على عدّة مستويات ويُساعدان في تخطّي الواقع الأليم والماضي الحزين ويحسّنان الحالة النفسية بشكل كبير حداً.

(3) تنظيم الرحلات (سافر ثم سافر ثم سافر) لأن في السفر فؤائد عدّة من اهمها إكتشاف الحضارات والبلدان الجديدة، الإسترخاء والإستمتاع بطبيعة البلدان التي تزورها، كثر الروتين وتفريج الهموم وتكوين صداقات جديدة وما الى ذلك أو القيام برحلات داخل بلدك

(4) التمارين الرياضية( اقلها المشي) لما لذلك من فؤائد هامة جداً على القلب والشرايين والضغط الشرياني والسكري والدهنيات وهشاشة العظم وتقوية العضل والإسترخاء وعلاج التوتر والقلق والإكتئاب.

(5) تقليل وزنك وهو كما الرياضة مفيد لأسباب متعددة اهمها لتخفيف الضغط الشرياني ولتحسين قدرة القلب وحالة مرض السكري والدهنيات في الدم.

 

د طلال حمود – طبيب قلب وشرايين منسّق ملتقى حوار وعطاء بلا حدود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button