شهداء العز يرتقون .. والخانعون يركعون ويُذلون
بقلم: صالح الراشد

النشرة الدولية –

الله أرحم بهم من قهر الغريب والقريب، الله أحن عليهم من قريب يتجهمهم ومن بعيد ملكه أمرهم، الله يأويهم حين أدار لهم معظم العرب والمسلمين ظهورهم، الله عونهم وسندهم في وقت رفض البعض أن يقدم لهم العون والمساعدة، الله يُعلي شأنهم في وقت سقط عرب في غياهب التبعية، الله يحميهم حين باعهم القريب والبعيد وتخلوا عنهم، الله في جنانه يُسكنهم بعدما هُدمت بيوتهم وشردت عائلاتهم، الله وحده من سيجعل السجن عليهم برداً وسلاما فيما عالم الخنوع سيردد دوماً لم لا تلتزموا، وتتركونا نفاوض ونفاوض حتى نجعلهم يملوا ثم يوافقوا، ثم يكذبون ويكذبون ظانين أننا سنصدقهم، وبالذات حين صرخ كبيرهم الذي علمهم السحر إبقوا في أقبية العدو حتى نخرجكم بطريقة قانونية، وهنا نتساءل هل احتلالهم لفلسطين قانوني، ربما أقول ربما هكذا يؤمن الكبير.

خمسة شهداء ارتقوا لبارئهم، تركوا الأرض بضيقها وذهبوا إلى فرج الله وسعة عرشه ورحمته، غادروا قبل أن يحين وقت وداعهم فأمطروا العيون دموعا، فأسامة صبح حيث تُشرق الشمس احتفل بعيد ميلاده مع خطيبته قبل استشهاده بيوم، وكانا يستعدان للزفاف بعد شهر، لكن الأسد استعجل الزفاف مع تغيير العروس ليزف كصحابة رسول الله للحور العين في جنات النعيم، أما أحمد زهران فقرر أن يستمر على طريق عمه وجده اللذين ارتقيا شهداء دفاعاً عن فلسطين، ويوسف صبح فتىً وأي فتىً اضاعوا ليوم كريهةٍ وسِدادِ ثـَغْـر، وحيد لخمس شقيقات قابل الموت ببسمه والفراق بدمعة، وتبعهم على درب الشهادة محمود حميدان وزكريا بدوان.

أي شعب هذا الذي لا يهزمه الموت ولا يقهره، أي شعب هذا الذي يبحث في زقاق الحياة عن سعة الشهادة، وأي شعب هذا الذي يهرب من ذل الحياة إلى حرية السماء، هذا هو الشعب الفلسطيني الذي لا يستسلم ولا ينحني حتى لو ركع العالم أجمع، فاليوم خمس شهداء وقبلهم الالاف وبعدهم الكثير، فهذا وطن وحرية وثمنهما غال ونفيس، لذا لا يضرهم من خالفهم ومن غدر بهم سواء أكان من جلدتهم أو ينطق بلغتهم وحتى إن كان يتوجه لقبلتهم، فقد تعلموا الدرس الصعب بأنه لن يحرر فلسطين إلا أبنائها ولن تضيء شعلة الحرية إلا من دمائهم.

هذه فلسطين وشعبها المنقمسين بين أسير وشهيد ومشروع شهيد، وباحث عن الآخرة ومتمسك بالحياة يبيع جميع الشعب من أجل منصب، هذه فلسطين أرض الشهادات والبطولات والمعجزات والخيانات، فالشهادة والبطولة تصنعها الأرض والغيرة على فلسطين، والخيانة غُرست في البعض حتى أورقت مناصب تجاوزت حدود الوطن السليب، فتم غرسهم في عديد الدول حتى لا تنهض فلسطين ولا يقف شعبها كالطود باحثاً عن حريته، ليثبت أن هؤلاء جميعاً جهلاء لا يعرفون المستقبل كونهم لم يقرأوا التاريخ الذي يُصر على بقاء الشعب وزوال المحتل الذي يحمل الرقم عشرين، وسيأتي غيره من بعده كون فلسطين مطمع كل غازي، ليبقى نهر الدم يتدفق حتى نهاية الكون الذي يختتم احداثه على شواطئتها بإنتصار ابنائها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button