في البرلمان اللبناني كباش بين نواب لجنة المال ومصرف لبنان على خلفية اقتطاع اموال المودعين
النشرة الدولية –
لبنان 24 – نوال الأشقر –
علم “لبنان 24” أنّ جلسة لجنة المال والموازنة أمس كانت ساخنة، ولم تخلُ من الصراخ الذي سُمِع خارج قاعة الإجتماع، على خلفيّة تمسّك مصرف لبنان بإبقاء السحوبات المصرفيّة الشهريّة وفق التعميم 151 على 3900 ليرة للدولار، على رغم الإجحاف الكبير الذي يطال المودعين. ما الذي حصل؟ وما هي حجج المركزي بعدم تعديل التعميم؟ وهل ستستجيب لجنة المال لرغبة المركزي والمصارف بمواصلة الهيركات على أموال المودعين بنسبة تصل إلى 80%؟
قبل حوالي شهر بدأت لجنة المال بمناقشة إمكانية رفع سعر السحوبات المصرفية من 3900 ليرة، خصوصًا أنّ التعميم 151 ينتهي مفعوله نهاية أيلول الحالي، لذلك طلبت من مصرف لبنان أن يقدّم دراسة حول القيمة المناسبة، والتي من شأنها أن ترفع الظلامة بعض الشيء عن المودعين. لكن وعلى رغم مرور ثلاث جلسات، تجاهل المركزي طلب اللجنة، ولم يقدّم أيّ دراسة، بل راح ممثله النائب الرابع لحاكم مصرف لبنان الكسندر موراديان يقدّم ذرائع لعدم تعديل السعر، وصفها عضو اللجنة النائب ياسين جابر بأنها واهية “سمعنا رأيًا سلبيًا وغير مرضٍ من قبل ممثل حاكم مصرف لبنان. ليس مقبولًا ما يفعله المركزي عبر التمادي بالهيركات على أموال المودعين طيلة سنة ونصف منذ صدور التعميم 151. كل الكتل أبدت استياءها من موقف مصرف لبنان، وكان هناك إجماع نيابي على وجوب وضع حدّ للتمادي في عملية إقتطاع أموال المودعين” قال جابر لـ “لبنان 24″.
علمًا أنّ موراديان في الجلسة الأولى، بدا متفهمًا لوجوب إجراء تعديل يخفّف من خسارة المودع، وقال للنواب في حينه ” الحق معكم، لا يجوز الإستمرار بذلك” لكن “يبدو أنّ تعليمات وصلته، جعلته يبدّل رأيه، كما أنّه لا يملك أجوبة على تساؤلات النواب” وفق ما كشفته مصادر مشاركة في اللجنة.
ما هي الذرائع التي قدّمها المركزي عبر ممثله؟
حجة المركزي كانت بأنّ رفع السعر من شأنه أن يحدث زيادة في حجم الكتلة النقدية. أجابه جابر “تجنبًّا لذلك، لا ترفعوا من سقف السحب بالليرة اللبنانية، بل خففوا من نسبة الإقتطاع المبالغ فيها بالدولار. فمن يأخذ مثلًا 3.900.000 ليرة لقاء ألف دولار من وديعته، فليبقى على نفس المبلغ بالليرة، لكن لقاء 400$ من وديعته بدل 1000$، بالتالي يبقى سقف السحب بالليرة على ما هو عليه، وعندها تنتفي حجة المصرف المركزي”. فكان جواب نائب الحاكم أنّ ذلك يسجّل خسارة على المركزي، عندها قال جابر”هذا يعني أنّ مصرف لبنان ماضٍ بتحميل كامل الخسارة للمودع، علمًا أنّ تعديل السعر من 3900 إلى 7000 ليرة مثلًا سيبقى هامش الهيركات يصل إلى 50%. ثم إذا كنتم خائفين على الكتلة النقدية، فسّر لنا لماذا عملتم على مدى ستة أشهر على محاولة دفع أموال شبكة الأمان الإجتماعية للناس بالليرة، لولا رفض البنك الدولي رفضَا قاطعًا، ألم يكن ذلك ليرفع من حجم الكتلة النقدية؟”
مما قاله نائب الحاكم في جلسة لجنة المال إنّ سعر الشيكات سيرتفع في حال تمت الزيادة، ما دفع جابر للقول “يبدو أنّكم مصرون على أنّ يخسر المودع الذي يملك وديعة بـ 100 ألف 84 منها، وهذا إجرام”.
ممثل جمعية المصارف عبد الرزاق عاشور لم يتحدث في الجلسة، إذ أنّ المصارف مرتاحة للوضع الحالي يقول جابر “بالنهاية تتآكل أموال المودعين، وما قلناه لهم في الجلسة، أنتم بذلك تضربون الطبقة المتوسطة وذوي الدخل المحدود، ومن كان يملك 100 ألف $ سيصبح فقيًرا بعد أشهر قليلة، بفعل حجم الهيركات الكبير من دولاراته، وهؤلاء هم الوحيدون المجبرون على السحب على 3900 بفعل حاجتهم للمال كي يعيشوا، إذ أنّ قسمًا كبيرًا منهم من المتقاعدين الذين لا يملكون أيّ مدخول سوى وديعتهم”.
جابر وصف إصرار المركزي على الإبقاء على 3900 بأّنه جريمة تُرتكب بحق المودع بكلّ وقاحة. وردًا على حضّ المركزي لهم لإقرار الكابتال كونترول، لفت أعضاء لجنة المال ممثل الحاكم، أنّ البند الأول في الكابيتال كونترول هو إلزام المصارف بأن تدفع للناس دولاراتها على سعر السوق الموازية.
جابر أكّد أنّهم ماضون في لجنة المال بسن قانون يلزم المصارف ومصرف لبنان بالدفع وفق سعر السوق، خصوصًا أنّ أسابيع قليلة تفصل المجلس عن بدء الدورة العادية، في حال لم يتمّ فتح دورة استثنائية. كما حمّلوا وزير المال يوسف خليل مسؤوليّة، وطرح جابر عليه سؤالين، في الأول طلب من وزير المال جوابًا حول ما إذا كانت إتفاقية التدقيق الجنائي التي وقعها، ستشمل التدقيق بمليارات الدولارات التي أُنفقت على مدى العامين السابقين على الدعم الذي لم يصل إلى الناس. والسؤال الثاني حول التعميم 154 الذي يلزم المصارف بزيادة رأس المال “بحيث انتهت المهلة المعطاة للمصارف منذ شباط الماضي “ومن حقّنا في لجنة المال أن نعرف من هي المصارف التي امتثلت لمندرجات التعميم ورفعت من رأس المال ومن هي المصارف التي لم تلتزم”.
منذ بدء الحديث عن إمكانية تعديل السحوبات المصرفية الشهرية وفق التعميم 151 المعمول به منذ 21 نيسان 2020، تأمّل المودعون خيرًا بإمكان التقليص من حجم خساراتهم التي تجاوزت عتبة الـ 80%. واضح أنّ مصرف لبنان إعتمد سياسة تقطيع الوقت، للوصول إلى نهاية أيلول، تاريخ انتهاء العمل بالتعميم. بموازاة ذلك أكثر “المحللون الاقتصاديون” من إطلالاتهم الإعلاميّة، محذّرين من أيّ تعديل لسعر 3900 لدولار السحوبات المصرفية، وأخذوا يرّوجون لتداعيات سلبيّة له لجهة التضخم، وبعدما تبين أنّ إبقاء سقف السحوبات بالليرة لن يحدث تضخمًا، تتركز الأنظار على قرار المركزي بنهاية أيلول، وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنّ سعر الـ 3900 اعتُمد في نيسان 2020، عندما كان دولار السوق الموازية يقدّر بـ 7000 ليرة، فهل يستمر المركزي بتحميل المودع وحده كلّ الخسارة؟