هل يطيح الخلاف على البر التفاوض اللبناني الاسرائيلي حول البحر؟
النشرة الدولية –
لبنان 24 – هتاف دهام –
في خضم الأزمة الاقتصادية والمالية وانشغال حكومة “معا للانقاذ” منذ نيلها الثقة بملفي الانتخابات النيابية والوضع الاقتصادية حيث تواظب على عقد الاجتماعات الوزارية المصغرة بالتوازي مع حراك رئيسها نجيب ميقاتي تجاه فرنسا ومع سفراء عدد من الدول الغربية والعربية طلبا للمساعدة لوضع حد للانهيار والتحضير للمفاوضات المرتقبة مع صندوق النقد الدولي والتي سلمت بها كل الاطراف الممثلة في الحكومة عطفا على مهمة التحضير للانتخابات النيابية المقبلة اذار 2022، ماليا وتقنيا ولوجستيا ، فإن معضلة أساسية ستواجه الحكومة وتتصل بملف ترسيم الحدود البحرية .
يأتي ذلك بعد اعلان شركة “هاليبرتون الأميركية أنها أبرمت عقد خدمات متكاملة لتنفيذ ما بين 3 و5 حفر، واستكمال حفر آبار لشركة “إنرجين” (Energean) التي تهتم بتطوير الموارد في البحر المتوسط وبحر الشمال. علما أنه لم تتضح بعد كيفية تصدي لبنان لعمليات الحفر تلك، لكن مصادر مطلعة تؤكد لـ”لبنان 24″ ان الامر رهن موقف الحكومة، وحاليا تجري اتصالات جانبية مع الادارة الاميركية لوقف التنقيب.
لقد انطلقت المفاوضات غير المباشرة في تشرين الأول 2020 بين لبنان و”إسرائيل” من أجل التوصل لاتفاق بشأن ترسيم الحدود البحرية في المنطقة المتنازع عليها لكنها تجمدت بناء على طلب الوسيط الأميركي بعد إصرار لبنان على الخط 29 بدلاً من الخط السابق 23 المنصوص عنه في المرسوم 6433، ورفض اسرائيل وإصرارها على العودة الى ما يسمّى “خط هوف” الذي رفضه لبنان سابقاً.
لقد صدر المرسوم 6433 عن مجلس الوزراء في العام 2011، وعندما طرح تعديله بناء للمعطيات الجديدة التي كشفها الجيش اللبناني كانت الحكومة مستقيلة وقد وقع وزير الاشغال السابق ميشال نجار المرسوم مشترطا موافقة مجلس الوزراء عملا بموازاة الصيغ، ولان رئيس الحكومة السابق حسان دياب امتنع عن الدعوة الى عقد مجلس وزراء فقد تعذر الحصول على هذه الموافقة.
وهنا يقول العميد المتقاعد أمين حطيط لـ “لبنان 24” اليوم و بعد تشكيل الحكومة و نيلها الثقة، لا يوجد أي عائق أو مانع يعطل التوقيع ويجب ان يعرض الأمر على مجلس الوزراء و يتخذ القرار بالتعديل ويودع المرسوم المعدل لدى الامم المتحدة بدل المرسوم 6433/ 2011. هذا فضلا عن أن ما يحكى عن تمديد لمهمة الوفد ليس دقيقا، فالامر محصور فقط برئيس الوفد العميد بسام ياسين الذي يحال على التقاعد في الشهر المقبل و هناك مسعى لتمديد خدمته ستة أشهر لكن التوقيع ينتظر موافقة وقرار رئيس الجمهوريةالعماد ميشال عون، مع تشديد حطيط على أهمية التمديد له لاعتبارات عديدة، خاصة وأن القانون يسمح بذلك و المصلحة الوطنية تفرض ذلك، أما باقي الأعضاء فليس لمهمامهم مهلة زمنية و أمر التمديد من عدمه غير مطروح.
وبحسب حطيط فإن حزب الله “الشريك في الحكومة، يريد تعديل المرسوم من أجل تحصين موقف الوفد اللبناني في المفاوضات صيانة للحقوق اللبنانية الوطنية، لكنه ينتظر قرار الحكومة وسيعمل به فإذا عدلت الحكومة المرسوم و ضمت مساحة ال 1430 كلم2 الى مساحة 860 كلم2 المتنازع عليها فإنه سيضع مقاومته في الميدان لمنع إسرائيل من دخول هذه المنطقة إلى أن يحصل الترسيم وفقا للأصول .
وهنا يشدد حطيط على أن ليس من مصلحة لبنان العودة الى التفاوض قبل تعديل المرسوم، لكن يلفت الانتباه الى تهديد الإدارة الاميركية عبر موفديها ووزرائها المعنيين بأن تعديل المرسوم سينسف المفاوضات.
وأمام كل ذلك لا بد من السؤال من سيتراجع ليفتح باب التفاوض مجددا؟ وهل هذا الملف مرتبط بالتطورات الاقليمية الدولية؟
بحسب العميد حطيط لا أساس لما يحكى عن ان ملف الترسيم مرتبط بما ستخلص إليه المفاوضات الإيرانية – الأميركية، فلا دور لإيران في ملف الترسيم كذلك الأمر في ما يتصل بالدور الروسي، فموسكو اليوم لا تلعب اي وساطة في هذا الشأن، لكن ذلك لا يلغي دورها في المستقبل ربطا بمبادرتها ومدى التقبل الاميركي – الاسرائيلي لذلك.
ومع ذلك، تشدد مصادر مطلعة على الموقف الأميركيل لبنان 24، على أن ملف الترسيم سيبقى مجمدا، ف”اسرائيل” بدعم من الولايات المتحدة متمسكة بالخط 23، عطفا على أن زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركية لبنان الشهر المقبل ولقاءاته مع المرجعيات الرسمية والعسكرية لن تحمل أي موقف أميركي تراجعي عن الالتزام بالخط 23، وهذا يعني أن على لبنان إما الرضوخ لما تفرضه الوساطة الأميركية أو غض النظر نهائيا عن الغاز في المنطقة الاقتصادية الخالصة، عطفا عن ان توقيع رئيس الجمهورية على المرسوم من عدمه مرهون بالمقايضة مع القرارات الاستراتيجية الكبرى، مع العلم أن ليس هناك من حماسة غربية أو دولية لاستخراج الغاز من لبنان، فشرق المتوسط منطقة غنية بالغاز المكتشف الغير قابل للتصدير والذي تشارك فيه مصر وغزة و”إسرائيل” وقبرص واليونان وتركيا وسوريا. وحقل الغاز ليفياثان الذي اكتشف من 11عاما بدأ التصدير منه منذ نحو عام للدول للمجاورة فقط، وهذاما يفسر عدم إقدام أي من شركات النفط العالمية على المشاركة في مناقصات التنقيب واستخراج الغاز في البلوكات اللبنانية الأخرى غير المتنازع عليها مع اسرائيل.
وعليه، تشدد المصادر نفسها على أن اسرائيل لن تتراجع عن التنقيب الا مقابل تسوية امنية في البر (مزارع شبعا وتلال كفرشوبا) واذا لم تنجح الوساطات الدولية في هذا الامر فيمكن القول إن الخلاف على البر أطاح بالبحر.