بالتزامن مع الذكرى الأولى لتوليه مقاليد الحكم… مبادرة إيجابية لأمير الكويت العفو مقابل تخفيف استجوابات البرلمان

النشرة الدولية –

بالتزامن مع الذكرى الأولى لتوليه مقاليد الحكم، أطلق أمير الكويت، الشيخ نواف الأحمد الصباح، مبادرة لحلحلة الخلافات المتزايدة بين الحكومة ومجلس الأمة والتي أدخلت البلاد في حالة جمود سياسي.

ويرى محللون تحدثوا لموقع “الحرة” أن هذه الخطوة، ينظر لها بإيجابية على نطاق واسع، وتمثل بارقة أمل لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد، فيما يرجح أن يتركز محور “الحوار الكويتي” على العفو عن بعض النواب السابقين في القضية المعروفة إعلاميا باسم “اقتحام المجلس”.

جاء إعلان المبادرة على لسان وزير شؤون الديوان الأميري، الأربعاء، الذي قال إن أمير البلاد “وجه إلى حوار وطني يجمع السلطتين التشريعية والتنفيذية بغية تهيئة الأجواء من أجل توحيد الجهود وتعزيز التعاون … ونبذ الخلافات وحل كافة المشاكل”، وفق ما نقلت وكالة الانباء الكويتية الرسمية (كونا).

وذكرت صحيفة “القبس“، الخميس، أن أولى جولات الحوار الذي يأتي “تمهيدا لطيّ ملفات مهمة تشهدها الساحة المحلية”، بين مجلس الأمة من جهة والحكومة من جهة أخرى ستكون الاثنين المقبل.

وأشارت الصحيفة إلى أن كتلة المعارضة سيمثلها النواب عبيد الوسمي، حسن جوهر، ومهلهل المضف.

يقول المحلل السياسي، عايد المناع، لموقع قناة “الحرة” إن الأمير دستوريا هو “أب السلطات”، وأن هذه الدعوة تعكس رغبة الأمير في استمرار الحياة الديمقراطية وأن تمارس كل سلطة مسؤولياتها وفقا للمادة 50 من الدستور.

ويرى أن العامل الرئيسي في الحوار هو “مطلب العفو بقضية اقتحام المجلس والذين صدرت بحقهم أحكام قضائية”.

رئيس مركز الرؤية للدراسات الاستراتيجية، فايز النشوان، يتفق مع رأي المناع بقوله إن الحوار “يتمحور حول موضوع واحد” وهو العفو عن الأشخاص المتهمين في قضية اقتحام المجلس.

وتنص المادة 50 من الدستور الكويتي على أن “يقوم نظام الحكم على أساس فصل السلطات مع تعاونها وفقا لأحكام الدستور ولا يجوز لأي سلطة منها النزول عن كل أو بعض اختصاصها المنصوص عليه في هذا الدستور”.

ما هي قضية اقتحام المجلس؟

تعود قضية اقتحام المجلس إلى نوفمبر 2011 عندما دخل ناشطون، بمن فيهم بعض نواب المعارضة لمبنى مجلس الأمة عنوة على خلفية مسيرة طالبت باستقالة رئيس الوزراء آنذاك الشيخ ناصر المحمد الصباح لاتهامات تتعلق بالفساد، لم يسفر عنها إجراءات قضائية.

وعلى إثر أحكام قضائية بالسجن جراء الاقتحام، سافر نواب سابقون إلى تركيا هربا من تنفيذ الأحكام قبل صدورها، بمن فيهم النائب مسلم البراك.

في يوليو 2018، قضت محكمة التمييز الكويتية بحبس كل من النائبين – اللذان كانا في البرلمان وقت  النطق بالحكم – جمعان الحربش ووليد الطبطبائي لمدة 6 سنوات ونصف، فيما حكمت بالمدة ذاتها على النواب السابقين مسلم البراك وفهد الخنة وفيصل المسلم وخالد شخير ومبارك الوعلان ومحمد الخليفة وفلاح الصواغ.

وبسبب تلك القضية اتخذ أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد قرارا بحل مجلس 2009 ودعا إلى إقامة انتخابات جديدة في عام 2012، كما استقالت الحكومة عقب القضية التي أثارت جدلا واسعا في الوسط الكويتي.

يقول النشوان لموقع قناة “الحرة” إن “هؤلاء الأشخاص مؤثرين في الشارع المحلي ولهم شريحة كبيرة من المؤيدين الذي يعتقدون أن هؤلاء النواب السابقين يناضلون لمكافحة الفساد”، موضحا أن الهدف الرئيسي لنواب المعارضة الحاليين أن يحصلوا على ما يسمى بـ “العفو الكريم” دون دخول السجن.

من جهته، يذهب المناع في الاتجاه ذاته بقوله إن “الأغلبية من النواب شعارها في الحوار هو العفو”، لافتا إلى أن هناك “مؤشرات إيجابية”.

يتابع المناع: “أتوقع أن تجد هذه الدعوة الكريمة قبول من أغلبية النواب.. لإنهاء هذه الحالة المتأزمة بعدم تعطيل أعمال السلطة التنفيذية … الكويتيون يريدون – كأي شعب في العالم – الحصول على ثمرة الجهد اللي بذلوه بالتصويت”.

وأضاف أن حل قضية اقتحام المجلس ستعمل على “حلحلة الكثير من القضايا بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، خاصة وأن معظم المرشحين في الانتخابات الماضية رفعوا هذه القضية في شعاراتهم الانتخابية”.

وأشار إلى أن العفو المحتمل “سيحدث رد فعل إيجابي شعبيا ويقطع الطريق على المزايدين، ويسهم في مواصلة الكويت لرحلتها الديمقراطية”، وفقا للمناع.

وانتخب البرلمان الحالي خلال ديسمبر 2020، ومنذ ذلك الوقت تعرضت رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد إلى الاستجواب لأكثر من مرة.

في حين استقالت الحكومة بعد انتخاب مجلس الأمة الأخير الذي تسيطر عليه المعارضة، إلا أن أمير البلاد – صاحب القول الفصل – أعاد تكليف رئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد مجددا.

صفقة بين المعارضة والحكومة

وعلى هذا النحو، يرسم النشوان سيناريو الحوار الذي يقول إنه يبدأ الاثنين المقبل ويتوقع أن ينتهي قبل بداية دور الانعقاد الثاني.

ويفتتح دور الانعقاد الثاني للفصل التشريعي السادس عشر بمجلس الأمة الكويتي يوم 25 أكتوبر المقبل.

يوضح النشوان قائلا: “أغلبية النواب أول ملف لديها في الحوار هو العفو. أما بالنسبة للحكومة فأولوياتها هو عدم الاستخدام الجائرة لأداة الاستجواب لرئيس الوزراء الذي يمثل المعيار الأساسي للاستقرار ومنح فرصة للحكومة من أكتوبر إلى يونيو لإثبات جديتها في تنفيذ برامجها في ظل معاناة الاقتصاد ووجود مشاكل أخرى تحتاج للتعاون”.

وأشار إلى أنه حال “توافقت المسألتين بين نواب المعارضة الحكومة بحصول الأخيرة على ضمان أدبي بعدم الاستخدام الجائر لأداة الاستجواب لأهداف سياسية بقصد الترصد والابتزاز، فإن أمر العفو سيكون مقبولا من سمو الأمير”.

من جانبه، يقول المناع إن التفاؤل في الكويت بهذه المبادرة يأتي بناء على “المكانة الخاصة والاحترام الذي يحظى به سمو الأمير من كافة الجهات”، موضحا أنه “حال تحقق العفو الأميري، فإنه سينهي حالة التشرد للمحكومين بقضية دخول المجلس، بالإضافة إلى قضايا أخرى متعلقة بحرية التعبير”.

من جانبه، يعبر النشوان عن تفاؤله بنجاح المبادرة الأميرية. وقال: “أنا متفاءل لطالما أن الحوار تحت غطاء سمو الأمير وهو طبقا للدستور والعرف العام أب الجميع”.

وأشار إلى أنه خلال “برلمان 2016 توافقت الحكومة مع نواب المعارضة على منح رئيس الوزراء حصانة لمدة سنة مقابل إعادة الجنسية لبعض السياسيين والشخصيات العامة بعد سحبها في 2014، وفعلا تحقق ذلك”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى