لماذا لم تخرج المصارف اللبنانية المتعثرة من السوق؟
النشرة الدولية –
لبنان 24 – نوال الأشقر –
منذ شباط الماضي، انتهت المهلة التي حدّدها مصرف لبنان للمصارف بموجب تعميمه رقم 154، لزيادة رأسمالها بنسبة 20%، وتكوين سيولة لدى المصارف المراسلة بنسبة 3% من مجمل الودائع بالعملات الأجنبية. في حينه قيل إنّ المصارف اللبنانية التي ستفشل بتطبيق مندرجات التعميم ستخرج من السوق، وأنّ التعميم يهدف إلى “إعادة تفعيل عمل المصارف العاملة في لبنان” وأنّه يندرج في إطار إعادة هيكلة ذاتيّة للقطاع المصرفي، تبدأ باعتراف كلّ مصرف بخسائره.
المُهل مُدّدت أكثر من مرة، وانتهت آخرها في شباط الماضي، من دون تحقيق الغاية المرجوة من التعميم، ومن دون معرفة المصارف التي إلتزمت بالتعميم وتلك التي فشلت بتطبيقه.
الخبير المالي والإقتصادي الدكتور بلال علامة لفت إلى أنّه كان يفترض أن يصدر تقرير عن اللجنة التي شكّلها مصرف لبنان وجمعية المصارف، لتحديد المصارف التي استوفت الشروط وتلك المتعثرة، ليُصار بعدها إلى طرح إعادة الهيكلة، كوسيلة تؤدّي إلى الدمج أو الشراء أو البيع أو التصفية الذاتيّة للمصارف المتعثّرة، وفقًا لوضع كلّ مصرف. لكن التقرير ورغم انتهاء المهلة لم يصدر بعد، بالتالي بقيت الوقائع محجوبة، ومن شأنها وحدها تبيان حقيقة وضع المصارف التي استوفت الشروط وتلك التي عجزت عن الإلتزام بمندرجات التعميم. ووفق المعلومات المتوافرة، قُدّر عدد المصارف التي استوفت الشروط بخمسة عشر مصرفًا، في حين تعثّرت المصارف الأخرى بنسب متفاوتة، بعضها رفع رأسماله، لكنّه عجز عن تكوين احتياط بنسبة 3% بالعملات الأجنبية، وبعضها الآخر تمكّن من زيادة الـ 3%، وأخفق في رفع رأس المال، وهناك مصارف لم تلتزم بأيّ من الشرطين وتعثّرت بكل الإتجاهات.وفق المعلومات، هناك سبعة مصارف مصيرها التصفية.
أضاف علامة في حديث لـ “لبنان 24” لجأت بعص المصارف إلى تقليص أعمالها، بحيث عمدت إلى صرف موظفين وإقفال فروع بشكلٍ كامل، وهنا لا نتحدث عن مصارف صغيرة فقط ،بل هناك مصارف كبيرة أقفلت فروعًا لها. وهدفت المصارف من تقليص الأعمال، إلى ملائمة حجمها مع رأسمالها والإحتياطي المكون بالعملات الأجنبية، خصوصًا أنّ المصارف خسرت من ودائعها من خلال عمليات السحب، ولو ضمن سقوف محدّدة.
تعاميم المركزي فشلت في إصلاح القطاع المصرفي، فهل يرتبط إصلاح هذا القطاع بإقرار خطّة شاملة تتفاوض الحكومة على أساسها مع صندوق النقد الدولي، بعد تحديد الخسائر وتوزيعها؟
أجاب علامة “أعتقد جازمًا أنّ عملية التأخير بإصدار التقرير حول المصارف التي طبّقت التعميم 154 والتي عجزت عن تنفيذه، تهدف من خلالها المصارف إلى دفع الخسائر عنها، لتتحملها الدولة ومصرف لبنان، علمًا أنّ جهات ثلاث يجب أن تتحمل المسؤولية، هي الدولة بالدرجة الأولى، ثمّ المصرف المركزي والمصارف”.
من ناحية ثانية يستطيع مصرف لبنان إلزام المصارف بتطبيق شروط التعميم، بموجب عدد من مواد قانون النقد والتسليف، والتي منحت مصرف لبنان صلاحية اتخاذ التدابير التي يراها ملائمة لسلامة أوضاع النظام المصرفي. أبرز هذه المواد وفق علامة، المادة 134 التي تنصّ على إعادة تكوين رأسمال المصارف في حال أصيبت بخسائر. المادة 76 التي تنصّ على اتخاذ التدابير التي يراها المركزي ملائمة في سبيل الإبقاء على الانسجام بين السيولة المصرفية وحجم التسليف من جهة، إضافة إلى مهمّته المحدّدة في المادة 70 بالمحافظة على سلامة النقد وسلامة أوضاع النظام المصرفي.
إعادة هيكلة القطاع المصرفي شرط أساسي لصندوق النقد الدولي وكافة الجهات المانحة، إذ لا يمكن للمصارف أن تكمل بهذا المسار بعدما فقدت وظيفتها الأساسية كمحّرك للدورة الإقتصادية والإستثمارات، وتحوّلت إلى صناديق تُسحب منها الأموال ولا تدخلها، نتيجة فقدان الثقة والتعامل السيء مع المودعين والهيركات ومجمل أداء المصارف منذ بدء الأزمة، بحيث أثارت قلق المودعين وفاقمت الأزمة”.