إسترجاع الصدى ذكريات محبوكة بخربشات طفوليّة

النشرة الدولية –

برس بارتو – زلفا جورج عسّاف –

تنظر إلى لوحاتها فتتحسس نبضات تلك الأحاسيس الطفوليّة التي تُرجّع الصدى بخربشات عالية النبرة، تستدرك زوايا ملاعبها، تكتشف خبايا مشاعرها تجاه والديها وعائلتها، تأخذك إلى عالمها الخاص دون أن تدري، تتكلم مع والدها الذي اشتاقته دوما، تتعقب طيفه الذي لم ولن يفارقها، تستدرك خوف والدتها، تستعيد زوايا منزل جدتها الضائع بين حنين الذكريات، تتعقب خوفها من المتغيرات التي عصفت بالبلد…. باختصار تأخذك إلى العاب طفولتها وخفايا مشاعرها البريئة والعميقة.

تعبث بحبرها بألوانه المختلفة وبين كل لون ولون، حبكات تختصر سنين طفولتها في ما كان يُسمى ببيروت الغربيَّة.

إنها جوانا الصغيرة التي لا زالت تحمل براءة تلك الشخصيّة في أفكارها الخلاقة التي أرادت كشفها بطريقة مختلفة عن المألوف، فدعتنا إلى اكتشاف خصوصياتها ففتحت أوراقها على المكشوف…. انه الفن لعبتها الأساسيّة وقد احترفته بأشكاله المختلفة بين المسرح والرسم والأبحاث العلميّة بخلفيتها الأكاديمية

،وتصميم الديكورات الفنيّة للمسرح والكليبات وهي استاذة جامعيّة محاضرة… جمعت مجد الفن من أطرافه.

واليوم أتتنا بما هو غير مألوف لنغوص وإياها في معرضها الفني المنفرد  الذي افتتح بتاريخ ٣٢ أيلول المنصرم ويستمر حتى ٩ تشرين الأول الحالي في زيكو هاوس سبيرز.

معرض يحوي على مخزون من خبايا الماضي البعيد القريب لجوانا

هو حنين لسيرة شخصيّة بطريقة عفويّة لكنها عميقة ومعبرة عن اختلاجات مشاعر متناقضة.

بيروت الغربيَّة التي تركت في قلب الفنانة الدكتورة جوانا رعد الكثير من ذيول تلك الطفولة التي لم تسدل عنها الستار بعد بل أعادتها إلى الواجهة من جديد على طريقتها الخاصة.

لوحات شاخصة على  بقايا بيروت السبعينيّت والثمانينيّات

لوحات لمنزل الجدّة ماري في مار الياس، ومنزل الوالدين، ومدرسة البروتستانت الفرنسيّة..

ّهي بإختصار استرجاعات لسيناريوهات عائلية مسرحتها جوانا بإعادة تركيب مشاهدها بطريقة المونتاج السينمائي

بين صور الماضي بألوانه الزيتية المعبّرة وبين حنينها الواقعي ّالمسلوخ عن واقعها والذي ربما بقي في حقيبة سفر والدها الراحل.

معلومات عامّة عن الفنانة وخلفيّات المعرض

” كان يا ما كان في بيروت الغربيَّة  “

معرض لوحات فنيّة لجوانا رعد

(23 سبتمبر – 9 أكتوبر ، في مبنى زيكو هاوس)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تعريف عن الفنَّانة

من مواليد الشبانيّة عام 1973. جوانا رعد فنَّانة مُتعدّدة التخصّصات، إنضمَّت مؤخرًا إلى الجامعة الأميركيّة في بيروت كمُحاضرة في كليّة الفنون وتاريخ الفن. نالت دكتوراه في المسرح ، وماجستير في السينما  وبكالوريوس في الفنون المسرحيّة من جامعة القديس يوسف في بيروت. وهي أيضاً باحثة في تاريخ الفن الحديث.

https://usj.academia.edu/joannaraad

http://fr.orientpalms.com/Le-Bauhaus-fete-ses-100-ans

 

بدأت جوانا رعد كرسَّامة في تلقّي دورات فنيّة في سن الخامسة، ثمَّ تدرَّبت لاحقًا مع أوديل مظلوم وجان بول وإيمانويل جيراغوسيان وفؤاد طنب وحيدر حماوي وفاطمة الحاج. شاركت في 14 معرضًا جماعيًّا. أهمّها في ربيع 2021 بعنوان “قصص غير مرويَّة” فنَّانو بيروت الموسم الثاني. عام 2015: متحف إيمانويل غيراغوسيان. وفي العام 2010 شاركت في معرض ” صور ، تماثيل نصفيّة ورؤوس ” في غاليري Surface Libre . وفي معرض “جبران يزور بيروت”  في. Laboratoire d’art  وأقامت معرضين منفصلين:” Time Laps”    في Art Lounge في عام 2006 وفي عام 2003 “تحيّة إلى أبي”  في جامعة القديس يوسف.

F: Joanna Raad Multidisciplinary artist

Instagram: joanna_raad

كمُتخصّصة في تصميم وتنفيذ عناصر مشهديّة-سينوغرافيا، صمَّمت ونفَّذت أكثر من 90 مشروعًا (برامج تلفزيونيّة وأفلام قصيرة ومسرحيّات). صمَّمت ونفَّذت سينوغرافيا “رزق الله يا بيروت” مسرحيَّة لـ جلال خوري عُرضت في سينوغرافيا العالم ، المجلّد الثاني الذي تضمَّن تصاميم 1990-2005 لـ 409 إنتاجات من 55 دولة تُمثّل أعمال مئات المصمّمين ، إيريك فيلدنج ، بيتر ماكينون ، مشروع للمنظمة الدوليّة لرساميّ السينوغراف، مهندسو وفنيّو المسرح ، هيئة المطبوعات والاتصالات ، 4 ديسمبر 2014.

https://www.youtube.com/channel/UCFGTVU37Z4rLk_jAoSk9uag

www.facebook.com/joannaraad+

قصّة المعرض

1973: ولدت جوانا رعد إبان الحرب وقضت معظم طفولتها فيما كان يُسمَّى “بيروت الغربية”. كانت الولد البكر في العائلة. والدها من قرية الشبانيّة ، وهو مهندس معماري شاب ولامع. وبسبب الحرب  كان عليه أن يكون في رحلات سفر مُستمرّة إلى المملكة العربيّة السعوديّة وإيطاليا. كانت والدتها سامية تبلغ من العمر 19 عامًا فقط ، لذا وأثناء انتظار الاستقرار، عاشوا في منزل الجدّة ماري في منطقة مار الياس وسرعان ما تحوّل منزلها الساحر إلى ملعب لجوانا. ومع ذلك ، كانت جوانا تتوق باستمرار إلى والدها ” بابا عبده”. كانت رسوماتها المُرسلة له عبر البريد، وسيلة للتواصل معه. عندما كان “بابا عبده” يقضي إجازة الصيف ، كانت العائلة تُقيم في الشبانيّة. لا يزال بإمكان جوانا أن تشعر بوجوده هناك وتستشعر رائحته. قضت العائلة لحظات جميلة على الشاطئ ، خاصّة في الصيف. وغالبًا ما كانوا يسافرون. تلك اللحظات القصيرة مع “بابا عبدو” كما في جزر الكناري على سبيل المثال، ساهمت في تطوير شخصّيتها الحنونة. لذلك شكَّل الحنين إلى الماضي، والإسترجاع والأرشيف العائليّ أساسًا لهذا المعرض.

1979: ولدت داليا شقيقة جوانا الصغيرة ، وانتقلت العائلة من منزل الجدّة ماري إلى مبنى مجاور. كان غياب “بابا عبده” أشد وطأة. كانت جوانا تعاني بشدة من غيابه. في الثالثة من عمرها ، اعتادت شقيقتها داليا النوم في حقيبة والدها للتعبير دون وعي عن رغبتها في السفر معه. في سن السابعة ، مزَّقت صفحات جواز سفره بحجة جمع الطوابع.

1982: عاشت جوانا الحرب بشكل غير مباشر ، وكانت عواقب الحرب هي التي أثَّرت عليها أكثر من الحرب نفسها. في بيروت الغربيّة مع ابنتيها الصغيرتين، إعتادت والدتها سامية حماية طفلتيها من الخوف عبر إغلاق الراديو والتلفزيون واحتواء خوفها. لذلك ، وجدت جوانا ملجأً لها في عالمها ، وساهمت انطوائيتها ووحدتها مع عدد قليل جدًا من الأصدقاء في رعاية خيالها. لقد بنت عالمها الخاص.وكانت طريقتها في التعبير عن ذلك بشكل أساسي من خلال الرسم على صفحات مذكراتها. وبطريقة أخرى، من خلال تحويل الدعائم والأثاث المنزلي إلى نوع من الليغو ، تطوّر إحساسها بالفضاء والخيال.

1985: نقطة تحوّل رئيسيّة في حياة جوانا رعد، بسبب تأثير الاجتياح الإسرائيليّ لبيروت واختطاف أحد أفراد العائلة (العم موريس، صاحب Arlequin). إنتقلت العائلة من بيروت الغربيّة إلى بيروت الشرقيّة. لقد كان أيضًا إنتقالًا من مدرسة البروتستانت الفرنسيّة التي تعلَّقت بها جوانا كثيرًا. بحيث ظلَّ الباب الأحمر للـصف السادس تكيميليّ علامة بارزة.

2021: إفتقدت والدها تماماً كما كانت طفلة، خاصّة أنّه توفي عن عمر يُناهز 59 عامًا حين قرّر الاستقرار في لبنان نهائيًّا. إنّها مهووسة بالحنين إلى السبعينيّات وإلى فضاء طفولتها. لذلك، يُحاول طفلها الداخليّ أن يترجم بصريًّا “الذاكرة العاطفيّة” للأماكن والمساحات التي عاشت فيها.

التقنيّة

بعد 4 سنوات من البحث والعمل حول هذا الموضوع ، تجرأت جوانا رعد على مشاركة سيرتها الذاتية بأسلوب ساذج / تعبيري جديد. بدأ كل شيء مع هوس العودة إلى الوراء الذي رُسم على ورق مُعاد تدويره باستخدام ألوان الباستيل الزيتيّة. إستوحت بشكل أساسيّ من الذاكرة، كانت الصور نادرة في ذلك الوقت وكانت مهتّمة على أي حال بإعادة تكوين الصور الذهنيّة بدلاً من تصوير الواقع. نُظمّت رسومات الباستيل الزيتية Caran d’ache حسب المواقع: منزل الجدّة ماري / منزل الوالدين / مدرسة البروتستانت الفرنسيّة، إلخ. في مرحلة لاحقة، كانت الرسومات مُطبَّقة على القماش ، بحيث تمتزج الورقة مع القماش، وتمّ تنظيمها بشكل القصة المصوّرة. لقطات مقربة ، “لقطات كبيرة” ، إل  وقد استوحي تنظيمها من نمط المونتاج. خلال مرحلة إنزلاق الرسومات على الورق إلى القماش، دمجت الأكريليك بشكل أساسيّ ولكن أيضًا استخدمت في بعض الأحيان الطلاء الزيتيّ، أصداء الألوان الزاهية المتناغمة مع الطفولة، لون أكسيد الرصاص والأصفر البرتقالي وعصر السبعينيّات. إختارت موقع زيكو هاوس للعرض، لأن الهندسة المعماريّة للمبنى ومساحة العرض تنسجم مع المنازل التي كانت تعيش فيها. إعادة بناء الماضي والأرشيف كانت دافعًا لأبحاثها الفنيّة. حتى اليوم ، يعد الرسم باستخدام زيت الباستيل هو شغفها الأكبر، كما أنّها تعتبره لفتة حميمة.

إنّه نهج يوميّات، حيث يمكنك التعبير عن نفسك في حميمية غرفة نوم أو في أي مكان عام أو حتى في الطائرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى