منشورات “لا صرت مغرّب خرّب”* سعد بن طفلة العجمي
النشرة الدولية –
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” عرضاً لكتاب يُتوقع أن يصدر الأسبوع المقبل في الولايات المتحدة الأميركية، والكتاب من تأليف ستيفاني غريشام – المسؤولة الصحافية السابقة بالبيت الأبيض في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب (2016-2021).
عنوان الكتاب: الآن، سأجيب عن أسئلتكم. I’ll Take Your Questions Now
ويتضح من العنوان أن المسؤولة السابقة التي استقالت يوم اقتحام الكونغرس من قبل مؤيدي ترمب وبتحريض منه في السادس من يناير (كانون الثاني) الماضي، يتضح أنها لم تكُن تقول كل شيء أثناء عملها، ولكنها اليوم ستقول كل شيء، حتى إن الناشر قال لصحيفة “نيويورك تايمز” إن الكتاب يحتوي الكثير من الأسرار والأخبار لم يسبق نشرها- وهذه دعاية مبكرة للكتاب ومفهومة.
يتضمن الكتاب -بحسب عرض الصحيفة لبعض مقتطفات منه- وصفاً لعصبية الرئيس ترمب وغضبه وهيجانه وتقريعه للموظفين العاملين معه، كما تدّعي الكاتبة أنه كان يردد تعليقات جنسية على موظفة شابة وجميلة في البيت الأبيض. وجاء في الكتاب أيضاً أن ترمب يحب الطغاة وعلى رأسهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأنه قال له خلال لقاء لمجموعة العشرين إنني سأبدو قاسياً معك أمام الصحافة، وبمغادرة الصحافيين سنتفاوض ونتفاهم بشكل ودي.
بدوره سارع الرئيس السابق ومؤيدوه إلى التقليل من أهمية الكتاب وكذّب الكاتبة وقال إنها كانت هزيلة الأداء أثناء عملها وكان يُفترض أن يطردها من وظيفتها مبكراً، وإنها تسعى إلى اختلاق الأكاذيب بتشجيع من اليسار الأميركي كجزء من حربهم على ترمب اليميني.
يقف الإنسان حائراً أمام مثل هذه الكتب وهذه المقابلات والادعاءات التي لا تخرج إلا بعد ترك الموظف لوظيفته، فيشنّ هجوماً على رئيسه السابق، ولعل الرئيس دونالد ترمب أكثر من قلَب له مَن كانوا موظفين في إدارته ظهر المجن، وألّفوا كتباً ضده. ومن بينهم جيمس كومي -رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق، الذي ألّف كتاباً سمّاه “الولاء الأهم” حوى محادثات ومواقف مع الرئيس ترمب. كما انقلب عليه مايكل كوهين، محاميه ومستشاره ومدير التنسيق مع الروس للبحث عن فضائح استخباراتية لمنافسته هيلاري كلينتون، بل قيل أيضاً إنه “كاتم الأسرار”، وإنه مَن كان يصرف الدولار للتستر على فضائح “معزّبه” منذ سنين طويلة، إذ نشرت الصحف أخباراً بأنه من كان يشتري صمت عشيقات وبائعات هوى تعامل معهن دونالد ترمب قبل ترشحه للرئاسة والفوز بها عام 2016.
وحتى رودي جولياني- عمدة نيويورك ومدعيها العام وأحد مرشحي الرئاسة عام 2008 للحزب الجمهوري، اختلف مع ترمب حول أتعابه القانونية في رفع قضايا وتوجيه تهم بتزوير الانتخابات الرئاسية العام الماضي، وهي قضايا ثبت أنها ملفّقة وأدت إلى سحب ترخيص جولياني وعدم مزاولته المحاماة في ولاية نيويورك.
يتضح أن مَن خرج على ترمب كان واحداً من ثلاثة:
- مرتزق يبحث عن الشهرة بعد أن فقد بريقها بوجوده في فريق الرئيس.
- مرتزق يدّعي أن ترمب شخص عنصري وعصبي يحتقر النساء والأقليات، وكأن هذا الأمر لم يكُن معروفاً عن دونالد ترمب قبل التحاقه بفريقه، وغالبية هؤلاء يبحثون عن المال الذي يمكن أن تحققه لهم شهرة التشهير برئيسهم السابق.
- أما الثالث، فهو خليط من الفريقين أعلاه: فقد وظيفته، أو طرده الرئيس مثلما طرد الكثيرين، فلم يعُد لديه ما يخسره فيردد: أنا الغريق فما خوفي من البلل.
لعل مثل هذا الخروج الدعائي المتأخر لمَن كانوا مع ترمب أو غيره، لا تخرج أسبابه ودوافعه في الغالب عن دوافع الخارجين الثلاثة أعلاه، وإن كان من إضافة، فهي باستذكار المثل الشعبي: “لا صرت مغرّب خرّب”!