الاردنيون ينتحرون.. والحكومات في سبات!* صالح الراشد
النشرة الدولية –
ارتفاع جنوني في عدد حالات الإنتحار يقوده جنون الضغط النفسي والعصبي وارتفاع نسبة الفقر والبطالة في الأردن، فالاردن الذي كان ينعم بهدوء واستقرار في القرن الماضي رغم الضغوطات، وكان الانتحار وقتها شيء نادر تحول ليصبح الإنتحار أمر طبيعي وشبه يومي، لتصل نسبة الانتحار إلى حالة كل يومين، مما جعل من الانتحار ظاهرة اجتماعية مقلقة وبالذات في القرن الجديد، حيث اختفى الأمان الوظيفي والاجتماعي وتحكم رأس المال في شتى مفاصل الدولة، وبعد أن تولى إدارة الوطن أشخاص لم يهتموا بأمر المواطنين من حكومات بلا قرار ونواب يتلقون الأوامر بالهواتف وأعيان بلا قلوب.
ارتفعت نسبة الانتحار ولا حلول في الأفق القريب كون الحكومة تفتقد لمقومات الرؤيا السليمة، وهمها الاوحد ترحيل أزماتها للحكومات القادمة لعلها تهتدي للطريق السديد، فيما العديد من نواب الأمة يقزمون القضايا الكُبرى حتى تتلائم مع فكرهم المتواضع، ويقف الأعيان بعيداً عن المشهد فهم ضيوف على الدولة الاردنية ولا يمتلكون الحلول، وفي ظل هذه المقومات ضعيفة الإنتاج والمُنتج تمدد رأس المال حتى غدا العدو الأول للشعب، وبالذات في عصر كورونا حين حكم العاملين بالحديد والنار، وطرح شعار إما الطاعة العمياء أو الطرد وقوانين الدفاع تحميهم، وتحلل لهم ما حرمت الشرائع السماوية والأرضية بقطع الأرزاق واستعباد العباد، لكنه المال الذي هو الكلام لمن أراد فصاحة وهو السلاح لمن أراد قتالا” ليحكم الجميع، لتقدم الدولة بأسرها له التنازلات والقرابين لعله يرضى ويشبع.
ازداد الموت وانتشر في الأردن، وحاول الكثيرون الهروب من الموت بكورونا فيما اتجه آخرون صوب الموت بأقدامهم، بعد أن غُلقت أبواب الرزق في وجوههم، وآخرين فروا من القهر الإجتماعي المترافق مع تراجع الوضع الإقتصادي، طالبين الموت للنجاة من قهر وذل الحياة، فيما كان المخدرات دور بارز في انتحار البعض، ليكون ذلك القهر بمثابة الذل الأكبر لحكومات وسُلطات ومثقفين ورجال دين أضاعوا رسالتهم في الحياة ليصبح صمتهم طريق الموت، ولا يُفرق الانتحار في الاردن بين المتعلمين والجاهلين والنساء والرجال والكبار والصغار، وبالتالي يهدد جميع شرائح المجتمع مما يوحي بأن الأسباب المؤدية للإنتحار واحدة وموحدة، ورغم ذلك تصمت الحكومة وقبلها صمتت حكومات، ولم نجد كمواطنين دراسات تحدد أسباب الإنتحار وكيفية معالجتها لحماية أبناء الوطن، وفي مقدمتها معالجة الفقر والبطالة والحد من انتشار المخدرات، وإن لم تقم الحكومة بواجبها في الارتقاء بالمستوى الاقتصادي والثقافي، فإن حالات الانتحار ستتزايد بشكل يفوق سويسرا حيث ينتحرون من زيادة الرفاهية، لينتحر أبناء الشعب الأردني من القهر والفقر مغادرين الحياة من بابها الخلفي كون الباب الأمامي محجوز لأبناء الفاسدين والذوات للعبور منه صوب ثروات الوطن ومناصبه.