الرئيس الأميركي يعلن بأن إدارته تنظر في ملف “باندورا ” الصحفي

الملف يكشف عن وثائق حسابات لأكثر من 435 مسؤول كبير و130 ملياردير حول العالم.. ومزاعم بتحول أمريكا لأكبر ملاذ ضريبي

 

النشرة الدولية –

صرّح الرئيس الأميركي جو بايدن بأن الولايات المتحدة تدرس التحقيق الصحفي الذي شارك فيه أكثر من 600 صحفي في 117 دولة، حول مخططات ملاذات ضريبية تسمى “ملف باندورا”.

وكان الاتحاد الدولي للصحفيين قد اتهم في وقت سابق  35 من السياسيين الحاليين والسابقين بالتورط في ملاذات ضريبية في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى 400 مسؤول من حوالي 100 دولة.

وقد نشر «الاتحاد الدولي للصحفيين المحققين»، مقتطفات مما يسمى بـ«ملف باندورا» الذي يشمل نحو 11.9 مليون وثيقة حول حسابات في الملاذات الضريبية؛ زعمت أنَّها تعود لساسة دوليين ورجال أعمال بارزين، وفقًا لما نشرته قناة «السومرية» الإخبارية العراقية، أمس الأحد.

وزعم الاتحاد، في بيانه، أنَّ الولايات المتحدة تمثل أكبر ملاذًا ضريبيًا في العالم، حيث لفت التحقيق إلى أنَّ ولاية داكوتا الجنوبية الأمريكية تخفي مليارات الدولارات من ثروات تابعة لأشخاص متهمين سابقا بارتكاب جرائم مالية كبيرة، وهذا لم يتم إثباته حتى الآن، زاعمًا أيضًا أنَّ الوثائق تضم معلومات عن أكثر من 130 مليارديرًا من 45 دولة، بينهم 46 مواطنًا روسيا.

ورفضت سلطات ولاية نيفادا التعليق إذا كانت قد فتحت تحقيقا بـ”ملف باندورا” عقب تحقيقات أفادت بأن الولاية وأكثر من 12 ولاية أخرى برزت في مقدمة الأماكن التي توفر الملاذات الضريبية.

وقالت أشلي فورست، نائبة مدير الاتصالات في مكتب المدعي العام في نيفادا، ردا على سؤال من وكالة “نوفوستي”: “إن سياستنا هي عدم التعليق على وجود تحقيقات محتملة”.

ووجد مؤلفو “ملف باندورا” وهو تحقيق صحفي واسع النطاق لمخططات الظل المالية ومشاركة السياسيين العالميين فيها، أن 206 صناديق ائتمانية في الولايات المتحدة، مرتبطة بـ 41 دولة.

وقالت الإدارة الأمريكية إنها تدرس “ملف باندورا”، بينما لا يمكنها التعليق على نتائجه ، لكنها بشكل عام تعمل على زيادة شفافية التمويل العالمي.

«ملف ب‍اندورا» يزعم أن وثائقه تضم أكثر من 130 مليارديرًا

وأشار الاتحاد، إلى أنَّ «ملف ب‍اندورا» يسلط الضوء على حسابات في الملاذات الضريبية تعود إلى أكثر من 330 سياسيًا ومسؤولًا رفيع المستوى في أكثر 90 دولة، بينهم زعماء لـ35 دولة، موضحًا أنَّ الملف يضم كذلك أسماء سفراء ورؤساء بلديات ووزراء ومستشاري رؤساء وجنرالات ورئيس لـ بنك مركزي.

ورفضت سلطات ولاية نيفادا التعليق إذا كانت قد فتحت تحقيق بشأن هذه المسألة.

600 صحفي من 117 دولة حول العالم يشاركون في التحقيق المزعوم

وتابع الاتحاد، أنَّ التحقيق الذي شارك في إجرائه أكثر من 600 صحفي في 117 دولة بمختلف أنحاء العالم، استفاد من 2.94 تيرابايت من معلومات سرية من 14 شركة مختصة في مجال العمل في الملاذات الضريبية.

وبحسب مزاعم الاتحاد الذي يحصل على تمويل من أحد الصناديق التابعة لرجل الأعمال والمستثمر الأمريكي جورج سوروس، وصف في وقت سابق، هذا التحقيق بأنه أكبر كشف للأسرار المالية.

ونشر الاتحاد الدولي للصحفيين المحققين، في عام 2016 مقتطفات من نحو 11.5 مليون وثيقة تشمل معطيات عن حسابات في الملاذات الضريبية لزعماء دول عالم سابقين وحاليين وساسة بارزين ورجال أعمال ورياضيين ومدراء في ما أطلق عليه اسم «وثائق بنما».

“وثائق باندورا”: تعاملات مالية مشبوهة لمؤسسة كاثوليكية

كشفت “وثائق باندورا” عن قيام مؤسسة دينية تتبع الكنيسة الرومانية الكاثوليكية بإخفاء نحو 300 مليون دولار في صناديق استثمارية في نيوزيلندا ونقل ملايين الدولارات منها إلى الولايات المتحدة لاستثمارها في مجمعات سكنية متهمة بإساءة معاملة مستأجرين تضرروا من جائحة كورونا.

والمؤسسة التي ورد ذكرها “Legionaries of Christ” (فيالق المسيح) تأسست في أربعينيات القرن الماضي، وكانت محور فضيحة اعتداء جنسي على أطفال وشبان.

ويقول الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين في مقال مطول حول هذه الوثائق إن هذه الجماعة اشتهرت تاريخيا بـ”مغازلة الرعاة الأثرياء”، وقد أتى بعض لتسميتها بـ “los millonarios de Cristo”، أي “مليونيرات المسيح”.

وتشير الوثائق إلى أن مؤسسها القس المكسيكي، مارسيال ماسيل، أقام علاقات مع مسؤولي الفاتيكان والكاثوليك الأثرياء والمحافظين البارزين في الولايات المتحدة، وأصبح” أكبر جامع تبرعات للكنيسة الحديثة”.

إنشاء صناديق استثمارية ونقل الأموال

وكشفت الوثائق أن الجماعة الدينية أنشأت ثلاثة صناديق استثمارية، في الفترة بين 2010 و2011، بينما كانت تخضع لتدقيق مالي من قبل الفاتيكان، وفي وقت كان ضحايا الاعتداء الجنسي يسعون للحصول على تعويضات مالية من المؤسسة في أعقاب وفاة ماسيل، عام 2009.

ولم يرد الفاتيكان بشكل مباشر على أسئلة للمؤسسة الصحفية ناشرة التقرير حول الصناديق، لكنه قال إن جهوده لإصلاح “فيالق المسيح” تركز في الغالب على القضايا المتعلقة بمؤسسه وهيكله.

ولم تكن الصناديق الاستئمانية النيوزيلندية مطالبة بتقديم ملفات تربطها بالمؤسسة الدينية، وتشير وثائق مسربة سابقة إلى أن نيوزيلندا توفر ملاذات ضريبية آمنة، لأنها غير ملزمة بأن تكون مسجلة لدى أي كيان حكومي، ما يجعلها ملاذا مثاليا للراغبين في التهرب من الدائنين ودفع الضرائب، وفقا للاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين.

وذكر الاتحاد أنه في عام 2017، بعد أن تم كشف نيوزيلندا كوجهة لإخفاء أموال الأثرياء، شددت البلاد قوانينها.

وتشير الوثائق الجديدة إلى أنه تم ضخ معظم الأموال في صندوقين من بين الثلاثة، ونقلت منهما ملايين الدولارات سرا حول العالم، منها أكثر من 14 مليون دولار تم توجيهها إلى استثمارات في مجمعات سكنية لشركة “بينسام كابيتال” الأميركية في الولايات المتحدة.

وقالت الشركة للاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين، إنها لم تتلق أي معلومات تشير إلى أنها حصلت على أموال من هذه المؤسسة الدينية.

وتظهر السجلات السرية أن المؤسسة الدينية دخلت في شراكة سرا مع الشركة لضخ حوالي مليوني دولار في مجمع سكني متوسط في ولاية فلوريدا، عام 2015، كما استثمرت ملايين أخرى في مبانٍ سكنية متوسطة في تكساس وآيوا وإنديانا وإلينوي.

وحددت شركة “بينسام” معدل الأرباح المتوقعة من عائدات الإيجارات بنحو 15 في المئة سنويا من العقارات المؤجرة، وهو عائد يفوق بشكل كبير ذلك المعروض في سوق الأسهم العادية.

ضحايا الاستثمار

ولتحقيق رغبتها في در عائدات ترضي مستثمريها الأثرياء، كانت الشركة ترفض إبداء أي مرونة مع المستأجرين المتخلفين أو المتأخرين عن السداد، وفقا للمقال.

ويشير المقال إلى حالة كارلوس لومينا، وهو سائق شاحنة في ضواحي ميامي فقد وظيفته خلال جائحة كورونا، والذي اضطر إلى اللجوء للقضاء لمنع إخلائه من مجمع سكني تملكه الشركة. وقال الشاب للقاضي: “ليس لدي مكان أذهب إليه، ولا المال اللازم للانتقال إلى شقة جديدة”.

ونقل الاتحاد وصف العشرات من المستأجرين الحاليين والسابقين في المباني التي تملكها “بينسام” مشاكل في وحداتهم، من بينها تسرب المياه والفيضانات والعفن والأجهزة المعطلة والمصاعد الخطرة.

القس المكسيكي، مارسيال ماسيل، اتهم بالاعتداء الجنسي على الأطفال
القس المكسيكي، مارسيال ماسيل، اتهم بالاعتداء الجنسي على الأطفال

وقالت شركة “BH”، التي تدير العقارات لصالح “بينسام”، للاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين إنها تنسق تحصيل الإيجارات “في إطار التقيد الصارم باتفاقيات الإيجار والقانون”، وكذلك أوامر السلطات الصحية الأميركية بشأن عمليات الإخلاء.

وقال جيم بيكر، المدير التنفيذي لمنظمة غير ربحية تراقب شركات الأسهم الخاصة والمستثمرين الكبار إن “العوائد المرتفعة التي تعد بها الشركات المالية لمستثمريها الأثرياء تؤدي حتما إلى ضغوط شديدة على المستأجرين الضعفاء”.

وأشارت الوثائق إلى أن الصناديق المذكورة ضخت ملايين الدولارات في عشرات الاستثمارات الأخرى، بما في ذلك حصص في سلسلة من مرافق إعادة تأهيل وشركة للأجهزة الطبية مقرها تكساس وشركة مكملات غذائية مكسيكية.

مخالفات قانونية

بعد تأسيس الصناديق، ذكرت الوثائق، أن المؤسسة الدينية واجهت مشكلات قانونية على جبهات متعددة، منها اتهامها بالنصب على متبرعة كاثوليكية في الولايات المتحدة في مبلغ قيمته 60 مليون دولار، وفتح تحقيق جنائي في ميلانو بشأن ما إذا كان رجال دين كبار في المؤسسة قد عرضوا رشوة على ضحية اعتداء جنسي إيطالي للتراجع عن شهادته التي أدلى بها للمدعين.

واتهم مساعد سابق لمؤسس الجماعة هو الأب، لويس غارزا ميدينا، الذي أصبح ممول الجماعة فيما بعد، بالتحرش الجنسي بالأطفال، في دعوى عام 2016، جذبت اهتمام وسائل الإعلام، لكن تم سحبها عام 2019. في ذلك الوقت، قال متحدث باسم المؤسسة إن غارزا “ينفي بشكل قاطع تورطه في هذا الانتهاك أو أي إساءة أخرى”.

توضيح من المؤسسة الدينية

وقالت المؤسسة الدينية في ردها على ما ورد في الوثائق إن أحد الصناديق هو “صندوق التقاعد والخيري الطبي” المخصص لتلقي التبرعات من أجل الكهنة المسنين.

وذكرت أنه ليست لديها معرفة بعمليات أو شروط المؤسستين اللتين تمتلكان الصندوقين اللذين توجد فيهما معظم الأموال وهما “AlfaOmega Trust ” و”Salus Trust”، مؤكدة أنهما يحتويان على مئات الملايين من الأصول المخصصة لصندوق التقاعد والطب الخيري.

وقال متحدث باسم “فيالق المسيح” إنه سيكون من الخطأ “عزو أي قرارات أو استثمارات أو أنشطة” من كلا الصندوقين إلى المؤسسة، لكنه أقر بأنها تطلب أحيانا “تبرعات” من المؤسستين “اللتين تتمتعان بحرية قبول أو رفض هذه الطلبات”.

وأكد متحدث باسم الشركتين إن الهدف منهما هو “مساعدة الكهنة المسنين ودعم المشاريع الاجتماعية والخيرية والروحية القائمة على التعاليم الكاثوليكية”.

وقال متحدث باسم الصندوقين إنه تم إنشاؤهما في نيوزيلندا لأن الدولة “مهنية وموثوقة وتعاونية وجادة”، وذكر أن الصناديق ظلت هناك بعد اللوائح الجديدة “للاستفادة من القانون والشفافية الأكثر صرامة في البلاد بدلا من الانتقال إلى دولة ذات قوانين أقل صرامة “.

ومع ذلك، تظهر مراجعات للعديد من السجلات المسربة أن الصناديق الثلاثة مرتبطة على نطاق واسع بأعلى المستويات في المؤسسة الدينية، وتشير إلى أن لها جميعها نفس العناوين، ونفس الأمناء، ولديها حسابات في البنوك السويسرية ذاتها.

وردا على أسئلة حول ما إذا كان قد كُشف عن هذه الصناديق للفاتيكان، قالت المؤسسة الدينية إن “المعاهد الدينية ليست ملزمة بإرسال معلومات مفصلة إلى الفاتيكان فيما يتعلق بقراراتها المالية الداخلية أو تنظيمها”. وأقرت بأنها أنشأت أحد الصناديق الاستئمانية الثلاثة، لكنها نأت بنفسها عن الصندوقين الآخرين، اللذين يحويان غالبية الأموال.

وتشير الوثائق إلى أن ممول هذه الصناديق عائلة صناعية بارزة في المكسيك، يتحدر منها، غارزا ميدينا، وقال متحدث باسمه إنه لا يسيطر على الصناديق، وإنها “خيرية تماما ومكرسة لدعم الكهنة المسنين والقضايا الكاثوليكية الأخرى”.

لكن شقيقته المنشقة، روبرتا غارزا، قالت للاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين إن الجماعة كانت تستخدم الكيانات الخارجية لتحويل الأموال الدينية والخيرية إلى” أغراض خدمة ذاتية أكثر، مثل الإنفاق على الحياة الفخمة لماسيل وأطفاله السريين والمخدرات التي كان يتعاطاها”.

وقال الأب آرون سميث، المتحدث باسم الجماعة، ردا على ذلك: “لسنا على علم بما هي الأسس التي تقدم بها روبرتا غارزا تأكيداتها… لم نعثر على أي دليل على استخدام الهياكل الخارجية لتحويل الأموال الدينية والخيرية من المصلين لتمويل ما نعرفه عن حياة ماسيل المزدوجة”.

وتشير الوثائق إلى أن قادة المؤسسة لم يخضعوا لعقوبات ولم يشاركوا في أي إجراءات جنائية في الولايات المتحدة، لكن الاستثمارات لا تزال تشير إلى مدى سهولة ضخ ملايين الدولارات في العقارات الأميركية دون لفت الأنظار.

ويلقي الخبراء باللوم على “اللوائح الفيدرالية المتساهلة في السماح بالسرية التي تجعل الاستثمار العقاري الأميركي جذابا لأولئك الذين يسعون لإخفاء الأموال”، وفقا للمقال.

وقالت بينسام في بيان إنها “تلتزم ببرنامج الامتثال الشامل وهو ‘اعرف عميلك’ عند تحديد قبول مستثمر جديد أو مواصلة العلاقة مع مستثمر حالي”. وقالت إنها “لم تتلق ولم تتلق أي معلومات من شأنها أن تدفع الشركة إلى الاعتقاد أن أيا من مستثمريها كانوا أو يخضعون حاليا لحكم أو إدارة فيالق المسيح”.

ونشر مؤخرا تحقيق فرنسي مستقل كشف تعرض أكثر من 216 ألف طفل لانتهاكات أو اعتداءات جنسية ارتكبها رجال دين كاثوليك في فرنسا بين 1950 و2020، وأعرب البابا فرانسيس، الثلاثاء، عن “حزنه العميق” لما مر به الضحايا.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى