درس من إرث القبانجي* كرم نعمة

النشرة الدولية –

يروي القبانجي، والقصة على لسان سعدون جابر أثارها أمامي قبل سنوات وهو يربط معنى ألا يعيش المغني من الفن، أن القبانجي كان يُحتفى به من تشريفات القصر الملكي في ثلاثينات القرن الماضي عندما تقام الحفلات ويتم الاتصال به ونقله مع الفرقة الموسيقية في التوقيت المناسب إلى مكان الحفل. لكن من يسأل عنهم بعد انتهاء الحفل ومن يعطي الموسيقيين أجورهم؟ “يتساءل أبوالقاسم وهو يروي الحكاية لسعدون جابر”.

تعلم القبانجي منذ ذلك الوقت الدرس الأعمق بأن حياته وأسرته يجب أن تكون بمعزل عن فنه. لذلك عاش كريما من أعماله خارج الغناء، بينما بقي موسيقار العراق الأول في الغناء.

كان أبلغ درس إنساني تعلمه سعدون جابر، واستفاد منه بأقصى ما يمكن أن يفصل حياته ومعيشته عن فنه، وهذا سبب استمرار نجاحه بعد كل هذا العمر “سيعود إلى جمهوره الخليجي في حفل على هامش معرض الرياض الدولي للكتاب مع الموسيقار نصير شمه في السادس من أكتوبر”، بينما تتلبس الحسرة أكثر من جيل من المطربين العراقيين وهم يعيشون الجحود ومرارة العيش بعد عقود من الغناء.

يروي الشاعر حميد سعيد، أنه تبلغ عندما كان مديرا للإذاعة والتلفزيون العراقي، بأن القبانجي سيزور المؤسسة في يوم ما. فأصر على استقباله أمام المبنى في احتفاء يليق به، وسط تساؤلات العاملين معه!

رد الشاعر العراقي على اعتراض أحدهم بالقول “أنني مجرد موظف في هذه المؤسسة وسأغادرها في يوم ما، بينما القبانجي يمثل إرثا موسيقيا لا يمكن لمدونة التاريخ إلا أن تضعه في أعلى متنها”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى