المعارضة التركية توسّع تحالفاتها
النشرة الدولية –
النهار العربي – سركيس قصارجيان
تشهد كواليس الأحزاب التركية المعارضة حركة سياسية نشطة مؤخراً، مدفوعة بنتائج استطلاعات الرأي التي تشير إلى تراجع أصوات حزب “العدالة والتنمية” وهبوطها إلى أدنى مستوى لها منذ تولّي الحزب الإسلامي السلطة في البلاد قبل عقدين من الزمن.
التفوّق السيكولوجي الذي وفّرته هذه النتائج للمعارضة المنتشية بالفوز في الولايات الرئيسية في الانتخابات المحلية الفائتة، والأزمات السياسية والاقتصادية التي باتت تحاصر رئيس الحزب الحاكم والجمهورية، رجب طيب أردوغان، قادتها إلى عقد لقاء تحت قبة البرلمان جمع ممثلين عن 6 أحزاب معارضة انتهى بالتوافق على إعادة تركيا إلى “النظام البرلماني المدعّم” والتأكيد على فصل السلطات.
اللقاءات السابقة في التاريخ السياسي التركي الحديث، الذي نادراً ما شهد توافقاً بين 6 أحزاب معارضة على بنود دستورية وسياسية، أنعش آمال الإطاحة بالرئيس التركي في الانتخابات المقبلة لدى فئة كبيرة من الجمهور التركي، رغم وجود بعض التباينات بين الأحزاب في التفاصيل، فيما لا يزال الإعلان الرسمي عن نتائجه مؤجّلاً إلى حين اجتماع زعماء الأحزاب الستة لإطلاق برنامجهم الانتخابي أو رؤيتهم لما بعد 2023.
10 بنود توافقية بين الأحزاب الستة المعارضة
بحسب المعلومات التي حصل عليها “النهار العربي” فقد نتج من الاجتماع الثالث لأحزاب المعارضة الستة على مستوى نواب الرؤساء، وهي حزب “الشعب الجمهوري” الذي يمثل المعارضة الرئيسية في البلاد، وشركاءه في “تحالف الأمة” “الحزب الجيد”، و”حزب السعادة” و”الحزب الديموقراطي”، إضافة إلى حزبي “المستقبل” و”الديموقراطية والتقدم” من خارج التحالف، الاتفاق على مبادئ لتكون بمثابة خريطة طريق تتبعها “السداسية” قبل الانتخابات، وحين وصولها إلى السلطة بعد فوزها في الانتخابات، في نص أشبه بـ”البيان الانتخابي”.
ويمكن تلخيص البنود التي تم الاتفاق عليها من قبل المشاركين، تمهيداً لرفعها إلى رؤساء الأحزاب الذين سيعلنون عنها رسمياً في لقاء يجمعهم، على النحو التالي:
– رئيس محايد وغير حزبي: بصلاحيات تمثيلية.
– تعزيز سلطة البرلمان الذي يقوم بانتخاب رئيس الوزراء والوزراء، مع تسهيل التصويت على الثقة للحكومة وتقييد خطوة سحب الثقة بإجراءات أكثر صرامة.
– إعادة هيكلة القضاء على أساس الجدارة للوصول إلى مؤسسة نزيهة ومستقلة، وإنشاء المجلس الأعلى للقضاة والمجلس الأعلى للمدعين العامين.
-إعادة هيكلة المجلس الأعلى للانتخابات من أجل ضمان حق التصويت والترشّح وأمن الانتخابات.
-تحرير الإعلام من التبعية للحكومة وتجريد المجلس الأعلى للإذاعة والتلفزيون من صلاحية إصدار العقوبات الجزائية بحصر القرار الجزائي بالقضاء فقط.
-إقرار قانون الأخلاق السياسية: تدعيم صلاحيات البرلمان للتحقيق في مزاعم المحسوبية، والإثراء غير الشرعي، والتخصيص غير العادل للموارد، والفساد، واستغلال النفوذ، والرشى، واستخدام موارد الخزانة لمنافع شخصية أو فئوية.
-توسيع صلاحيات “ديوان المحاسبة” المعني بالتفتيش والتدقيق في نفقات وأصول الدولة نيابة عن البرلمان.
-تعديل الدستور: من أجل الانتقال إلى نظام برلماني مدعّم.
-حل المسألة الكردية تحت قبة البرلمان.
-شفافية الإدارة عبر تطبيق نهج إداري شفاف عند انتقال السلطة كشرط أساسي للديموقراطية وتفعيل أدوات الرقابة للبرلمان والقضاء والإعلام.
مؤشرات تحالف جديد
وعلم “النهار العربي” من مصادر حزبية وإعلامية في العاصمة التركية أنقرة أن انضمام حزبي “المستقبل” و”الديموقراطية والتقدّم” الناشئين عن انشقاق رئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو ووزير الاقتصاد الأسبق علي باباجان عن العدالة والتنمية، للأحزاب الأربعة المتحالفة ضمن اتّفاق “الأمة”، يعتبر خطوة متقدّمة على طريق توسيع التحالف السابق ليضم الأحزاب الستة الحالية بدلاً من الأربعة السابقة وتحت مسمّى “تحالف الديموقراطية”.
وقال مصدر حزبي معني باجتماعات المعارضة التركية مؤخراً أن “العمل جار من أجل توسيع التحالف استعداداً للانتخابات الرئاسية المقبلة بعد عام ونصف عام، من أجل ضمان الإطاحة بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان”، وهو ما يفسّر النشاط اللافت لرؤساء أحزاب المعارضة في عقد اجتماعات ولقاءات ثنائية في الأسابيع الأخيرة في شكل خاص.
لكن المصدر، الذي تحدّث شريط عدم الكشف عن اسمه كونه ليس مخوّلاً الإدلاء بتصريحات حول الموضوع، كشف عن “بعض العراقيل التي يجب اجتيازها لتحقيق الهدف المذكور. فرغم وجود اتفاق على الخط العام، إلا أن هناك بعض التباينات في مواقف الأحزاب في ما بينها لجهة البرنامج السياسي لكل حزب، والخوف من رد فعل مناصريه من التحالف مع أحزاب بعيدة من ايديولوجيتها”.
وبحسب المصدر، فإن أبرز الاختلافات هي في صلاحيات رئيس الجمهورية بعد العودة إلى النظام البرلماني المدعّم ومدة رئاسته وطريقة انتخابه، ففي حين يرى “الشعب الجمهوري” في الرئيس حكماً محايداً يصر “الحزب الجيد” على منح بعض الصلاحيات للرئيس وعدم ابقاء منصبه فخرياً، كما يتفق “الشعب الجمهوري” مع “المستقبل” في عدم تحديد إمكان الترشّح للرئاسة، مقابل رغبة “الجيد” و”الديموقراطية” و”التقدّم” في تحديد الرئاسة بفترة واحدة ولمدة 6 سنوات، كما أن هناك تبايناً في وجهات النظر بين الاحزاب في طريقة انتخاب الرئيس بين الاقتراع الشعبي والانتخاب البرلماني.
تراجع لتحالف السلطة مقابل تقدّم التحالف المعارض
وأظهر أحدث استطلاع للرأي في تركيا قامت به شركة أبحاث الرأي العام KONDA، انخفاضاً في أصوات “تحالف الشعب” الحاكم والمؤلف من حزب “العدالة والتنمية” وشريكه حزب “الحركة القومية” إلى 41.6 في المئة، مقابل تصاعد أصوات “تحالف الأمة” بنسبة 2.8 في المئة لتصل إلى 44.1 في المئة في أيلول (سبتمبر) الماضي للمرة الأولى منذ الإعلان عن قيامه في الأول من أيار (مايو) 2018.
وانخفض معدل التأييد لصالح حزب “العدالة والتنمية”، الذي كان 36.1 في المئة في تموز (يوليو) الماضي، إلى 32.7 في المئة في أيلول (سبتمبر) الماضي، كما انخفض معدل التصويت لحزب “الحركة القومية” إلى 8.9 في المئة.
وفي المقابل، شهد معدل التصويت للحزب “الجيد” ارتفاعاً من 15.7 إلى 19.3 في المئة مقابل تراجع طفيف لأصوات حزب “الشعب الجمهوري” من 25.6 في المئة إلى 24.8 في المئة. فيما بلغ معدل التصويت لحزب “الشعوب الديموقراطي” 11.7 في المئة، مقابل 11.2 في المئة في تموز (يوليو) الماضي.
كما ارتفع التأييد لـ “الأحزاب الأخرى” بما في ذلك حزب “السعادة” و”المستقبل” و”الديموقراطية والتقدم” من 0.5 في المئة إلى 2.6 في المئة.
أما اللافت للانتباه في النتائج المعلنة، فتمثّل في اعتبار 64 في المئة من المستطلعين أن فوز الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان في الانتخابات المقبلة “أمر سلبي”.