دراسة ل «لوياك»: 95% من شباب الكويت يؤمنون بأهمية زيارة الطبيب النفسي
النشرة الدولية –
يعد وجود هدف رئيسي يسعى الشخص إلى تحقيقه من أهم عوامل الشعور بالرضا لدى الشباب بحسب رأي 47.8% من المشاركين في دراسة استقصائية متخصصة أجرتها «لوياك» لتحديد عوامل الشعور بالرضا، وأهم مسببات القلق لدى قادة المستقبل.
وتوصلت الدراسة إلى أن 95% من الشباب يؤمنون بأهمية التوجه إلى الطبيب أو المختص النفسي في بعض الأحيان، في حين أن 6% منهم قاموا بالفعل بزيارة هذا الطبيب لمساعدتهم على مواجهة بعض الضغوط النفسية التي واجهتهم.
ويعد الاهتمام بالصحة النفسية للفرد من القضايا الرئيسية الملحة التي تفرض نفسها على المجتمع الإنساني ككل، لما للضغوط النفسية والقلق من أثر سلبي على الصحة النفسية بشكل عام.
ولما تشكله الضغوط النفسية من خطورة على فئة الشباب في مجتمعنا، وما لها من انعكاسات سلبية على حياتهم ما لم يتغلبوا على هذه المعوقات، والتي إذا تخطوها وعملوا على مجابهتها فإن هذا يعتبر تحقيقا لمتطلبات الصحة النفسية التي أصبحت أكثر من ضرورية للنمو السليم للشباب، لأنهم شريحة يعد وجودها واستمرار دعمها ورعايتها ركيزة مهمة للمجتمع، فهم قادة المستقبل وعلماؤه ومفكروه.
وقد قام قسم الدراسات والأبحاث في «لوياك» بعمل دراسة للكشف عن أهم مسببات القلق والضغوط النفسية لدى عينة من الشباب في الكويت وعلاقتها بالصحة النفسية، مستعينا بآراء المتقدمين لبرنامج لوياك للتدريب المهني (درب) للعام 2019، والذين بلغ عددهم 3085 مشاركا، حيث كانت فئاتهم العمرية من 14 إلى 31 عاما، وقد تم جمع بيانات هذا الاستبيان عن طريق إدراج أسئلته في طلب الالتحاق الإلكتروني للبرنامج الذي امتدت فترة التقديم إليه من 30 يونيو إلى 10 أغسطس 2019.
وقد شكل المشاركون الكويتيون النسبة الأكبر من عينة الاستبيان (77%)، وكانت الإناث أكثر إقبالا على المشاركة في البرنامج، حيث شكلن ما نسبته 60% من العينة التي شملت مختلف محافظات الكويت، مثلت محافظة حولي العينة الأكبر بينها بنسبة 37%، في حين أتت أقل نسبة من المشاركين من محافظة الجهراء بنسبة 6%، وفيما يلي تفاصيل الدراسة:
رغم أن أهداف «رؤية الكويت 2035» الرئيسية تضمنت هدفا يختص بالسعي لتحسين جودة الخدمة في نظام الرعاية الصحية العامة وتطوير القدرات الوطنية، لم يتم ذكر تحسين الصحة النفسية في الخطة، وبالتالي يسبب البحث عن الخدمات العلاجية للصحة النفسية في الكويت حرجا اجتماعيا على الرغم من التغير الطفيف في المنحى الناتج عن زيادة اهتمام وزارة الصحة في الكويت بأهميتها.
ومن الجدير بالذكر أن الحكومة الكويتية قد أصدرت القانون رقم 14 لعام 2019 بشأن الصحة النفسية، وهو الأول من نوعه في الكويت.
وقد استهدفت الدراسة التعرف على أهم العوامل لشعور الشباب بالرضا عن حياتهم وتحديد أهم مسببات القلق والضغوط النفسية التي يتعرضون لها وأنواعها وكيفية التعايش معها ومحاولة تلافي آثارها، كما تهدف أيضا إلى قياس مدى وعيهم بأهمية الصحة النفسية وضرورة اللجوء الى المختصين لطلب المساعدة عند الحاجة.
وتعرف الصحة النفسية، وفقا لمنظمة الصحة العالمية، بأنها «حالة من العافية يمكن فيها للفرد تكريس قدراته الخاصة والتكيف مع أنواع الإجهاد والقلق العادية في الحياة والعمل بتفان وفعالية ويكون قادرا على المساهمة في مجتمعه»، وتعتبر منظمة الصحة العالمية الاضطرابات النفسية إحدى أكبر المشكلات الصحية حول العالم وأحد أبرز العوامل التي تزيد من العبء الذي تشكله الأمراض على الصعيد العالمي.
وأظهرت نتائج الدراسة أن أكثر ما يزيد رضا الشباب عن الحياة هو الشعور بوجود هدف أو غاية يسعون لتحقيقها في الحياة بنسبة 47.8%، تليه الحرية في اتخاذ القرارات بنسبة 39.6%، كما اتضح أن أكثر العوامل المسببة للقلق والضغط النفسي التي يواجهها الشباب التحدث أمام الجمهور بنسبة 25.7%، يليها الفشل في إدارة الوقت بنسبة 19.7%.
ومن الجدير بالذكر أن 95% من الشباب المشاركين في الاستبيان يؤمنون بضرورة التوجه للطبيب أو الاخصائي النفسي، في حين أن 6% فقط قد استعانوا بالفعل بالطبيب أو الأخصائي النفسي رغبة منهم في التغلب على القلق أو التوتر أو الضغوط النفسية التي قد عانوا منها.
الشباب والصحة النفسية
عوامل الشعور بالرضا في الحياة لدى الشباب هي: الحرية في اتخاذ القرارات وإيجاد هدف أو غاية في الحياة، وهما أبرز العوامل وأهمها التي يمكنها أن تزيد من مستوى الشعور بالرضا عن الحياة بين الشباب المشاركين في الاستبيان.
وقد أظهرت نتائج الدراسة أن 36.3% من المشاركين في الاستبيان يشعرون بالرضا عن حياتهم بشكل عام، حيث كانت أعلى ثلاثة عوامل من الاختيارات المدرجة كما يلي: «الشعور بالغاية والهدف من حياتي» بنسبة (47.8%) و«حرية اتخاذ القرارات» بنسبة 39.6% و«الدخل المادي المرتفع» بنسبة 20.2%، بينما كانت أقل ثلاثة اختيارات هي «المخدرات» بنسبة 0.2%، و«تناول الأدوية أو المهدئات» بنسبة 0.3%، و«الزواج» بنسبة 3%.
وقد تصدر كل من الحرية في اتخاذ القرارات وإيجاد هدف في الحياة العوامل الأخرى التي قد تؤثر على شعور الشباب بالرضا عن حياتهم، حيث كان «الشعور بالغاية والهدف من حياتي» أكثر العوامل اختيارا بهامش كبير بلغ 8.2% عن العامل الذي تلاه، وهو ما يتسق تماما مع نتائج الدراسات التي بحثت العلاقة بين إيجاد الهدف أو الغاية في الحياة والصحة النفسية.
وكانت العبارة «حرية اتخاذ القرارات» ثاني أكثر العوامل اختيارا بهامش كبير عن العامل الذي تلاه بنسبة 19.4%.
وحدد عدد أكبر من الذكور بنسبة 25.7%، أن الحصول على دخل مادي مرتفع كسبب في ازدياد شعورهم بالرضا في الحياة، بينما كانت نسبة الإناث للسبب نفسه 16.5%، ومن الممكن أن يكون السبب في هذه النسبة هو التوقع السائد بأن الذكور هم المعيلون الرئيسيون لكسب العيش بمجتمعنا، بينما حددت نسبة أكثر من الإناث (51%) الشعور بالغاية والهدف من حياتي سببا رئيسيا في ازدياد شعورهن بالرضا في الحياة، بينما كانت نسبة الذكور 42.8% للسبب نفسه.
وقد يرجع ذلك الى تضاؤل الفرص أمام الإناث لاستكشاف قدراتهن لعدة أسباب منها:
٭ القيود العائلية التي تمنع الفتيات من الوجود خارج المنزل.
٭ القيود العائلية التي تمنع الفتيات من ممارسة الفنون الأدائية والرياضة.
٭ قلة عدد النوادي الرياضية النسائية.
وأفاد عدد أكبر من الذكور (19.6%) بأن حصولهم على مجموعة جديدة من الأصدقاء قد يزيد من شعورهم بالرضا، بينما كانت نسبة الإناث 14.2%.
وقد رصدت الدراسة أن 6.1% من الذكور يرون أن الزواج يزيد من شعورهم بالرضا، بينما بلغت نسبة الإناث في هذه الرؤية 0.9% فقط، وعلى الرغم من صغر النسبة عموما إلا أن من الملاحظ أن عدد الذكور الذين اختاروا الزواج كسبب للشعور بالرضا في الحياة كان سبعة أضعاف عدد الإناث المشاركات في الاستبيان، وقد تشير حقيقة عدم تحمس الفتيات للزواج مقارنة بالذكور إلى تضاؤل شعورهن بتحقيق الذات بشكل أكبر، وبالتالي لا يرغبن في تكوين أسرة جديدة قبل استكشاف فرصهن في ممارسة الهوايات والرياضة وإثبات ذواتهن في الحياة العملية.
العوامل المسببة للقلق بين الشباب
أكثر العوامل المسببة للقلق، حسب ما أفاد به الشباب المشاركون في الدراسة، هي «الخطابة/ التحدث أمام الجمهور» بنسبة 25.7%، و«الفشل في إدارة الوقت» بنسبة 19.7%، و«الحالة المادية» بنسبة 15.1%، ومواعيد تسليم الواجبات والمهام بالدراسة أو العمل 15.1%. وقد يكون التحدث أمام الجمهور أكثر ما يثير قلق الشباب بسبب استبدال الكثير من وسائل التواصل التي كانت تتم عبر الهاتف أو بالاجتماع شخصيا بالتواصل الكتابي مثل كتابة الرسائل النصية القصيرة أو إرسال البريد الإلكتروني أو المنشورات عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتعليق عليها، ما يؤدي إلى تدهور المهارات الاجتماعية وازدياد الشعور بالقلق الاجتماعي بين الأجيال الصغيرة في السن.
وقد عملت المدارس الخاصة على توفير العديد من الفرص لطلبتها في قيادة المجموعات الطلابية والتركيز على مهارة التحدث أمام الجمهور، بينما لا تقوم المدارس الحكومية بتوفير تلك الفرص لطلبتها الذين شكلوا معظم من شاركوا في هذا الاستبيان.
وهناك اختلافات طفيفة بين الجنسين بخصوص العوامل المسببة للقلق أو التوتر، حيث أفادت الإناث بنسبة 12.3% بأنهن يشعرن بالقلق بسبب المواعيد النهائية لتسليم المهام المهنية والأكاديمية، وفاقت نسبتهن نسبة الذكور التي بلغت 8.8%، كما أفادت الإناث بنسبة 19.8% بأنهن يشعرن بالقلق من التحدث أمام الجمهور، بينما كانت نسبة الذكور 16.8% للسبب ذاته.
وأفاد 20.7% من غير الكويتيين من الشباب المشارك في الاستبيان، بأن الحالة المادية أو الأمور المالية الشخصية تعتبر من الأمور المؤرقة لديهم مقارنة بنسبة 13.6% من الشباب الكويتي الذين قاموا باختيار هذا العامل، ويتوافق ذلك مع دراسة سابقة أجراها مجلس الأمة الكويتي في عام 1991، والتي استنتجت أن الشباب غير الكويتيين أكثر عرضة للشعور بالقلق والتوتر بسبب الأمور المالية الشخصية عن غيرهم من الشباب الكويتي.
مستويات اضطراب القلق والضغوط النفسية
بحثت الدراسة مدى انتشار القلق والاضطرابات النفسية بين الشباب المشارك في الاستبيان عن طريق عدد من الأسئلة المتنوعة، والتي من خلالها تم قياس مدى تكرار شعورهم بأعراض تلك المشاكل خلال الشهور الثلاثة السابقة للاستبيان، ومن تلك الأعراض:
٭ القلق والتوتر.
٭ قلق يصعب التحكم فيه.
٭ القلق حيال العديد من الأمور.
٭ الشعور بعدم الراحة.
٭ اضطرابات النوم.
٭ نوبات الفزع.
وقد أعطيت لكل إجابة من إجابات الأسئلة المستوحاة من اختبار القلق العام (GAD7) درجة كالتالي: «0 = لم يحدث إطلاقا، 1 = عدة أيام، 2 = أكثر من نصف الأيام، 3 = تقريبا كل يوم».
وبعد حساب مجموع الإجابات لكل سؤال من الأسئلة المستوحاة من اختبار اضطراب القلق العام، تم توزيع مجموع نقاط المشاركين، كما يتضح في الجدول.
وأظهرت النتائج أن 77.73% من المشاركين في الاستبيان سجلوا مجموع نقاط منخفضا مما يعكس أنهم لا يواجهون أو يعانون من أي نوع من القلق أو الضغوط نفسية وأنهم يتمتعون بصحة نفسية جيدة، في حين سجل ما نسبته 20.7% من الشباب المشارك مجموع نقاط أعلى من 5 وأقل من 9، ما يعكس شعورهم بأعراض طفيفة للشعور بالقلق على الأقل كإحدى مشكلات الصحة النفسية، ويتفق ذلك مع إحصائيات نشرتها وزارة الصحة في الكويت خلال شهر أبريل 2019، حيث أظهرت أن 20% من الكويتيين يعانون من القلق.
كما بلغت نسبة الحاصلين على النقاط ما بين 10 و14 (1.49%) من المشاركين، ما يعكس شعورهم بأعراض متوسطة للقلق وربما كانوا في حاجة للحصول على الدعم والعلاج النفسي والاهتمام الطبي. وكانت نسبة المشاركين الذين يعانون من أعراض القلق بشكل عال (0.03%) ويحتاجون للدعم النفسي ومعالجة ما يواجهونه من قلق بشكل طارئ.
واتضح أيضا أن الذكور (81.7%) سجلوا عددا أكبر من النقاط في الفئة المنخفضة للشعور بالقلق، وبلغت نسبة الإناث الأقل عرضة للقلق ومشاكل الصحة النفسية (75.1%)، وسجلت الإناث مجموعا أكبر من النقاط بنسبة 23% في فئة الأعراض الطفيفة للقلق مقارنة بالذكور الذين بلغت نسبتهم 17.3%، كما بدت الإناث عرضة بشكل مضاعف لاحتمالية الشعور بالأعراض المتوسطة للقلق والضغط النفسي.
وأظهرت النتائج أن غير الكويتيين من الشباب المشارك في الاستبيان سجلوا عددا أكبر من النقاط في فئة الأعراض المتوسطة للقلق بنسبة 1.99%، بينما سجل الكويتيون المشاركين في الاستبيان ما نسبته 0.04% أعراضا متقدمة للشعور بالقلق.
وقد تبين أن الأفراد الذين تزيد أعمارهم على 25 عاما سجلوا عددا أكبر من النقاط في فئة الأعراض المتوسطة بنسبة 2.9%، بينما سجل 0.1% في فئة الأعراض الحادة بالفئة العمرية التي تتراوح بين 18 و21 عاما.
عوامل التغلب على القلق
بينت الدراسة أن الشباب يتعامل مع القلق أو مشكلات الصحة النفسية التي يواجهونها على الأغلب من خلال الصلاة بنسبة 26.9% والتحدث مع أحد الأصدقاء أو الأقرباء بنسبة 21.7% وممارسة الهوايات أوالرياضة بنسبة 14.6%، ولم يكن اللجوء إلى أخصائي نفسي ضمن الاختيارات الشائعة، علما أنه يمكن للمشاركين اختيار أكثر من إجابة لهذا السؤال.
كانت هناك اختلافات في كيفية تعامل الجنسين مع القلق، فبينما كانت الإناث أكثر ميولا للتعامل مع القلق عن طريق الاهتمام بالعناية الشخصية أو الذهاب لمنتجع صحي/ سبا بنسبة 9.9%، كانت نسبة الذكور 4.3%، وبدا 17.2% من الذكور أكثر ميولا للتعامل مع القلق عن طريق ممارسة الهوايات والرياضة مقارنة بـ 12.8% من الإناث، وهو ما يتوافق مع النتائج السابقة التي أظهرت أن الإناث لديهن فرص أقل لاستكشاف قدراتهن وإمكانياتهن في الهوايات أو ممارسة الرياضة.
وعي الشباب بأهمية العلاج
ولمعاينة أو لرصد مستوى وعي الشباب بأهمية البحث عن العلاج عند الضرورة تم سؤالهم عن عدد المرات التي زاروا فيها طبيبا/ معالجا نفسيا وعن تصورهم حول الأشخاص الذين يحصلون على العلاج.
ومن نتائج الدراسة تبين أنه رغم بلوغ نسبة الشباب الذين يعانون من أعراض القلق وبعض المشاكل النفسية (اضطراب القلق العام) (22.3%) واعتقاد الشباب بأهمية الحصول على العلاج بنسبة مرتفعة جدا بلغت 95%، أفاد 6.2% فقط بأنهم قد زاروا طبيبا نفسيا بالفعل خلال الأشهر الثلاثة الماضية، ومن المرجح أن يرجع هذا التناقض للشعور بالحرج الاجتماعي المقترن بمشاكل الصحة النفسية والخوف من أي استخدام ممكن لسجلات المريض كورقة ضده في النزاعات القانونية أو الخوف من فقدان الوظيفة.
«التربية» وتعزيز الصحة النفسية
تهتم وزارة التربية بموضوع الصحة النفسية لما له من تأثير على صحة الطلاب بشكل عام، حيث اتضح أن نسبة كبيرة منهم يعانون من مشكلات نفسية على المستوى الأسري، مما قد يتسبب في تراجع مستواهم التعليمي، وقد صرحت المعلمة في وزارة التربية غدير بورحمه بأن الوزارة تعمل على تهيئة بيئة مريحة للطلبة لرفع المستوى التعليمي من خلال إدراج مادة «الصحة النفسية» في المنهج المخصص للصف الثاني عشر بالإضافة إلى مادة «علم النفس» والتي تحتوي على جزء يهتم بموضوع الصحة النفسية.
وتابعت: هناك العديد من المشكلات التي تواجهها الطالبات منها التفكك الأسري وتأثير الصحبة في تكوين شخصيتهن مما يسبب تعثرهن في المستوى الدراسي ومشاكل نفسية أخرى، كما أن الوزارة تعمل مع وزارة الصحة بشأن متابعة الأخصائيين النفسيين للطلبة وتهتم أيضا بسرية المعلومات حول القضايا التي يعانون منها للتغلب على ما يواجهون من صعوبات.
من جانب آخر أوضحت أستاذة علم النفس في وزارة التربية فاطمة شهاب، أن الوزارة لا تهتم بموضوع الصحة النفسية بشكل كاف، وعليها أن تقوم بخطوات جدية حول هذا الموضوع لما فيه من الأثر الكبير على نفسية الطلبة والطالبات.
وأضافت أن وزارة التربية تقدم مادة الصحة النفسية وهي مادة اختيارية بالإضافة إلى مادة علم النفس والتي تحتوي على جزء كبير يتعلق بالصحة النفسية وتعطى للصفين الحادي عشر والثاني عشر، وبرأيي أن المشكلة الأكبر التي يعاني منها الطلبة هي قضية التفكك الأسري حيث تؤثر هذه القضية على نفسيتهم بشكل كبير ويجب أن تكون هناك وقفة جادة من وزارة التربية للتغلب على هذا الموضوع.
تأثير المكان على القلق
على الرغم من عدم وجود تباين كبير بين المحافظات لاحظ الدراسة أن أعلى نسبة للشباب الذين لا يعانون من القلق كانت في العاصمة، حيث بلغت 79.6%، وكانت أعلى نسبة للأفراد الذين يشعرون بأعراض طفيفة للقلق أو الضغط النفسي في محافظة الأحمدي بنسبة 22.5%، وحصل الشباب المشارك من محافظة الجهراء على أعلى نسبة للأفراد الذين يشعرون بأعراض متوسطة للقلق بنسبة 2.2%، ونسبة الأفراد الذين يشعرون بأعراض حادة للقلق في محافظة الفروانية بنسبة 0.2%.
دور «لوياك» في التوعية بأهمية الصحة النفسية
قامت «لوياك» بعقد لجنة للتعريف بالصحة النفسية كجزء من برنامج اللجان التوعوية التي تنفذها بهدف تناول أي مشكلة اجتماعية تهم الشباب والمجتمع.
وقد أقيمت ورش هذه اللجنة بشكل افتراضي عبر منصة «زووم» لمدة ثلاثة أسابيع من 15 إلى 24 مارس 2021، والتي جاءت بالتعاون مع مدربين متخصصين في مجال الصحة النفسية وما يتعلق بها، وكانت ورش العمل تعقد بواقع يومين في الأسبوع بمشاركة 38 شابا وشابة، وقد تطرقت اللجنة إلى مواضيع مثل الوعي بالصحة العقلية والصحة النفسية ومدى تأثيرها على علاقاتنا الشخصية.
تقول المدربة والأخصائية السلوكية فجر المناعي أنها لاحظت التفاعل الكبير بين الشباب المشاركين في هذه اللجنة لمعرفة القضايا المتعلقة بالصحة النفسية، والتي من الممكن أن تؤثر على حياتهم في المستقبل، وتابعت: لقد ناقشنا العديد من النقاط، ومنها كيفية التغلب على مشاكل الصحة النفسية وتحويلها إلى نقاط قوة تضاف إلى شخصيتهم في المستقبل، بينما أوضحت المدربة في مجال الصحة النفسية إيمان العبيد، أنها وجدت الشباب فضوليين ومهتمين بمعرفة كل ما يتعلق بقضايا الصحة النفسية وطرق معالجتها، وأكدت أنه من واجب الجميع الاهتمام بهذه الأمور ونشر الوعي بين الشباب عنها ليتمكنوا من التغلب عليها ومواصلة حياتهم بعيدا عن المشاكل التي من الممكن أن تشكل عائقا أمامهم للنجاح.
من جانبها، أكدت نورة العبيد ـ إحدى منتسبات البرنامج ـ أنها لم تتوقع أن تحب هذه التجربة، خصوصا أن الأجواء العامة خلال جميع الجلسات كانت ودودة وممتعة للغاية، وقالت: اعتقدت في البداية أنني أعي مفهوم الصحة النفسية، إلا أنني حينما قمت بالمشاركة في هذه اللجنة، والتي كانت بإشراف مدربين رائعين، كان الطرح من خلال هذه الورش التعليمية مفيدا للغاية لاسيما في التغلب على المشاكل التي تتعلق بالصحة النفسية.
من جانب آخر، أكدت جوا صادق ـ إحدى منتسبات البرنامج ـ أنها كانت مهتمة جدا بالصحة النفسية.
وتابعت صادق: في البداية اعتقدت أن الأمر سيكون صعبا، لكن عندما حضرت الجلسة الأولى كان الأمر ممتعا وسهل الفهم، بعد هذه التجربة تعلمت الكثير، مثل طرق التعامل مع من يعاني من مشاكل في الصحة النفسية.
«لوياك» وتهيئة البيئة الخصبة للشباب
«لوياك» منظمة إقليمية غير ربحية رائدة في مجال التنمية الشاملة للشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و35 عاما، حيث تهيئ لهم البيئة الخصبة ليصبحوا قادة مسؤولين وفعالين في المستقبل، تأسست عام 2002 في الكويت ولها أفرع في لبنان والأردن واليمن.
تعمل «لوياك» على تمكين الشباب من خلال توفير الفرص الوظيفية والبرامج المختلفة بمجالات التطوير المهني والخدمة المجتمعية والتعلم بالتجربة المعاشة، وتأتي هذه البرامج في سياق دعم «رؤية الكويت 2035» والخطة الإنمائية الوطنية والتي تتواءم مع أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.
توصيات للمؤسسات الحكومية في القطاع الصحي
٭ يجب على وزارة الصحة وغيرها من المؤسسات الحكومية ذات الصلة التعاون مع مؤسسات المجتمع المدني المناسبة للترويج للصحة النفسية بين الطلبة عن طريق تنفيذ حملات التوعية بالصحة النفسية في المدارس والجامعات والمجتمعات المحلية، كما عليها التعاون أيضا للدفع نحو ترويج قانون الصحة النفسية الذي صدر حديثا في الكويت وتسليط الضوء عليه.
٭ العمل على سد الفجوة بين تقبل فكرة البحث عن العلاج النفسي وعدد من يحصلون بالفعل على الخدمات العلاجية، لذا نوصي بالبحث عن أساليب مبتكرة لتنفيذ التدخل العلاجي المناسب للصحة النفسية ـ خاصة في الحالات ذات الأعراض الطفيفة ـ وذلك عن طريق تقديم الرعاية الصحية خارج منشآت الصحة النفسية التي قد تسبب شعورا بالحرج الاجتماعي، كما نوصي بتقديم مفاهيم عامة جديدة حول الخدمات العلاجية المعنية بالصحة النفسية مثل الإسعافات العاطفية الأولية Emotional first aid.
٭ نوصي أيضا بعمل المؤسسات المذكورة بشكل وثيق مع الجهاز القضائي لضمان عدم استغلال الحصول على العلاج النفسي في المنازعات بشكل غير قانوني في الاحتيال على الأشخاص وسلبهم حقوقهم في المحاكمات أواستغلال ذلك كذريعة للتمييز ضد الأشخاص في مكان العمل.
توصيات الدراسة
وفقا للدراسة المفصلة، توصلت «لوياك» إلى التوصيات التالية التي ينطبق بعضها على كل الأفراد الذين يتعاملون مع الشباب، والبعض الآخر من هذه التوصيات محدد للغاية وموجه لفئات معينة للعمل عليها وتطبيقها.
توصيات لكل من يعمل مع الشباب
٭ على من يعملون مع الشباب أن يعوا جيدا أن أهم عاملين لشعور الشباب بالرضا في الحياة هما البحث عن غاية أو هدف لحياتهم وحرية القيام بما يختارونه، كما أن عليهم التركيز على تحسين هذين العاملين في جميع السياسات والإجراءات المتعلقة بتطوير الشباب خاصة تلك المعنية بتطوير الصحة النفسية بين الشباب.
٭ تطوير ثقافة الاهتمام بالصحة والراحة النفسية والترويج لها بين الشباب والعائلات والمجتمعات المحلية.
٭ يستطيع المعلمون والعاملون في المجال التربوي مساعدة الشباب في التعامل مع مشاكل الصحة النفسية وتقليل مستويات التوتر والقلق عن طريق:
1 ـ بناء علاقة قوية مع الطلبة.
2 ـ تعزيز الكفاءات العاطفية والاجتماعية لدى الطلبة وبناء المرونة النفسية.
3 ـ ضمان بيئة آمنة وإيجابية في المدارس والجامعات.
4 ـ تدريس السلوك الإيجابي والقدرة على اتخاذ القرارات وتعزيز تلك المهارات.
5 ـ تشجيع الطلبة على التطaوع ومساعدة الآخرين ورسم البسمة على وجوههم.
6 ـ تشجيع التدريبات البدنية الجيدة.
7 ـ ضمان الحصول على دعم الصحة النفسية عن طريق المدارس والجامعات.
توصيات لأولياء الأمور
٭ التسلح بالمعرفة اللازمة لمساعدة الأبناء على إيجاد هدف ومعنى لحياتهم، وقضاء الوقت معهم لنقل الخبرات لهم.
٭ تمكين أبنائهم لمساعدتهم في اتخاذ القرارات مبكرا كلما سنحت الفرصة لهم ليس من أجل إعطائهم مساحة من الحرية فحسب ولكن لمساعدتهم أيضا في اتخاذ القرارات بفاعلية، وإثارة فضولهم وانفتاحهم على تجارب جديدة.
٭ تعليم الأبناء الإدارة الصحيحة للأمور المالية الشخصية والطرق المختلفة لزيادة الدخل لضمان حريتهم الاقتصادية وللتقليل من تعرضهم للقلق الناجم عن سوء إدارة الأمور المالية الشخصية.
٭ إشراك الأبناء في الفعاليات التي تنمي مهارات الحياة والتواصل الاجتماعي لتحصينهم من القلق الاجتماعي والقلق المتعلق بالأداء الذي قد ينتج عن التحدث أمام الجمهور أوالفشل في إدارة الوقت.
٭ الانتباه لأي أعراض متعلقة بالصحة النفسية قد تظهر على أولادهم وفهم أهمية الوقاية من مشاكل الصحة النفسية أو التعامل المبكر معها من خلال إشراك المعالجين المتخصصين.
٭ توعية الأبناء بأهمية الصحة النفسية وضرورة اللجوء للمعالج النفسي عند الضرورة، لمساعدتهم على تخطي ما يواجهونه من أزمات نفسية.
توصيات للمؤسسات الحكومية في القطاع التعليمي
٭ يجب على وزارتي التربية والتعليم العالي الأخذ بعين الاعتبار تخصيص عدد من المعالجين/ الأخصائيين النفسيين التربويين في كل مدرسة أو كلية لدراسة الوسائل والأساليب الاجتماعية والعاطفية والإدراكية في عملية التعلم ولتطبيق اكتشافات هذه الدراسات على العملية التعليمية.
٭ تقديم السياسات الوقائية اللازمة لمعالجة المشاكل المتعلقة بقلق الأداء الناتج عن التواصل الاجتماعي في المدارس والجامعات.
٭ البدء في تأسيس برامج الصحة النفسية المدرسية كمهمة أساسية في كل مدرسة.
٭ إعادة مراجعة عدد الأخصائيين الاجتماعيين في كل مدرسة ومقارنته بعدد الطلبة لضمان تقديم الدعم النفسي والعقلي وحصول الطلبة على خدمات علاجية متخصصة.
٭ تعيين اثنين من الأخصائيين النفسيين على الأقل في كل مدرسة لتطبيق الاختبارات النفسية، ومعالجة مشاكل الطلبة السلوكية والنفسية بالشكل الصحيح.
٭ تطوير عدد من البرامج والمناهج لتعزيز المرونة النفسية والقدرة على التأقلم لدى الطلاب.
ويجب أن ينصب اهتمام تلك البرامج على تطوير المهارات الحياتية للشباب بما في ذلك إدراج قدر أكبر من المهارات الاجتماعية والعاطفية مثل إدارة العواطف وإدارة النزاعات ومهارات حل المشكلات لتقوية كفاءاتهم الاجتماعية والعاطفية في هذه المناهج.
٭ البدء في إنشاء مركز لبرامج التعلم الاجتماعي والعاطفي لدمج مهامه بين الأنشطة في كل من الفصول المدرسية والأنشطة الخارجية.
٭ تدريس مادة الصحة النفسية لجميع الطلبة منذ الصغر بمختلف المراحل الدراسية وعدم الاكتفاء بما يتم تدريسه لطلبة الصفين الحادي عشر والثاني عشر.
توصيات للمؤسسات الحكومية وغير الحكومية في قطاع تطوير الشباب
٭ تقديم أساليب علاجية للتعامل مع القلق الاجتماعي عن طريق تطوير مهارات الشباب الاجتماعية، ويتم ذلك من خلال دمج جانب من جوانب المهارات الاجتماعية في برامج تطوير الشباب المتنوعة والرياضات المختلفة.
بالإضافة إلى ذلك، يجب على تلك المؤسسات توفير الفرص المتكافئة للإناث لتتمكن من المشاركة في الأنشطة الفنية والرياضية وغيرها من الأنشطة التي تعمل على بناء الشخصية وتساعد على إدارة القلق والتوتر والضغوط النفسية.
- %77.7 من الشباب