17 طفلاً وامرأة قضوا في العدوان على مأرب.. وتهجير 22 ألف أسرة
الحوثي.. آلة الموت العمياء
النشرة الدولية –
الرياض – جاسر الصقري –
أكد تقرير صادر من عدد من المنظمات الحقوقية اليمنية والدولية أن الحرب الأخيرة التي تشنها ميليشيات الحوثي الإرهابية على محافظة مأرب تسببت في تحويل المناطق الآهلة بالسكان إلى ساحة حرب وقتال بين جماعة الحوثي المهاجمة وقوات الجيش التابع للحكومة الشرعية ورجال القبائل، ما اضطر الأهالي للهروب من بيوتهم وقراهم، ونزوحهم في دفعات جديدة إلى مخيمات النزوح المقامة في مدينة مأرب. وأكد التقرير الذي أعده الائتلاف اليمني للنساء المستقلات، والرابطة الإنسانية للحقوق، ومنظمة واشنطن أوت سايدر تحت عنوان “كنا عايشين.. هروب من الموت إلى الموت، النازحون والتصعيد العسكري في مأرب”، أن هذا النزوح المستمر يؤدي إلى تكدس النازحين واكتظاظ المخيمات بهم، مع افتقار المخيمات إلى المستويات البسيطة من مقومات لوازم السلامة، واستخدام أدوات غير آمنة للطهي والإضاءة، ما يعرض حياة النازحين لخطر اشتعال النيران والحريق مثلما سبق وحدث في مخيمات مدينتَي مأرب ومأرب الوادي، وأوضح التقرير الذي صدر من المنظمات بجنيف في ندوة عقدت على هامش الدورة “48” لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مخاوفه على حياة المدنيين في مخيمات النازحين من القصف المدفعي والصاروخي مع اقتراب المعارك العسكرية من المخيمات، وبحسب مراقبين يعد التقرير من أهم التقارير التي توثق أرقام الضحايا من المدنيين الذين سقطوا جراء القصف، واستهداف الأحياء السكنية خلال التصعيد الأخير على مأرب، حيث يعد إطلاقه قبل يوم من ختام الدورة “48”، والتصويت على قرار يخص اليمن ذا أهمية بالغة، كون عدد من منظمات المجتمع المدني كانت قد دعت للتمديد للجنة الخبراء، بينما كشف التقرير عن قصور لجنة الخبراء في الوصول للجرائم والانتصاف للضحايا، كما هو حاصل في مأرب، والخطأ في توصيفها القانوني للحرب في اليمن عموماً ومأرب خصوصاً، وعجزها إن لم يكن تجاهلها ذلك.
حقوقيون يطالبون المجتمع الدولي بالتحرك لإنقاذ أبناء الشعب اليمني
ووثق التقرير أوضاع النازحين، فقد تعرضت مدينة مأرب في شهر فبراير “2021 ” لسقوط العديد من الصواريخ البالستية، والعديد من قذائف الكاتيوشا، وسقط العديد من الضحايا المدنيين من رجال ونساء وأطفال بين شهيد وجريح، وكذلك تتعرض مخيمات النازحين للضرب المستمر والممنهج بالطيران الحوثي المسير، مستهدفاً البيوت وإقامات السكن والتجمعات الحيوية، كما تعمل ميليشيا الحوثي الإرهابية على زراعة الألغام في محيط المخيمات والطرق، سواءً عبر التسلل وزرع الألغام أو داخل الأماكن التي تقدموا فيها، وتفرض الحصار القاسي على المدن قبل اجتياحها، ومنع الإمدادات الغذائية والدوائية والمياه ومختلف الاحتياجات الإنسانية عن المدنيين، كما وثق التقرير حالات النزوح في محافظة مأرب للفترة ما بين يناير 2021 وأغسطس 2021، حيث بلغ عدد الأسر النازحة (22.611) موزعة على مديريات مأرب على النحو الاتي: مأرب الوادي (4.162)، مدينة مأرب (11.245)، رغوان (307)، مدغل (723)، صرواح (4.062)، مجزر (341)، الجوبة (1.160)، جبل مراد (299)، رحبة (82)، حريب (230)، ورصد التقرير خلال فترة التصعيد العسكري الأخير على مدينة مأرب الانتهاكات التي لحقت بالمدنيين الناتجة عن الهجمات التي تسببت بها ميليشيا الحوثي بالصواريخ البالستية وقذائف الكاتيوشا والهاون والمدفعيات والطيران المسير للفترة ما بين 7 /1/ 2021 إلى 14 /10/ 2021، حيث بلغ عدد الضحايا المدنيين إجمالي حالات القتل (79) قتيلاً، بينهم (14) طفلاً (3) نساء و(62) رجالاً، كما بلغ عدد حالات الإصابة (132) مصاباً، بينهم (28) طفلاً (22) امرأة و(82) رجالاً، وذكر التقرير أن القانون الإنساني الدولي يحظر الهجمات العشوائية أو الممنهجة التي من شأنها أن تصيب الأشخاص المدنيين أو الأعيان المدنية من دون تمييز.
ودعا التقرير في توصياته ميليشيا الحوثي الإجرامية إلى الالتزام بمبادئ الحماية التي فرضها القانون الدولي الإنساني للسكان المدنيين، وعدم استهدافهم بالقصف المدفعي والصاروخي والطائرات المسيرة الملغمة بالمتفجرات، كما حث التقرير في توصياته أنه يجب على ميليشيا الحوثي التقيد بقواعد التمييز التي تضمنها القانون الدولي الإنساني، وأكدت عليها اتفاقيات جنيف الأربع، والتوقف عن استخدام كافة أنواع الأسلحة التي لا تفرق بين الأعيان المدنية والعسكرية، وعدم استهداف المدنيين أو الإضرار بهم، وشدد التقرير في توصياته على ضرورة توقف ميليشيا الحوثي عن إجبار السكان على النزوح وترك مناطق سكنهم، سواء باستخدام القصف بذخائر الأسلحة المختلفة، أو تهديد المواطنين بقصف مساكنهم إذا لم يتركوا مناطقهم، وكذلك التوقف عن زراعة الألغام في المناطق والأحياء السكنية والطرقات والمباني، وتسليم خرائط بحقول الألغام ليتسنى نزعها، ودعا التقرير ميليشيا الحوثي إلى تسهيل مهام المنظمات والهيئات الإغاثة الإنسانية المحلية والدولية، والسماح لها بالمرور إلى مخيمات اللجوء وأماكن الإيواء، وتذليل أي عوائق قد تعترض وصولها، كما أوصى التقرير الحكومة الشرعية بنقل مخيمات النازحين إلى أماكن آمنة وبعيدة عن مواقع المواجهات العسكرية للمحافظة على سلامة أرواح وممتلكات النازحين، وشدد التقرير على ضرورة استخدام الحكومة الشرعية لكافة الوسائل المتاحة لإقناع المجتمع الدولي بالضغط على جماعة الحوثي الإرهابية للتوقف الفوري عن استهداف المدنيين والإضرار بهم وممتلكاتهم في محافظة مأرب، باستخدام كافة أنواع الأسلحة التي لا تفرق بين الأعيان المدنية والعسكرية، بالإضافة إلى مطالبة المنظمة الأممية باتخاذ مواقف صريحة وواضحة من الممارسات العدوانية التي ترتكبها جماعة الحوثي ضد السكان المدنيين والنازحين في محافظة مأرب، أوصى التقرير الحكومة الشرعية بوضع خطة استجابة للأوضاع الإنسانية الحالية للنازحين، ودعوة المجتمع الدولي والإقليمي لتقديم المنح ومتابعة الوفاء بها، وعلى توفير البيانات الدقيقة والمحدثة عن أعداد النازحين في عموم البلاد ومواقعهم واحتياجاتهم أيضاً، وطالب الخبراء في التقرير المنظمات والمجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى ممارسة الضغوط المختلفة علــى جماعة الحوثــي لوقف التصعيد العسكري على مدينة ومديريات مأرب، واستهداف المدنيين الأبرياء، والتعاون والتنسيق مع الحكومة الشرعية في ممارسة أفضل وأسرع الطرق لتوصيل المساعدات الإنسانية والاغاثية.
وفيما يخص الجهود الإنسانية فقد حث التقرير على ضرورة تكثيف الجهود والرعاية الطبية في مديريات محافظة مأرب التي تحتضن النازحين وتتعرض لقصف وأعمال عسكرية، وضرورة العمل على تأهيل المنظمات المحلية لتكون شريكاً فعالاً في تنفيذ برامج التأهيل والتدريب وإعادة الاستقرار إلى النازحين، بالإضافة إلى العمل على تنفيذ أنشطة وبرامج الدعم النفسي والاجتماعي لتخفيف الضغط النفسي على النازحين وبخاصة فئتي الأطفال والنساء، كما طالب التقرير المنظمات والمجمع الدولي بتكليف فرق متخصصة بنزع الألغام بناء على الخرائط المسلمة قبل إعادة النازحين إلى مناطقهم، وكذلك دعم إجراءات تحفزّ الاقتصاد في مناطق ومحافظات إيواء النازحين، والمساهمة في بناء القدرات لتحسين الخدمات ما يعزّز قدرة هذه المحافظات على التعافي من المصاعب، ويساهم في صون كرامة وحقوق النازحين، كما أكد التقرير على ضرورة تحرك مجلس الأمن ضد هذه الميليشيا الإرهابية، والعمل على إحلال سلام عادل ومستدام، ومعالجة جذور النزاع وتبعاته، وضمان عودة آمنة سالمة للنازحين إلى منازلهم، إذ إن أي حل سياسي هش يمهد لاندلاع نزاع مستقبلي وبشكل أكبر.