الانتخابات النيابية اللبنانية في موعدها بالقانون الحالي “المسخ”… عمّق الشرخ المذهبي والطائفي والتعصّبي في البلد”
النشرة الدولية –
لبنان 24 – نوال الأشقر –
“الإنتخابات النيابية اللبنانية لن تُرجأ لأيّ سبب، وستحصل وفق القانون الحالي، والكل بات مقتنعًا بهذه المعادلة” يقول مصدر نيابي خلال دردشة مع الإعلاميين على هامش مشاركته في إحدى اللجان النيابية، ويضيف هامسًا “حاصلة لأنّ عين المجتمع الدولي على الإنتخابات، ويربط مساعداته بحصولها”.
لماذا القانون الحالي؟
“هو قانون مسخ، أُعدّ على قياس أحدهم، وعمّق الشرخ المذهبي والطائفي والتعصّبي في البلد” يقول المصدر النيابي “هناك اعتراضات عليه، ولكن لا إمكانية للتوصل إلى قانون جديد لضيق الوقت، فإجراء الإنتخابات في موعدها يحتّم البقاء على القانون الحالي مع بعض التعديلات”.
يختلف “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” على الكثير من المقاربات الإنتخابية أبرزها إقتراع المغتربين، لكنّهما يجتمعان على القانون الحالي، والحزبان رأس حربة في الدفاع عنه ورفض تغييره.
بالمقابل تجتمع كتل نيابية على معارضتها للقانون الحالي، منها الثنائي الشيعي.وكانت كتلة “التنمية والتحرير” قد أعدّت اقتراحًا لقانون انتخابي جديد على أساس النسبية المطلقة من دون صوت تفضيلي ولبنان دائرة واحدة، وكان على جدول أعمال اللجان، ولم يناقش إلا من باب رفع العتب.
كتلة اللقاء الديمقراطي بدورها تعترض على القانون الحالي “قبلنا به لأنّ تغييره قد يطيح بموعد الإنتخابات” يقول النائب هادي أبو الحسن.
أمّا موقف المجتمع المدني وهيئاته من الإبقاء على القانون الإنتخابي فلا أثر له، بحيث غابت كل الأصوات التي كانت تصوّب على عيوب القانون في تكريس الطائفية، وفي صياغته بما يتناسب وتضاريس القوى الحاكمة. هؤلاء لم يكلّفوا أنفسهم عناء حتّى إصدار بيان اعتراضي. حال إذعان واضحة المعالم لكل ما ترسمه القوى السياسية في الشأن الإنتخابي. هذا الأمر إن دلّ على شيء، فأنّه يشير إلى تشتّت قوى المجتمع المدني، وعدم قدرتها على صياغة تصوّر موحّد للمشهدية الإنتخابية برمتها.
خلاف حول اقتراع المغتربين
أبرز الخلافات بين الكتل النيابية تظهر عند مقاربة اقتراع المغتربين. صحيح أنّهم أجمعوا على مبدأ إشراك المغتربين في العملية الإنتخابية، لكنّهم اختلفوا على كيفية حصول ذلك. “التيار الوطني الحر” يريد للمغتربين أن يقترعوا لستة مقاعد يتمّ استحداثها لهم، وهو بند موجود في القانون الحالي، بالمقابل “الحزب التقدمي الإشتراكي” و”القوات” مع تعديل هذه المادة لإتاحة المجال للمغتربين بالإقتراع للـ 128 نائبًا أسوة بالمقيمين.
عضو كتلة “الجمهورية القوية النائب زياد حواط يؤكّد لـ “لبنان 24” أنّهم سيتمسكون بحق الاغتراب بالتصويت حسب الدوائر الإنتخابية وليس عبر ستة مقاعد “الإغتراب أثبت أنّه سند اللبنانيين في الأزمة الإقتصادية الراهنة، وحوّل ما يقارب 7 مليار دولار إلى لبنان في أسوأ ظروف مالية واقتصادية، لا يمكن عدم إشراكه في تقرير مصير هذا البلد، وسنذهب بمعركة حقّ الإغتراب إلى الآخر”.
كتلة “الوفاء للمقاومة” أكّدت مصادرها لـ “لبنان 24” أنّ الحزب عاد وقبل بمبدأ إقتراع المغتربين ولو على حسابه نزولًا عند المصلحة العامة، وأنّه أبلغ موقفه للكتل النيابية في آخر اجتماع للجان النيابية المشتركة. بأيّ حال مسألة كيفية إقتراع المغتربين لم تُحسم، ورُحّلت الخلافات حولها إلى الهيئة العامة، وسط توجّس من التذرّع بالأمور اللوجستيّة والتقنيّة للإطاحة باقتراع المغتربين.
الانتخابات بآذار بدلًا من أيار؟
تقريب موعد الإنتخابات إلى 27 آذار لم يُحسم بدوره، رغم التوصية التي صدرت عن اللجان النيابية المشتركة قبل يومين في هذا الإتجاه، لاعتبارات تتعلّق بحلول شهر رمضان الكريم في فترة الحملات الإنتخابية. تثبيت الموعد في آذار يحتاج إلى تصويت في الهيئة العامة، في أول جلسة تُعقد في بداية العقد العادي الثاني في أول ثلاثاء بعد الخامس عشر من تشرين، كما ينصّ النظام الداخلي لمجلس النواب. كل الكتل وافقت على تقريب الموعد باستثناء “التيار الوطني الحر” الذي تحفّظ “لاعتبارات تتعلق بالظروف المناخية في آذار وبالتحضيرات الإنتخابية” وفق ما أوضح عضو تكتل لبنان القوي النائب الآن عون.
الكل بدأ يعد العدّة للإنتخابات النيابية، الشعارات شبه جاهزة، تتداخل فيها الملفات المحلية، وفي مقدمها الأزمة الإقتصادية وتبادل التهم بالفساد، بالأبعاد الإقليميّة والسياديّة، والمعركة على نار حامية بين فريق “ممانع” بدأ باكرًا استخدام شعاره الأحب “مواجهة الحصار الأميركي”، وآخر يرفع البطاقة الحمراء أمام “الإجتياح الإيراني” ليشكّل المنحى السيادي عنوان معركته القادمة. لكن رغم كلّ التأكيدات التي تصدر عن المسؤولين بأنّ الإنتخابات النيابية حاصلة، وأنّ التمديد غير وارد، لا زال التوجس كبيرًا من الإطاحة بالإستحقاق التشريعي.