رئاسة الحكومة اللبنانية تكفّ يد التفتيش: إبحث عن داتا المعلومات
بقلم: غادة حلاوي

النشرة الدولية –

نداء الوطن –

خلال لقائه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يريد رئيس التفتيش المركزي القاضي جورج عطية الاستفسار عن خلفيات كتاب رئيس الحكومة الاخير والطلب اليه التزام صلاحياته. لا يعرف ما المقصود، وعمل مجلسه لم يتجاوز مهامه ويلتزم صلاحياته المنصوص عنها في مرسوم انشائه. يرفض ان يكون للكتاب بعد سياسي وهو الذي لا يحسب نفسه الا على خالقه، اما اذا كان المقصود من خلف كل ذلك دوره في البطاقة التمويلية والمنصة فتلك حكاية أخرى…

ليس الخلاف الذي تظهّر الى العلن بين رئاسة الحكومة والتفتيش المركزي مجرد تباين عابر في وجهات النظر، فالذي برز يظهر وجود تراكمات في العلاقة تعود الى رئيس الحكومة السابق حسان دياب، الذي سبق وأرسل عدداً من المراسيل الى رئيس التفتيش المركزي القاضي جورج عطية يطلب من خلالها تزويده بنسخة عن داتا المعلومات الناتجة عن منصة impact، التي سبق وأعدها التفتيش المركزي عند بداية أزمة انتشار كورونا وتوزيع اللقاحات لاحقاً من خلال التنسيق مع البلديات والمؤسسات العامة.

عبرت رئاسة الحكومة عن امتعاضها لكون رئيس التفتيش لم يلبّ الطلب فيما هو اعطى الداتا بكاملها الى جهات وزارية مقربة منه. حرب البيانات تلك ورثتها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الذي لن يقبل حكماً بوجود داتا معلومات على منصة يتحكم بها عطية المحسوب سياسياً على رئيس “التيار الوطني الحر”.

هو اذا خلاف تقني بأبعاد سياسية سببه وجود تشكيك بأن الداتا الممنوعة على رئاسة الحكومة يتحكم بها التفتيش. إستفاد ميقاتي من قرار شورى الدولة الذي يعتبر ان التفتيش عمله رقابي ولا شأن له بالمنصة ولا بالبطاقة التمويلية، علماً ان المجلس ذاته أعد قراراً آخر أخف وطأة من الاول.

قبل المنصة وبعدها هي تراكمات كان آخرها الدور الذي انيط بالتفتيش المركزي في البطاقة التمويلية، ثم بالشكاوى التي وردت الى رئاسة الحكومة تشكو طلب عطية كتباً من الإدارات العامة لتجميع معلومات خاصة بموظفي القطاع العام صارت مثار شكوى من مجلس الخدمة المدنية، الذي اعتبر ان عطية يتجاوز المهام المنوطة بالتفتيش الى النيل من عمل وصلاحيات مجلس الخدمة.

مصادر مطلعة على موقف الرئاسة الثالثة تقول ان القاضي عطية سبق وتبلغ مراسلات شفهية تمنت عليه عدم التعدي على صلاحيات مجلس الخدمة المدنية، فليس من صلب صلاحياته طلب احصاءات من الادارات العامة او غيرها من امور محصورة بالمجلس لكنه لم يلتزم، فضلاً عن اشكالية دوره في البطاقة التمويلية وقرار مجلس شورى الدولة الذي اعتبر ان التفتيش غير معني بها، بوصفه جهازاً رقابياً اذ لا يجوز لهيئة تقوم بمهام تنفيذية ان تراقب هي ذاتها. تقول المصادر ان الكتاب ليس شخصياً بقدر ما هو تصويب للامور لاعتبار مجلس الخدمة ان التفتيش يتجاوز مهامه، بدليل الخلاف الذي نشب حول دوره في الاجتماع الاول الذي ترأسه ميقاتي للوزراء السابقين والحاليين حول البطاقة التمويلية والذي شهد خلافاً حول علاقته بالملف. تعدد مسؤوليات عطية وعدم تلبية طلب رئاسة الحكومة الحصول على داتا المعلومات وصلاحية التحكم بمنصة impact هما سبب الازمة بين التفتيش ورئاسة الحكومة، التي تريد ان تكون المرجعية لا تحت سلطة ادارة وان كانت تابعة لها ادارياً لكنها لا تأتمر بأوامرها سياسياً.

لا يدرك رئيس التفتيش المركزي جورج عطية الخلفيات ولا الهدف من التعميم “المفاجئ” و”المستغرب” الذي اصدره رئيس الحكومة نجيب ميقاتي حول صلاحيات رئيس ادارة الفتيش المركزي، والذي يطلب بموجبه “ضرورة الالتزام بالصلاحيات المناطة بكم والمتعلقة بالعمل الرقابي المنصوص عنه في المرسوم الاشتراعي رقم 115 تاريخ 12/6/1959 والنصوص كافة ذات الصلة، وعدم مراسلة الادارات العامة والمؤسسات العامة والبلديات خارج نطاق وحدود صلاحياتكم الا من خلال رئيس مجلس الوزراء وأخذ توجيهاته بهذا الخصوص”.

عــلى اثر علمه بالكتاب الحكومي طلب عطية موعداً لزيارة ميقــاتي ليستمــع منه الى تبرير للكتاب ويطلع على الخلفيات، ويجري تصويباً للأسباب.

وترى مصادر معنية بالملف ان تسريب الكتاب الحكومي قبل تبلّغ عطية فيه اساءة الى رئيس الحكومة كما يسيء الى رئيس التفتيش، وكان الافضل لو لم يتم تسريبه الى الاعلام ليصار الى توضيح الامور التي بنيت على اساسه. ومن وسائل الاعلام علم عطية ايضاً بشكوى سبق وتقدمت بها رئيسة مجلس الخدمة نسرين مشموشي الى رئيس الحكومة السابق حسان دياب لاستيلاء التفتيش على صلاحيات مجلس الخدمة.

لا يعتبر التفتيش نفسه متجاوزاً صلاحياته او مهامه فهو يلتزم المهام المنوطة به وفق المادة الثانية من المرسوم 215 والمتعلقة بمراقبة عمل الادارة وتحسين اساليب العمل الاداري، واعطاء المشورة للسلطات الادارية والقيام بالمهام التي تكلفه بها السلطات. فقد سبق وان كلفه مجلس النواب بعمل تحقيق عن التوظيف غير الشرعي وبعدد الموظفين والاجراء وإجراء المقاربات اللازمة.

واذا كان الخلاف على احقية التحكم بمنصة impact، فان التفتيش المركزي لا يفوته التذكير بالجهد الذي بذله القيمون عليه في سبيل عمل هذه المنصة وتجميع داتا المعلومات مع بداية ازمة كورونا والتي كانت موضع اشادة، وكيف ان المجلس من خلال المنصة حمى حق الحصول على المعلومات.

تقول المصادر المطلعة على عمل التفتيش المركزي، اذا كان الهدف كف يد التفتيش عن البطاقة التمويلية التزاماً بقرار مجلس شورى الدولة فان هذا القرار غير ملزم وقد أوضح التفتيش المركزي رؤيته الرقابية الجديدة التي انتهجها لضبط الرقابة وحوكمة البرنامج، وان دور التفتيش رقابي محض ولا نية له ليكون شريكاً في التنفيذ، ثم ان رئيس الحكومة هو الذي صادق بنفسه على هذا القرار مؤخراً.

تنفي المصادر تجاوز رئيس التفتيش صلاحياته وتؤكد انه يمارس مهامَّ سبقه الى ممارستها رؤساء التفتيش الذين سبقوه.

اما عن خلفية شكوى مجلس الخدمة فتؤكد المصادر على العلاقة الجيدة للقاضي عطية مع رئيسة التفتيش، وانه فوجئ بما سمعه عبر الاعلام بانها زارت رئيس الحكومة السابق شاكية التعدي على مهامها.

للمصادر لائحة طويلة بانجازات ادارة التفتيش ودور رئيسه منذ انفجار المرفأ يوم قصد رئيسه مكتبه، فيما منزله متضرر ووالدته في المستشفى لمواكبة تبعات انتشار كورونا، مسيرة عمل متراكم على امتداد اربع سنوات “فإذا كان غير مرغوب ومقدر ولا معترف فيه فيا أسفاه”، تختم المصادر.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى