60:00 دقيقة
بقلم: د. نرمين الحوطي

النشرة الدولية –

قبل أن تبحر سطورنا في مسلسل 60:00 دقيقة وجب علينا أن نسأل أنفسنا: كم من حالة اكتئاب في مجتمعنا بعد اجتيازنا فترة covid-19؟ وكم من حالة توارثها مجتمعنا نتيجة إرهاصات نفسية للأسف لم تعالج من بدايتها؟ وكم من حالة لم تسجل ولم يعلم عنها إلا بعد انتحارها؟

الطب النفسي أو من الممكن أن نقول عنه أفضل «الحالة النفسية»، عالم يمتلك الكثير من الخصوصية والشفافية، خط أحمر لا يتعداه إلا إذا سمح لك من صاحب الحالة بأن تغوص معه في عالمه، ومن هذا وذاك يبقى عندنا النوعية الدرامية سواء أكانت تقدم من خلال الأفلام أو المسلسلات أو المسرح، صحوة نفسية في الدراما وأخص المسلسلات وقبل أن أخوض في قضيتنا وجب علينا الشكر لقناة «الشاهد – نت» بما تقوم به من دور ودعم إعلامي وثقافي واجتماعي للمشاهد ولا ننسى دعمها أيضا للكوادر والطاقات الفنية بجميع مسمياتها وفئاتها.

60:00 دقيقة.. مسلسل من تسع حلقات يحاكي قضية نفسية تتشعب منها العديد من القضايا النفسية، سطورنا اليوم لن تكون كلماتها تحليل لقصة المسلسل وأداء ممثليها وكيفية إخراجها، مع العلم بأن العمل بأكمله لا يطلق فقط عليه «ممتاز» بل إبداع بما رأيناه ولامسناه من ارتقاء في جميع عناصر وكوادر العمل الدرامي والفني، ولكن! قضيتنا اليوم حروفها تحاور «العامل النفسي» وكيف أصبح الاتجاه الدرامي يتجه نحو تلك القضايا… بالأمس القريب كان النقد على العديد من المسلسلات بأن الكتابة الدرامية بعض الشيء هابطة، وبالأمس القريب أيضا كنا نعاني من نقص من الكتاب في الدراما التلفزيونية، وبالأمس القريب كنا أيضا ننتقد بعض المسلسلات التي تمتلئ العديد من الضرب والألفاظ الخارجة… تلك المعاناة سمعت لمن يمتلكون القرار والقدرة على الإنتاج والتنفيذ، وها نحن اليوم نشاهد الكثير والعديد من المسلسلات الدرامية الاجتماعية التي تحاكي الكثير من قضايا مجتمعنا بطريقة إنسانية وبإطار اجتماعي راق.

60:00 دقيقة.. اليوم أصبحنا نشاهد العديد من تلك المسلسلات تتطرق لبعض الحالات النفسية التي يعاني منها بعض الشخوص في مجتمعنا، فيطرح القضية ويكشف أسرارها، والأجمل بأن يعطي الحلول دون حتمية ذلك هو الإبداع في فنية الكتابة، بالأمس كلماتنا كتبت من أجل كف ودفوف، واليوم 60:00 دقيقة وفي الغد القريب البريئة، أنماط اجتماعية تعيش معنا ولا نعلم شيئا عن عالمها قد تكون بحاجة لمن يساعدها، ولكن الخوف والخجل يحجبها عن طلب المساعدة، ومع تطور الدراما التلفزيونية واهتمام بعض الكتاب بتلك الشريحة أعتقد أنه أزاح الستار بين الحالة ومجتمعه المحيط به وأصبح من الممكن في المستقبل أن تكشف عن حالتها وتطالب بالمساعدة عندما رأت من يحاكي معاناتها، ذلك هو الفن وتلك هي رسالته بأن يكون مرآة عاكسة لمجتمعه من خلال القضايا التي يطرحها من خلال الدراما بكل صورها وأنماطها.

٭ مسك الختام: الكاتب هو طبيب نفسي يعالج مجتمعه من خلال كلماته، ويسلط الضوء من خلال حروفه على عيوب مجتمعه. تلك هي الدراما «تطهير الذات من كل الشوائب النفسية والاجتماعية».

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى