بيروت أوقفي حمام الدم .. فالاعداء يرقصون طرباً
بقلم: صالح الراشد
النشرة الدولية –
بيروت لم تنحي أمام الصهاينة وصمدت وأخرجتهم أذلاء، بيروت لم تنحني رغم إغتيال رئيس وزرائها في شوارعها، وبقيت صامدة وقادرة على الوقوف، بيروت لم تنحني حتى حين تم تفجير مرفأها وبقي المجرم طليقاً مجهولا، بيروت لا تموت فمن صارعت الموت لسنوات طوال لا يمكن أن تموت بطريقة بشعة بأيدي أبنائها أصحاب الولاية الخارجية، بيروت تُصارع اليوم تاريخ مقيت وصورة سوداء ظهرت في القرن الماضي، بيروت تدرك أن القادم صعب والصمود أصعب كون الخيانة كبيرة والغادرون كُثر والمتربصون أكثر، والحالمون بسقوطها يفوقون الخيال فالمصالح تتزايد كما اللصوص يتزايدون.
بيروت اليوم تتحامل على ذاتها وتحاول الوقوف بعد أن تلقت طعنات الغدر من أبنائها، فانحنت على ركبتيها ونادت على من بقي فيه ذرة عشق للبنان وكرامة لوطن يستحق الذود عنه وحمايته، بيروت تريد أن تعود للوراء حين جذبت العرب والعالم لجمالها وسحرها، لكنها تحتاج للعودة للوراء طويلاً كون العودة لأربعين عاما تعني الموت الزؤوام، بحرب أهلية طاحنة لا زالت إثارها باقية بفصائل تتقسام كل ما فيها من خيرات ومستشفيات وتعليم ووظائف، ورغم ذلك فولائهم لدول تبحث عن زيادة إشتعال الفتنة، كونها تعشق رائحة الموت، لتصبح الايادي اللبنانية لعبة بيد من يملكون المال ويُجيدون الكذب على شعبوهم بشعارات لا تخدم إلا الطرف الصهيوني، ويبدوا أن هذا هو الهدف والغاية.
ففي بيروت لا تجد إجابة على سؤال، فالفساد كبير والفقر ينتشر، والحرب الأهلية تطل برأسها من نافذة صنعها الفساد وإتفاقات بين صُناع الموت لا تخدم الوطن، ليتفرغ كل باحث عن منصب لإشعال حروب هلامية جانبية، فيما أموال اللصوص تخرج عنوة من الباب ولا من يوقف النهب والفساد، فبيروت هزها تفجير المرفأ ولا زال البحث عن المتسبب جار، والقاضي يحقق داخل غرفة مغلقة والفصائل المسلحة تتقاذف التهم جزافا، والكل يعلن برائته والأصابع تُشير إلى داخل بيروت، والأذكى والأبعد نظراً يُشيرون صوب البعيد حيث المصالح المُشتركة والرغبات في السيطرة ما بين قريب اليوم ومحتل الأمس، لذا لن يجد القاضي ولا كل قضاة الأرض جواباً شافياً يُميط اللثام عن الوجه الحقيقي لمن دمر المرفأ، كونه مرتبط ببحر من الغاز يتوسط مصالح الدول.
في بيروت يحاول الجيش فرض الهيبة، يسعى لوقف الإقتتال ومعرفة الجُناة، لكن في بيروت لن يعرف أحد من هو القاتل، فاليد مجرد أداره والمحرك دولة والضحية بيروت، فمن يبحث عن إعادة زوايا بيروت إلى مشاهد الموت ؟، ومن يسعى لنشر الرعب في شتى المواقع؟، وهل هي أياد لبنانية أو قرارات خارجية لها مصالحها الكبرى في لبنان؟، ومن أعاد السلاح ليكون طريق الخطاب الجديد بين شعب عايش الموت بكافة أنوعة ومن أبنائه قبل الغريب، ومن يحاول ضرب الهدوء في لبنان؟، فهذا هو المجرم الذي لن تجرؤ الاصابع على الإشارة إليه.
المستفيدون من الإقتتال اللبناني كثُر، ويفرحون بدمار بيروت، والشعب الباحث عن الأمل يبكي دماً، وغاز المتوسط سيحرق بيروت إن لم تستخدمه لإضاءة طريق الحق والعدل، وأموال النفط تتدفق سلاحاً فتصنع ولاءات بلا رؤيا، يا بيروت صدقيني لو كان فيهم خيرا لاستبدلوا السلاح بالنفط والغذاء، ولشيدوا بدل المقابر مستشفيات ومدارس، فيما بيروت لقد تاه أبنائك ودخلوا في تيه بني صهيون، يا بيروت لا تنتظري حلاً من قاتل أو مجرم سفك دماء المواطنين في الحرب الأهلية، فالحل يا بيروت بيد شعب يُحب الحياة ويعشق بيروت أكثر، فليختار الأفضل حتى تعود بيروت ساحرة الشرق وقبلة العشاق ولا تسمحوا لهم أن يحولوها إلى مقبرة بحجم وطن.