مقتدى الصدر يعلن قبوله نتائج الانتخابات.. والقوى الخاسرة أمام احتمال واحد

ضربة "قاصمة" تلقتها الأحزاب المدعومة من إيران

النشرة الدولية – الحرة ووكالات –

أعلن الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر مساء اليوم السبت القبول بنتائج الانتخابات العامة البرلمانية المبكرة.

وقال الصدر في تغريدة له على حسابه الشخصى بموقع التواصل الاجتماعي تويتر “أعلنت القبول بقرارات مفوضية الانتخابات وإعلان النتائج مهما كانت”.

وأضاف الصدر “بعد أن تبين لنا أن الكتلة الصدرية هي الكتلة الأكبر انتخابيا وشعبيا سنسعى لتحالفات وطنية لا طائفية ولا عرقية وستكون الحكومة المقبلة حكومة خدمة ونزيهة”.

ومن جانبها أعلنت أعلنت مفوضية الانتخابات العراقية اليوم السبت، أن نسبة المشاركة فى الانتخابات البرلمانية بلغت 43%. وأضافت اللجنة أن مجموع من أدلوا باصواتهم فى الانتخابات تجاوز 9.6 مليون ناخب مضيفة أن النتائج قابلة للطعن.

وكانت انتخابات العاشر من أكتوبر تشرين الأول قد أجريت مبكرا عن موعدها بضعة أشهر في استجابة للاحتجاجات الجماهيرية في 2019 التي أطاحت بالحكومة وكشفت عن حالة من الغضب واسع النطاق ضد القادة السياسيين الذين يقول كثير من العراقيين إنهم حققوا ثروات لأنفسهم على حساب البلاد.

الأحزاب المدعومة من إيران الخاسر الأكبر

ضربة “قاصمة” تلقتها الأحزاب المدعومة من إيران في العراق بحصولها على مقاعد قليلة في الانتخابات البرلمانية، ما جعلها بنظر مراقبين “الخاسر الأكبر” في الاقتراع الذي جرى في العاشر من أكتوبر.

هذه الخسارة دفعت بالقوى المقربة من طهران، ممثلة برلمانيا بتحالف الفتح وتضم ممثلين لميليشيات، لرفض نتائج الانتخابات والطعن بها وإطلاق تهديدات بأن المضي قدما في الاعتراف بالنتائج قد يهدد “السلم الأهلي” في العراق، كما جاء في بيان لما سمي بـ “الإطار التنسيقي”.

ويتكون “الإطار التنسيقي” من قوى سياسية مدعومة من إيران معظمها يمتلك أذرعا مسلحة، ومنها منظمة بدر وعصائب أهل الحق وكتائب حزب الله فضلا عن ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.

وقد فاز التيار الذي يقوده رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر في الانتخابات بحصوله على أكثر من 70 مقعدا في البرلمان من أصل 329.

في المقابل، حصد تحالف الفتح الذي يتزعمه رئيس منظمة بدر هادي العامري على نحو 20 مقعدا، وهو عدد قليل مقارنة بالانتخابات الماضية التي حل فيها ثانيا بـ 48 نائبا في برلمان 2018.

ويرى أستاذ العلاقات الدولية هيثم الهيتي أن “الخسارة التي تعرض لها الموالون لإيران تعد بمثابة ضربة قاصمة للجانب المسلح الذي يمثله تحالف الفتح في البرلمان العراقي”.

ويضيف الهيتي في حديث لموقع “الحرة” أن “المشكلة التي ستواجه العراق مستقبلا هي أن هذه القوى تمتلك نفوذا عسكريا وسياسيا لا يستهان به وبالتالي لن تقبل بالخسارة بسهولة”.

ولا يختلف رأي الكاتبة العراقية البريطانية مينا العريبي عن رأي الهيتي كثيرا، فقد وصفت الجماعات المسلحة الموالية لطهران بأنهم “أكبر الخاسرين” في الانتخابات البرلمانية العراقية.

وقالت العريبي في مقال رأي نشر في مجلة فورن بوليسي هذا الأسبوع إن هذه الجماعات رفضت النتائج وأطلقت تهديدات مبطنة تنطوي على احتمالات القيام بأعمال عنف.

وترى العريبي أن “مستقبل العراق يعتمد على كيفية ردة فعل قوات الأمن العراقية والأحزاب السياسية على التهديدات التي تطلقها الميليشيات”.

وحذرت من أن “الفشل في الحد من قدرة المليشيات من شأنه أن يقوض العملية الانتخابية والبنية التحتية الأمنية ونظام الحكم في العراق”.

وعلى الرغم من فقدان القوى الموالية لإيران، ممثلة بتحالف الفتح، لنحو نصف مقاعدها في البرلمان مقارنة بالانتخابات الماضية، لكن عدد مقاتليها يبلغ نحو 160 ألفا، حسب تقديرات مراقبين.

ومع دعم حليفتها إيران، تبقى هذه الجهات قوة لا يمكن تجاوزها في السياسة العراقية.

في أعقاب صدور النتائج الأولية، ألقى زعيم التيار الصدري خطابا أشار فيه بشكل غير مباشر إلى تلك القوى عندما قال “يجب حصر السلاح بيد الدولة ويمنع استعمال السلاح خارج هذا النطاق وإن كان ممن يدعون المقاومة”.

وأكد الصدر أنه “آن للشعب أن يعيش بسلام بلا احتلال ولا إرهاب ولا ميلشيات تنقص من هيبة الدولة”، في إشارة إلى الفصائل الموالية لإيران.

وفي حال تمت المصادقة على نتائج الانتخابات بأرقامها الحالية فسيصبح للتيار الصدري، الذي يتبنى خطابا مناهضا لإيران على ما يبدو، قدرة على الضغط في تشكيل الحكومة، علما أنه أعرب مرارا عن طموحاته في اختيار رئيس للوزراء وتشكيل حكومة مختلفة عن سابقاتها التي اعتمدت على مبدأ التوافق ومشاركة الجميع.

الباحث المتخصص في الشؤون الاستراتيجية والأمنية، فراس إلياس، يحذر من أن “ماراثون تشكيل التحالفات الموازية قد يُدخل العملية السياسية في حالة انسداد سياسي، يتعذر معه قدرة أي تحالف على تشكيل الحكومة المقبلة”.

وقال إلياس في تغريدة إن أحد هذه التحالفات “يراهن على شرعية نتائج الانتخابات، والآخر يراهن على شرعية الانتصار على داعش وحماية الدولة”، مضيفا “بين الشرعيتين يُخشى على بغداد أن تصبح مثل بيروت”.

وكانت وكالة رويترز قالت في تحليل نشرته، الأربعاء الماضي، إنه لا تزال هناك مؤشرات على استمرار النفوذ الكبير لطهران في العراق بعد أن حقق رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي “وهو صديق لطهران، مكاسب مفاجئة كبيرة، بحلوله ثالثا في ترتيب الفائزين” مع نحو 37 مقعدا مقابل 24 فقط في الدورة السابقة.

ونقلت الوكالة عن دبلوماسي غربي قوله إن قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الإيراني، إسماعيل قاآني، كان في بغداد وقت إعلان النتائج الأولية، ولا يزال يبحث عن طريقة لإبقاء حلفاء طهران في السلطة.

وأضاف الدبلوماسي: “وفقا لمعلوماتنا، كان قاآني يحضر اجتماعا مع (أحزاب الميليشيات الشيعية) يوم الاثنين. سيفعلون كل ما في وسعهم لمحاولة تنظيم الكتلة الأكبر، على الرغم من أن ذلك سيكون أيضا صعبا للغاية مع سلطة الصدر”.

ونقلت الوكالة عن قائد ميليشيا موالية لإيران في العراق _ لم تكشف عن هويته – القول إن الجماعات المسلحة مستعدة للجوء إلى العنف إذا لزم الأمر لضمان عدم فقدان نفوذها بعد ما يعتبرونه “انتخابات مزورة”.

ويقول الباحث في معهد كارنيغي، حارث حسن، إن “من الممكن أن تشهد الفترة المقبلة تصعيدا في الخطاب من قبل الجماعات الموالية لإيران وربما يتطور الأمر بسرعة إلى اشتباكات في الشوارع أو صراع مسلح مع أنصار الصدر”.

ويضيف أن الصراع ربما يكون مصحوبا بمواجهات محدودة، يهدف إلى إجبار الصدر على قبول اتفاق لتقاسم السلطة مع تحالف يضم خصومه الشيعة الموالين لإيران”.

ويرى هيثم الهيتي أن “ذهاب الصدر لخيار تشكيل حكومة أغلبية سياسية لا تشارك فيها القوى الموالية لطهران يمكن أن يدفع بهذه الجهات إلى استخدام السلاح للحفاظ على مكاسبها”.

ويرى الهيتي أن بوادر حصول معركة حاسمة مع الميليشيات الموالية لإيران، كتلك التي حصلت مع داعش، بدأت تظهر وربما لن تمر فترة طويلة حتى نرى ذلك على الأرض”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى