خذوا القيم منها.. وطبقوها على البقية
بقلم: أحمد الصراف
النشرة الدولية –
قضت محكمة الاستئناف بسجن رئيس مبرّة 5 سنوات وتغريمه 120 ألف دينار، بعد النصب على متبرعين، والاستيلاء على أموال قدرها 211 ألف دينار.
هذه القضية وما يماثلها ليست إلا رأس جبل جليد الفساد في محيط الجمعيات والمبرات الخيرية. فالنفوس أمارة بالسوء، بشكل عام، وفي غياب ما يكفي من قوانين منظمة لنشاط جمع الأموال الخيرية، التي يسيل لها لعاب أي محتال، وانتشار «الجهل» بين سواد الشعب، وخاصة الذين لا يكترثون بأين تذهب أموالهم طالما أنهم يكسبون الأجر، وبالتالي فإن مسؤولية هذه الجريمة تقع على من سرق المال، وعلى المشرّع، الذي قصّر في وضع الضوابط والقيود، وعلى المتبرّع.. الساذج!
قام مجلس إدارة جمعية الصداقة الإنسانية، منذ تأسيسه، بتطبيق أعلى درجات الشفافية والحوكمة على عمل الجمعية، وسعى لأن يكون أعضاء المجلس وبقية مؤسسي الجمعية أكبر المتبرعين لها لإيمانهم بأهدافها الخيرية والاجتماعية غير المسبوقة، وأن يكون عملهم دون مقابل. كما منعت الجميع من توظيف أقربائهم في الجمعية.
ولمزيد من الشفافية أصر المجلس على ضرورة نشر ميزانية الجمعية على موقعها الإلكتروني، إضافة لنشرها في صحيفتين سنوياً. مع نشر قائمة تبيّن أسماء كل من تبرّع للجمعية على موقعها الرسمي، لتكون بتصرف الجميع. كما منع المجلس استقطاع أية نسب من أي تبرع تتلقاه، أو ما يسمى بنسبة «القائمين عليها»، كما تفعل بعض الجمعيات. كما أعطت كل متبرّع الحق في توجيه تبرعه لتحقيق أي من أهداف الجمعية أو أنشطتها.
إن جسم العمل الخيري مملوء بالندوب المتمثلة بالمستفيدين منه ومن ملايين التبرعات شبه السائبة، فعدد من دخل هذا المجال وأثرى لا يعد، وغالبيتهم يتستر بعضهم على بعض، وقد رأينا ذلك في أكثر من مناسبة، كان آخرها ما حدث خلال حملة «فزعة وطن»، عندما تمكنت مجموعة جمعيات خيرية، إبان أزمة كورونا، من جمع ما يقارب العشرة ملايين دينار، ضاعت تالياً خلال أيام بمختلف السبل والصور. وحصل ما يماثل ذلك لدى جماعة المذهب الآخر، وهذا ما سبق أن بيناه في أكثر من مقال.
إن التكالب الذي نراه على نيل الجنسية الكويتية يعود أساساً إلى ما يحصل عليه حاملها من «مزايا مالية»! وبالمقدار نفسه فإن التكالب على تأسيس «جمعيات خيرية» هدفه الأساسي غالباً ليس عمل الخير، بل المزايا المالية الضخمة التي يحصل عليها من يديرون هذه الجمعيات. ولو منعت الشؤون الجمعيات من استقطاع نسبة «القائمين عليها» الدسمة لأغلقت غالبية الجمعيات أبوابها. فليس هناك أصلاً حاجة إلى ستين جمعية خيرية.
وإن كانت الحكومة جادة بالفعل في تنظيف الجسم الخيري فما عليها أو على وزارة الشؤون غير تطبيق نموذج عمل «جمعية الصداقة الإنسانية»!
من أمثلة استغلال العمل الخيري للمنفعة الشخصية الحملة التي قامت بها إحدى الجهات «الهدهودية»، والتي دشنت حملة لجمع مبلغ 100 ألف دينار لتجهيز دعاة (!!).
أريد مسؤولاً واحداً يقنعني بأن بالإمكان مراقبة طريقة صرف هذا المبلغ الضخم على تجهيز وتوظيف دعاة، وتحديد جنسياتهم ورواتبهم، وعشرات الأسئلة الأخرى.
إنها «مقصة» يا وزارة الشؤون، فلا تسمحوا لتلك الجهات «غير النبيلة» بأن تفلت بالغنيمة الحرام.