نصرالله زائر غامض.. هل تكون نهايته شبيهة بنهاية منظمة التحرير في البحر
بقلم: خليل مرداس
النشرة الدولية –
“الشفافية نيوز” :
من شويا إلى عين الرمانة قد كُتبت بداية النهاية.
ما بين التحرير والترهيب سقط قناع حزب الله، وسقطت أسطورة الحزب المقاوم الذي سيقضي على اليهود وسيعيد فلسطين حرةً مستقلة. عقلية حزب الله لم تكن أبدا وليومٍ واحدٍ عقلية لبنانية، بل هذه المنظمة التابعة بالمضمون والجوهر للحرس الثوري الإيراني أدت إلى تهالك قناعها رويداً رويداً، بدءاً من إنقلاب ٧ أيار ٢٠٠٨ الذي أفقد الدعم الداخلي القوي لحزب الله وخسارة تحالفاته مع الحريري-جنبلاط-جعجع، ثم الانغماس في ساحة الحرب السورية،وصولا إلى تغيير بوصلة السلاح، وتوجيهها إلى صدور اللبنانيين لا الإسرائيليين خاصة بعد حادثة عين الرمانة، وانتهاء بتفجير مرفأ بيروت، والتي توجه الاتهامات بخصوصه إلى حزب الله.
ليس خفياً صمت حزب الله عن تمادي إسرائيل، فإنه وفي الفترة الأخيرة لم يتجرأ بعد حزب الله على الرد المعهود ولو كانت ستاتيكا متبعة، أي الرد فقط للرد ليس أكثر. الضربات الإسرائيلية الأخيرة لم يكن عليها حرفيا أي أدنى رد خصوصاً الضربات الإسرائيلية في الداخل السوري والتي يذهب ضحيتها من كلا الجانبين أي من الجانب السوري وأيضا من جانب حزب الله والحرس الثوري، فأسطورة الصواريخ الدقيقة والتي كان يهدد بها حزب الله بتدمير المنطقة بطلب من الراعي الأكبر الإيراني قد سقطت.
إنهيار سياسي وأخلاقي حتمي قد بدأ داخل حزب الله، فبعيدا عن الإستقالات لا بل الإنشقاقات داخله، تلقى حزب الله العديد من الصفعات التي أربكت قاعدته الجمهورية والتي لا تستطيع التفوه بها بحدٍ أدنى. تبدأ أولى الصفعات في خلدة، حيث استطاع عرب خلدة أن يوجهوا رسالة لحزب الله بأن السلاح سيُقابل بالسلاح، وتبعها حادثة شويا، والتي أثبت من خلالها بأن مسرحية التحرير والرد باتت ساقطة، وبالتالي خسارة التقبل الداخلي للشعب، وأخيرا الانقلاب الثاني في بيروت وما عرف ب٧ أيار جديد، وتصويب السلاح للداخل اللبناني. احتقان داخلي غير مسبوق على أداء حزب الله، يترجم بعدم تقبله، وهذا ما تخشاه قيادات الحزب، إذ أن الاحتقان هذا سيؤدي إلى عدم تقبل النازحين الشيعة في حال اشتعلت الجبهة الجنوبية، في وقت كان الشعب اللبناني وخصوصا مناطق حاصبيا وراشيا والشوف قد قاموا باستقبال الشيعة النازحين من مناطقهم داخل بيوتهم إبان الحرب.
فشل حزب الله لم يترجم فقط سياسيا إنما أيضا عسكريا. فالساحة السورية استطاعت ليس فقط أن تبتلع القيادات الحزبية بل على العكس فقد حققت الدول هدفها وذلك بإستنزاف أكبر نسبة ممكنة من قوة حزب الله داخل سوريا، إذ أن القتال على جبهتين سيكون ضربا من المستحيل، وبالتالي إلهاء الحزب داخل سوريا، وإبعاد الخطر عن شمال إسرائيل كانت استراتيجية نجحت الدول باستدراج الحزب إليها.
فاتورة الإنغماس داخل سوريا رأى الأسد منها فرصة لأخذ قسط من الراحة، وإشراك قوات الحزب والميليشيات الإيرانية في تحرير المناطق من الجماعات السنية المتشددة، وتخفيض نسبة الخسائر الجسدية داخل صفوفه، فكانت مشاركة إيران وحزب الله في المعارك أكثر من مشاركة قوات الجيش العربي السوري، حيث أن الحزب قد فقد العشرات من القيادات التي كان لها دور محوري في الصراع مع إسرائيل، إضافة إلى الألاف الألاف من القتلى من كوادر الحزب وحسب الدراسات وصلت أعدادهم لأكثر من ١٦٣٥ قتيلا. سقوط الضحايا وفشل الحزب في احتواء الأزمة داخل سوريا ومنعها من تمددها إلى لبنان بات مسألة ملموسة أيضا في اليمن والعراق وصار صوتاً مسموعاً يطلقه مسؤولو حزب الله في المناسبات الحزبية وغير الحزبية.
والتدخل الإيراني ومعه حزب الله عام ٢٠١٢ رحب به الأسد، إلا أنه سرق منه سلطته في بعض المناطق ذات الأقلية الشيعية.. خوفٌ من خسارة السلطة الكاملة إستبقه الأسد مع الدخول الروسي واسترجاع بسط السيطرة، لا بل وإعادة العلاقات مع إيران وحزبها تماما كما كانت قبل الحرب، فمراهنة الحزب بكل شيء في سوريا، أنتجت رياحا عكس ما تشتهي سفنه، خاصة بعد كلام عن قيام قيادات عسكرية سورية بطرد كوادر حزب الله من مواقع محددة.
على ما يبدو فإن نصرلله سيبكي كما بكى عرفات يوما، وهذه المرة ستكون الوجهةُ إيران لا تونس كما غادرت منظمة التحرير. إذ أن أثير الحروب، والخسارات والإنقلابات ستؤدي إلى قرار دولي حتمي، يعود به نصرلله على ظهور ناقلات الجنود إلى أمه الحنونة “إيران”. فخروج الكوادر مع قائدهم نحو إيران لن يكون مستغربا، خصوصا مع التغيرات الجذرية داخل العالم العربي، وتغير الذهنية اتجاه إسرائيل، ومعه سيستقل لبنان، وسيتخلص من وطأت السلاح، وكما فعلتها المنظمة واعترفت بإسرائيل ولو بشكل غير مباشر، فما المانع من أن يفعلها لبنان؟
سؤال سيكون جوابه في التغيرات الإقليمية القادمة…