سيناريو العرض الإميركي في الترسيم البحري بين لبنان واسرائيل: شركة أميركية توزّع النسب؟
النشرة الدولية –
لبنان 24 – نوال الأشقر –
عام مضى على انطلاق الجولة الأولى من المفاوضات غير المباشرة بين لبنان واسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية، في الرابع عشر من تشرين الأول الماضي في الناقورة. في حينه أربك الوفد اللبناني نظيره الإسرائيلي، على خلفية قوّة الدراسة التي قدّمها الجيش اللبناني بشقّيها التقني والقانوني ، وأكّد خلالها بالخرائط والمستندات أنّ المساحة التي تدخل ضمن حدود لبنان لا تقتصر على 860 كيلومتراً مربعاً، بل تضاف إليها مساحة تبلغ 1430 كيلومتراً مربعاً. فكان أنّ علّق الإسرائيلي المفاوضات في الرابع من أيار الماضي.
اليوم يعود الترسيم البحري إلى الواجهة مع بوابة تعيين الإدارة الأميركية آموس هوشستين رئيسًا للوفد الأميركي. ومع زيارته لبيروت، يُفترض أن يعيد تحريك الملف. المعضلة التي تواجه لبنان لا تقتصر على الإنحياز الأميركي للجانب الإسرائيلي، ولا بلجوء إسرائيل إلى تلزيم شركة “هاليبرتون” الأمريكية أعمال التنقيب في حقل كاريش الواقع ضمن حدود لبنان، استنادًا إلى ترسيم الجيش اللبناني، بل أنّ المعضلة تكمن بتغييب رؤية لبنانية موّحدة حيال الترسيم، أو بعبارة تقنية عدم تعديل المرسوم 6433، الذي لا زال في عهدة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ينتظر توقيعه. وفي هذه الحال، لم يحسم الوفد اللبناني أيّ نقطة سينطلق منها: النقطة 23 التي تتحدث عن 860 كيلومتراً مربعاً، أو النقطة 29 التي صوّب خلالها الجيش الخطأ القديم؟
الإجابة على هذا السؤال تبدو واضحة من خلال ترك رئيس الوفد المفاوض العميد بسام ياسين يغادر منصبه، بعدما أُحيل إلى التقاعد في السابع من الشهر الحالي، وفق ما أوضح الخبير الإستراتيجي العميد المتقاعد ناجي ملاعب. وبالتالي تمّ تجاهل الكتاب الذي رفعه قائد الجيش العماد جوزيف عون إلى وزير الدفاع، يطلب فيه التمديد التقني الاستثنائي لياسين 6 أشهر. مصادر مطلعة أوضحت أنّ الوزير أبدى موافقته، بانتظار القرار السياسي من قبل رئيس الجمهورية، وأنّ طلب التمديد مرتبط فقط بالمفاوضات حول ترسيم الحدود.
ما الجديد الذي يمكن للموفد الأميركي الجديد تقديمه للبنان؟
تتحدث معلومات عن أنّ هوشستين سيسعى لإعادة إحياء المسار التفاوضي البحري، ليس من خلال إعادة المفاوضين من الجانبين إلى طاولة الناقورة، بل من خلال جولات مكوكيّة سيقوم بها، متنقّلًا بين لبنان والأراضي الفلسيطينة المحتلة، لينقل وجهتي النظر. وفق مقاربة ملاعب لـ “لبنان 24” لدى لبنان نقطة قوّة واحدة تكمن بدراسة الجيش اللبناني، وهو مسار قانوني يمنح لبنان موقعًا متقدّمًا في المفاوضات،عدا ذلك لا حيثيّة يمكن البناء عليها لإيقاف جشع العدو الإسرائيلي في ثروتنا من النفط والغاز. لكن طالما لبنان لم يعدّل المرسوم ستسلك الأمور اتجاهًا وحيدًا لا بديل عنه يقول ملاعب “الولايات المتحدة المنحازة لإسرائيل تقود المفاوضات، وهي من منع لبنان من الأخذ بمقاربة مكتب الهيدروغرافي البريطاني عام 2011، والأرجح ستقدّم حلًّا يقضي باعتماد شركة أميركية واحدة للتنقيب، موثوقة من الفريقين، توزّع الحصص على كلّ من لبنان وإسرائيل بالنسب التي تراها مناسبة. بالتالي ما سيحصل على الحدود الشمالية قد يُستنسخ على الحدود الجنوبية، فهناك لزّمت سوريا التنقيب عن النفط لشركة روسية من دون ترسيم الحدود مع لبنان، في هذه الحال ستقوم الشركة الروسية بتوزيع الحصص على كلّ من لبنان وسوريا، وهو السيناريو المرجح أن تعتمده الشركة الأميركية”.
هل من الممكن أن يعمد الأميركي إلى توزيع النسب وفق خط “فريدريك هوف” المجحف بحق لبنان؟
“لا يمكن ذلك بطبيعة الحال، والنسبة التي يفترض أن يحصل عليها لبنان ستكون أفضل من تلك التي اقترحها خط هوف، خصوصًا أنّ لبنان يملك ضباطًا وخبراء تمّ تدريبهم في الخارج على ترسيم الحدود، وباتوا يمتلكون قدرات عالية في ترسيم الحدود في أيّ بقعة جغرافية من العالم”.
المرسوم 6433 لم يُعدّل، وبقي في أدراج القصر الجمهوري طيلة الأشهر الماضية، بعدما نشأ خلاف دستوري حول الجهة المخوّلة تعديله في ظلّ حكومة تصريف الأعمال. أوساط مطّلعة تعتبر أنّ عدم توقيع المرسوم يتجاوز الخلاف الدستوري إلى أهداف أخرى تتصل بمعاودة المفاوضات، وتكشف لـ “لبنان 24” أنّ هناك طرحًا رئاسيَّا تمّ التداول به مع مسؤولين أميركيين، يقضي بإجراء المفاوضات من دون تحديد الخط 23 أو الخط 29، على اعتبار أنّ التمسّك بنقطة معينة قد يحبط التفاوض، ومن هذا المنطلق جرى تجاهل إصدار المرسوم 6433. بالمقابل تصوّب جهات أخرى على أهداف غير واضحة لعدم توقيع المرسوم، فيما تلف جهات أخرى مطّلعة على الملف أنّ المرسوم المذكور يحمل في سياقه مخرجًا، كونه يتضمن إمكانية تعديله في حال ظهور معطيات علمية جديدة، بحيث تحدثت نصوصه عن “إمكان مراجعة هذه الحدود وتحسينها وتعديل لوائح إحداثياتها عند توافر بيانات أكثر دقةً ووفقاً للحاجة في ضوء المفاوضات مع دول الجوار المعنية”. وهناك رأي آخر بأن يُعهد بالترسيم إلى شركة استشارات دولية، تصحّح الخلل التقني بما يمنح أريحية للبنان بالمطالبة بتعديل الخط، ولكن هذا الخيار بدوره يتخطّى ما أنجزه الجيش.