مقاربة نقدية للموروث البشري في التدين “السلف الصالح” و”نحن” وبعد

الدكتور سمير محمد ايوب

النشرة الدولية –

لمن يحاولون ثنينا عن مقاربة الموروث البشري في التدين، بحجج منها ايننا من السلف الصالح، بشكل قاطع لا لبس فيه ولا غموض ولا تأتأه، نقول للاعبي الثلاث ورقات ، وللحواة ودعاة التخريف منهم:

نعم، حِرْصُنا على ما أنعم الله به علينا من إيمان، هو نفْسُ حرصِ السابقين،  وإخلاصنا في ممارسته بنفس حرصهم، وإن كُنّا نُعاني مشقّاتٍ أكثر مِمّا عانوا. وعزاؤنا في هذا، أنّ الأجر على قدْرِ المشقّه.

أمّا بالنّسبة لفَهمِ مَباني ومَعاني القرآن الكريم والسنَّة النبوية، فنحنُ بالضرورة وبالحتم، أقدرُ منَ ” السَّلَفِ الصالح ” بكثيرٍ، لأنّنا بتنا اليوم مالكين:

1- مناهج علمية، وأدوات بحث وطرق مقننة، للجمع والضبط والتحليل أكثر دقة مما كانوا يملكون.

2- معارف علوم الدنيا، وتقنياتها وتطبيقاتها وتطوراتها، باتت أكثر تنوعا واوسع واعمق وأدق، مما كانوا يعلمون. بما فيها علوم اللسانيات والدراسات المقارنه. وهي مُتاحة في مظانها لكل من يسعى بجدية وقدرة صابرة إليها.

3- الاختراعات المعاصرة تمكننا اليوم، من الاستفادة القصوى من المسافات وفي الزمن الأقصر، في لحظاتٍ يدلف الباحث المعاصر إلى أرفف وخزائن  كل مكتبات الدنيا، ليطل بحرية بالغة ويسر، على ما احتوت من موسوعات ومراجع ووثائق، من كل مناحي الدنيا ومن العصور، ليطبق عليها كل اختبارات التحقق العلمي، وهو في أمنٍ وأمان ودعة واطمئنان، أكثر ممن كان يركب الحمار أو الحصان أو البعير أو مشيا على الأقدام، ليستمع إلى إنسان من فطرته النسيان، ناهيك عن الغرض والمصلحه.

4-  ثقافة عصرنا تعتمد في الأساس، على القراءة والكتابة والتوثيق، بالصوت والصوره. أما بحثُ السّلف فهو إلى حدٍّ كبيرٍ نِتاج ثقافة سمعية. مِما اضطرهم للأتّكاء كثيرا على علم الرجال أكثر من علوم الدِّراية في المضامين.

5- يضاف الى كل ذلك، أنّ الكثير منَ الباحثين اليوم في الموروث، هم في تخصّصهم مسلحون، مع ما حباهم الله به من ملكات ومهارات وخلق العلماء وصبرهم وخبراتهم، بشهاداتِ تخصّصٍ تُثريهم بالمعارف العصرية المركبة، أكثر بكثيرٍ مِمّا أتيح لِمَنْ كان يا دُوب يُحسن فكّ الخطّ من السلف الصالح.

وفي النهاية، أقول لجوقة المُتنطعين من الحواة ودعاة الكيفما كان: كفاكم عَنْطَزَةَ ، فمن لا يرى نفسه منكم كفؤا، بما فيه الكفاية لمهمة المراجعة، فليبتعد مُفسِحا لمن يملك الدراية والصدق، وليُحْسن الاستماع والتبصر، بأدبٍ جمٍّ يليقُ بالقولِ المُفيد مِمّن يملكُ الدّراية والصدق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button