ازمات مفتعلة والهدف الحالي شل الحكومة اللبنانية لا اسقاطها
النشرة الدولية –
لبنان 24 – هتاف دهام –
لم يغير تأليف الحكومة مطلقاً في المشهد السياسي الراهن. الأزمات المفتعلة بمعظمها تتراكم وتتفاقم على المستويات الاقتصادية والقضائية والسياسية، وهذا من شأنه أن يعرقل عمل حكومة “معا للانقاذ” ويحبط خططها وبرنامجها للإصلاح إذا استمرت لعبة الشروط، وكأن هناك من يريد، وفق أوساط سياسية متابعة، أن يفرض فائض قوته على مجلس الوزراء في ما خض قضية مرفأ بيروت والتحقيقات التي يجريها المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، في وقت عزم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، عدم التوقف عند اعتكاف الوزراء الشيعة عن حضور جلسات مجلس الوزراء، فالسراي الحكومي أشبه بخلية نحل من الصباح حتى الثالثة بعد الظهر إن لجهة لقاءاته مع وفود غربية ودولية وعربية ومن المؤسسات المالية الدولية، أو لجهة ترؤسه يوميا اجتماعات اللجان الوزارية التي يشارك فيها الوزراء المعتكفون، كّل حسب اختصاصه.
لا شك أن حوادث الطيونة أعادت إلى الأذهان مشهد الحرب الأهلية وخطوط التماس، لكن لا بد من الإشارة إلى أنها بقيت مضبوطة ضمن نطاق معين، نظراً إلى تدخل القيادات المعنية للجمها بطرق مختلفة عبر التهدئة من جهة والتحذير والتهديد من جهة أخرى. وأمام كل ذلك فإن مشهد التوتر الدخلي مستمر طالما ان الأزمات التالية لم تعالج وهي:
_أزمة التحقيقات بملف الطيونة. فحزب الله أسوة بحركة أمل ينتظر التحقيق ولن يتجاوزه كما تقول مصادره، وهذا ما سيشير إليه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله اليوم لكنه سيبقى في الوقت نفسه متيقظا لأي تسييس أو تمييع من شأنهما عرقلة المسار الصحيح في متابعة القضية وعندها سيبنى على الشيء مقتضاه.
_أزمة الثنائي الشيعي مع المحقق العدلي طارق البيطار. وكما بات معلوما فإن هذا الثنائي يطالب بكف يد الأخير عن تحقيقات المرفأ، بيد أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يرى أن كفّ يده هو أمر قضائي لا يتدخل فيه. أما رئيس الجمهورية العماد ميشال عون فيرفض بدوره ذلك تحت شعار فصل السلطات، علما مصادر الثنائي الشيعي تؤكد أن البيطار يحظى بغطاء ودعم من الرئيس عون ومستشاره الوزير السابق سليم جريصاتي، وتشير في الوقت عينه الى أن مجلس القضاء الاعلى منقسم على نفسه حيال التوجه في التعاطي مع المحقق العدلي، وقد تظهر هذا الامر خلال اجتماعه امس، هذا فضلا عن أن رئيسه القاضي سهيل عبود يبدو وفق المصادر نفسها مترددا حيال دعوة البيطار الى اجتماع القضاء الاعلى، فإما أنه لا يرغب لأنه يبارك ما يقوم به الأخير، أو لأنه متهيب من توجيه الدعوة.
_الجدل حول إقرار مجلس النواب القانون الخاص بتعديل بعض أحكام قانون انتخاب أعضاء مجلس النواب، والمتصلة بتقديم موعد الانتخابات النيابية المقبلة إلى السابع والعشرين من شهر اذار المقبل بدلا من ايار، مع إعطاء الحق للمغتربين للاقتراع في الخارج مثل الداخل لاختيار جميع أعضاء المجلس البالغ عددهم 128 عضوا، وذلك بدلا من تخصيص 6 مقاعد إضافية للمغتربين يتم الاقتراع عليها في الخارج، مع تعليق المادة المتعلقة بالبطاقة الممغنطة في قانون الانتخاب، إضافة إلى إقرار مبلغ 750 مليون ليرة لبنانية كسقف ثابت للمرشح الواحد و50 ألف ليرة عن كل ناخب كمبلغ متحرك و750 مليون ليرة كسقف الإنفاق للائحة الواحدة.
وبحسب معلومات “لبنان 24” فإن رئيس الجمهورية لن يوقع مرسوم التعديل الذي وقعه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وأحاله إليه، وهو يتمهل في الإعلان عن موقفه من عدم التوقيع كونه يبحث عن ثغرات قانونية تحيط بالقانون ويدقق بتفاصيله وبنوده.
_التباين المحلي الرسمي حيال ملف ترسيم الحدود البحرية، فبينما ينطلق رئيس الحكومة في مقاربته الملف مع الداخل والخارج من المرسوم 6433 الذي يحدد حدود لبنان البحرية بالخط 23 الذي اقر خلال ترؤسه الحكومة في العام 2011، فإن رئيس الجمهورية الذي لم يرفض الجولات المكوكية يسعى الى ضم مدنيين الى الوفد العسكري وهذا ما يثير انزعاج حزب الله، بيد أن رئيس مجلس النواب ووفق ما نقل عنه ان فكرة المفاوضات المكوكية اسقطت وتم الاتفاق مع الموفد الاميركي آموس هوكشتاين على العودة الى اتفاق الاطار. مع الاشارة في هذا السياق، الى انه بينما يتمسك الرئيس بري بالخط 23، فإن الوفد العسكري المفاوض يتمسك بالخط 29 عازيا ذلك الى الدفاع عن حقوق لبنان في المنطقة الاقتصادية الخالصة.
_ الارتفاع السريع بسعر البنزين في الداخل بالتوازي مع ارتفاع سعر برميل النفط عالمياً، وبالتالي فإن هذه المشكلة سوف تشكل عاملا ضاغطا في البلد وعلى الحكومة والوزارة المعنية، خاصة وان لا دولارات في الخزينة ومصرف لبنان لن يتمكن من تأمين الدولار المطلوب للمستودين، الامر الذي يتعذر معه البحث في أية حلول جذرية أو حتى موقتة لأزمة المحروقات.
في خضم كل هذه الأزمات وسواها من أزمات الدواء والاستشفاء ورفع الدعم وتأخر البطاقة التمويلية، الأكيد أن مسألة عودة الحكومة الى اجتماعاتها أمر ضروري وبالغ الأهلية لأجندة الفترة المقبلة، لكن الواضح، وفق المعلومات ان الغيوم لم تتبدد بعد، اذ لا يزال حزب الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري على موقفهما من تعليق اعمال مجلس الوزراء ربطا بما ستسفر عليه الاتصالات في ما خص ملف القاضي البيطار، من دون أن يعني ذلك أن الوزراء سيعلقون العمل في وزراتهم، فالمعلومات تؤكد أن هناك قرارا حاسما عند الحزب والحركة بضرورة أن يفعل وزراؤهم الانتاجية في وزاراتهم والمشاركة في اجتماعات المختصة والمتصلة بالامور الحياتية للمواطن والمالية والنقدية.
ان مفتاح الحل أكثر من واضح بالنسبة الى”الثنائي الشيعي”، لكن ماذا لو لم يتحقق ما يريده هذا الثنائي لجهة كف يد القاض البيطار؟ الجواب وفق المصادر نفسها “لا فتوى حتى الساعة أكثر من شل الحكومة”.