الورقة الخامسة والستون من ديوان الدكتور غازي القصيبي مائة ورقة ورد
النشرة الدولية –
برس بارتو –
لبنانيِ أنا.
لا أعرف لبنانكم ايها السادة.
ولا أريد أن أعرفه.
لبنان القناصة، والمسلحين، وجاليري سمعان، والطرق غير السالكة، والخطف، والمبعوثين الدوليين.
أعرف لبنانا آخر… لبناني أنا.
لبناني أيها السادة، كان صبيا صغيرا حالم العينين يأكل مناقيش الزعتر وينام على وقع الميجنا ويصحو فيرقص الدبكة.
لبناني كانت ترسانة كتب، ومصنع شعر، وسفرا في النجوم،وموعدا تاريخيا مع الابداع.
لن تأخذوا لبناني مني.
بكل ميليشياتكم وأحزابكم وطوائفكم وبنادقكم وسياراتكم المفخخة.
لن تأخذوا مني رعشةالحب البريء الأول في حي من أحياء بيروت الحسناء.
ولن تأخذوا مني خطواتي الأولى الحذرة على الثلج الابيض في الأرز العتيق.
ولا القصيدة التي كتبتها على شجرة صنوبر.
لن تأخذوا مني المطعم الذي يغني فيه شيخ عجوز.
ولا بائعة الفل التي تنتظرني كل مساء على باب المقهى.
ولا خرير الباروك. ولا غنج زحلة. ولا ضجة البسطة.
ولا إغراء الروشة. ولا دراق شتورة.
ولبناني، أيها السادة، لم يمت.
ولكنه سافر في رحلة مؤقتة من أجمل ما فيه الى ابشع ما فيكم.
ولكنه سيعود.
وذات صباح والثلج الابيض يتساقط على الأرز العتيق سأجد في انتظاري صبيا صغيرا حالم العيون يأكل مناقيش الزعتر ويهتف بي:
“أهلين! إشتقنالك!””