دوافع عربية لإعادة الارتباط الإقليمي مع سوريا..وأبرزها النفوذ الإيراني والتركي والمخاوف الإقتصادية والأمنية

بدأت الدول العربية تدريجيا، بإعادة إقامة علاقاتها مع الدولة السورية. وكيف لا.. والدوافع متعددة، وأبرزها المخاوف بشأن النفوذ الإيراني والتركي، إضافة إلى المخاوف الإقتصادية والأمنية، على إعادة الارتباط الإقليمي المؤقت مع سوريا.

وبحسب ما ذكرت صحيفة “فايننشل تايمز” الأميركية، ” تم طرد سوريا من جامعة الدول العربية قبل عقد من الزمن عندما حاول الرئيس بشار الأسد سحق الانتفاضة الشعبية.

ودعمت بعض دول الخليج المعارضة السورية عندما انزلقت البلاد في حرب أهلية. وفي حين باتت سوريا في وضع غير مستقر، فإن الأسد يسيطر الآن على معظم البلاد. في الأسابيع الأخيرة، تحدث الرئيس السوري لأول مرة منذ عقد مع العاهل الأردني الملك عبد الله، وهي مكالمة فاجأت إدارة بايدن.

كما والتقى وزير الخارجية المصري بنظيره السوري الشهر الماضي في سابقة أخرى منذ اندلاع الحرب الأهلية. وتفاخرت الإمارات العربية المتحدة، التي أعادت فتح سفارتها السورية في أواخر 2018، بعلاقاتها التجارية مع دمشق. كما و أجرى ولي عهد الإمارات مكالمة ثانية مع الأسد الأسبوع الماضي”.

وأضافت الصحيفة، “على الرغم من إقرار قانون قيصر في العام 2020، الذي سمح لوزارة الخزانة الأميركية بفرض عقوبات على أي شخص في أي مكان في العالم يتعامل مع كيانات وأفراد سوريين يخضعون للعقوبات، فإن الولايات المتحدة لم تكن قادرة أو غير راغبة في منع إعادة الارتباط الإقليمي الزاحف مع النظام”.

وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن: “أعتقد أن الكثير من هذه الدول العربية اتخذت قرارها بنفسها على الرغم من مساعي الحكومة الأميركية بعدم القيام بذلك”، مضيفاً” أن الدفء في العلاقات بدأ في ظل إدارة ترامب”.

وتابعت الصحيفة، “أعادت البحرين فتح سفارتها في العام 2019 كما وأعادت عمان سفيرها في العام 2020. وقدم ولي عهد الإمارات محمد بن زايد آل نهيان مساعدة مباشرة للأسد لمحاربة وباء كورونا”.

وتابع المسؤول قائلاً: “لقد فعلوا ذلك إما من خلف ظهورنا أو كانوا يفعلون ذلك أمام وجوهنا”، واصفاً مكالمة الملك عبد الله بأنها “مفاجئة حقًا” و”ليس شيئًا نتوقعه “.

وأضاف: “نذكرهم بأنهم قد يتعرضون لخطر العقوبات الأميركية من خلال إجراء هذه المحادثات”، في إشارة إلى الارتباطات الإقليمية المحتملة، مضيفًا أن الولايات المتحدة تتوقع إعلان عقوبات مستهدفة على سوريا. وتابع قائلاً: “نحن نوضح بشكل واضح أننا لن نتطبع مع

أما بالنسبة للدول المجاورة لسوريا، فأسباب إعادة إحياء العلاقات معها واضحة. يقع كل من الأردن ولبنان على حدود سوريا ويستضيفان مئات الآلاف من اللاجئين السوريين، فيما عطلت الحرب أيضًا طرق التجارة الرئيسية التي ترغب الدول التي تعاني من ضائقة مالية في إحيائها. كما يشعر الأردن بالقلق من تهديد فلول داعش والمجموعات المدعومة من إيران في جنوب سوريا.

وكان الملك عبد الله قد صرح في وقت سابق من هذا العام لشبكة الـ”سي أن أن” الأميركية: “النظام موجود ولذا علينا أن نكون ناضجين في تفكيرنا ، هل هو تغيير النظام أم تغيير السلوك؟ وإذا كان تغييرًا سلوكيًا، فما علينا فعله هو الاتحاد معًا للتحدث مع النظام، لأن الجميع يفعل ذلك.”

وذكرت الصحيفة، “يعتقد بعض صناع القرار في الخليج أن فك الارتباط مع الأسد كان خطأ استراتيجيًا. تم تهميش القوى الخليجية العربية والغربية منذ إنهاء دعمها للمتمردين، مع قيام الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب بقطع التمويل الأميركي في عام 2017. ومنذ ذلك الحين وسعت إيران وروسيا مجال نفوذهما من خلال تقديم الدعم العسكري والمالي للنظام”.

وقالت دارين خليفة، محللة الشؤون السورية في مجموعة الأزمات الدولية، إن “التطبيع مع بعض الدول العربية هو لفتة سياسية” ردًا على المخاوف بشأن تعميق النفوذ الإيراني والتركي، فضلاً عن القضايا الاقتصادية والأمنية الإقليمية.

وعزز الانسحاب الأميركي من أفغانستان التصور السائد بين القادة العرب بأن الولايات المتحدة عازمة على فك ارتباطها بالمنطقة، بحسب ما ذكرت الصحيفة.

وقالت خليفة: “كانت هذه الإدارة ضعيفة جدًا وغالبًا ما تكون متناقضة في الرسائل العامة حول قضية التطبيع، مما دفع العديد من الدول العربية إلى الاعتقاد بأنها تحظى بموافقتها الضمنية”.

وقال إميل حكيم، محلل شؤون الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، بدون “توجيه أميركي واضح، وبالنظر إلى أن الاتحاد الأوروبي يركز على الهجرة والأمن بدلاً من النتائج السياسية، فمن المفهوم أن المخاوف السياسية والأمنية والاقتصادية على المدى القريب تهيمن على تفكير الدول المجاورة لسوريا”.

ومع ذلك، قال: “هناك تفاهم على أن عائدات هذا الانفتاح لسوريا ستكون محدودة… ليس الأمر كما لو أنه يمكنك إعادة اللاجئين وفتح التجارة واستئناف التعاون الأمني، فالأمر أصعب بكثير من ذلك”.

وأضافت الصحيفة، “مع حتمية خروج سوريا من الوحدة، يقول مراقبون إن حتى السعودية لن تمنع عودة سوريا إلى الجامعة العربية بقيادة الأسد. وقال محلل مقيم في الإمارات العربية المتحدة: “تبحث الرياض فقط عن لفتة من دمشق، مثل إطلاق سراح سجناء أو بعضهم، لإظهار حسن النية”.

لم يتنازل الأسد حتى الآن عن قضايا مثل السجناء، أو العودة الآمنة للاجئين، أو الانخراط في عملية السلام المحتضرة. وتعزز موقفه الإقليمي بخطة مدعومة من الغرب لمساعدة لبنان من خلال إدخال الغاز المصري والكهرباء الأردنية في خطوط الأنابيب والكابلات التي تمر عبر سوريا. وأطلق المخطط أول زيارة وفد وزاري لبناني الى دمشق منذ اندلاع الحرب الأهلية”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى