الحجم الحقيقي للاستيراد والتصدير بين لبنان والخليج
النشرة الدولية –
المدن – عزة الحاج حسن –
أزمة جديدة أضيفت إلى سلسلة الازمات المُحدقة بالاقتصاد اللبناني بكافة جوانبه. أزمة استحدثتها السياسات المتبعة من قبل الحكومة اللبنانية، فبين ليلة وضحاها سدّدت السلطة ضربة للصادرات اللبنانية قطعت فيها الطريق أمام مئات ملايين الدولارات، في وقت يعاني فيه الاقتصاد اللبناني شحاً خطراً بالعملة الصعبة، وهو بحاجة ماسة لكل الإيرادات الدولارية إن عبر الصادرات أو تحويلات المغتربين.
فالمقاطعة التي اتخذت قرارها السعودية أمس السبت حيال لبنان، شملها وقف عمليات الاستيراد، ولكون عدد من دول الخليج تبعت السعودية باعتراضها على تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي، فذلك يعرّض العلاقات الاقتصادية مع باقي دول الخليج لخطر محتمل، أقله مع الإمارات، فما الذي يربط لبنان بدول الخليج على المستوى التجاري.
750 مليون دولار وليس مليارات
ليست أرقام المليارات تلك التي يتم تداولها ورميها هنا وهناك، على أنها قيمة صادرات السعودية من لبنان بالأرقام الصحيحة. فأرقام الصادرات اللبنانية إلى السعودية خجولة إلى حد ما بالمقارنة مع سويسرا على سبيل المثال، وتقل أيضاً عن الصادرات إلى الإمارات. لكن ذلك لا ينفي بأن للمقاطعة تداعيات سلبية كبيرة من شأنها مفاقمة الأوضاع الاقتصادية والمالية في لبنان.
باختصار، وقبل الدخول بتفاصيل الأرقام التي تربط لبنان مع كل دول الخليج لجهة عمليات الاستيراد والتصدير، لا بد من الإشارة إلى أن حجم الصادرات اللبنانية إلى السعودية والإمارات والكويت تبلغ نحو 750 مليون دولار، أي بنسبة 21 في المئة من مجمل الصادرات اللبنانية، وإذا ما أضيفت إليها قطر وعمان ومصر، ترتفع الصادرات اللبنانية إلى نحو مليار دولار، أي بنسبة 29 في المئة من مجمل الصادرات اللبنانية، البالغ حجمها عام 2020 نحو 3.5 مليار دولار، حسب إحصاءات المديرية العامة للجمارك. أما حجم الصادرات اللبنانية إلى السعودية وحدها فلا تزيد عن نسبة 6 في المئة من مجمل الصادرات، وبقيمة تقارب 217.7 مليون دولار.
حجم الصادرات اللبنانية
بلغت قيمة الصادرات اللبنانية إلى الإمارات في العام 2020 أكثر من 460.3 مليون دولار، أي بنسبة 13 في المئة من مجمل الصادرات اللبنانية. وتأتي الإمارات بالمرتبة الثانية بعد سويسرا، كوجهة أساسية للصادرات اللبنانية. أما السعودية فتحتل المرتبة الثالثة بعد سويسرا والإمارات، وبلغت قيمة الصادرات اللبناية إليها نحو 217.7 مليون دولار فقط، أي بنسبة 6 في المئة من مجمل الصادرات. كما بلغت قيمة الصادرات إلى الكويت 71.6 مليون دولار، أي بنسبة 2 في المئة. وبذلك احتلت المرتبة 12 في لائحة وجهات الصادرات اللبنانية. أما سلطنة عمان فقد بلغت قيمة الصادرات اللبنانية إليها 25.1 مليون دولار، بنسبة 1 في المئة واحتلت المرتبة 25.
وفي لمحة على العلاقات الاقتصادية التي تربط لبنان بقطر ومصر، نلاحظ أن قيمة الصادرات اللبنانية إلى قطر بلغت عام 2020 نحو 142.2 مليون دولار، أي بنسبة 4 في المئة. وقد احتلت المرتبة الرابعة. أما مصر فقد بلغت قيمة الصادرات 97.5 مليون دولار، أي بنسبة 3 في المئة. واحتلت المرتبة 8 بين الدول المستوردة من لبنان.
وفي حين ارتفعت الصادرات اللبنانية في العام 2020 بالمقارنة مع العام 2019 إلى أكثر من وجهة، بينها سويسرا، إلا أنها تراجعت إلى السعودية في العام 2020 بالمقارنة مع 2019 من نسبه 6.6 في المئة إلى 6 في المئة.
على مستوى المجموعات الدولية، وحسب تقرير التجارة الخارجية للعام 2020، الصادر عن غرفة بيروت للتجارة والزراعة والصناعة في بيروت وجبل لبنان، فقد استأثرت الدول العربية بنسبة 40 في المئة من إجمالي قيمة الصادرات اللبنانية عام 2020، في حين تستحوذ سويسرا وحدها على نسبة 30 في المئة من الصادرات اللبنانية.
أما العامل الإيجابي الأبرز في العلاقات التجارية بين لبنان والدول العربية، ومنها دول الخليج، فهو أن الميزان التجاري بين الطرفين شبه متعادل. بمعنى أن العجز التجاري لا يتجاوز 339 مليون دولار من أصل مليار و757 مليون دولار، ويعد عجزاً ضئيلاً بالمقارنة مع العجز التجاري الواقع بين لبنان ودول الاتحاد الأوروبي، الذي تتجاوز قيمته 4 مليارات دولار.
السعودية ليست السوق الرئيسية
خلال مقارنة بعض الأرقام، يتبين أن السوق السعودية، رغم أهميته، ليست بالسوق الرئيسية أمام المنتج اللبناني كسويسرا والامارات. ومن خلال رصد تقاطع أهم أسواق الصادرات اللبنانية مع أهم السلع المصدرة في العام 2020، تبرز بعض المعطيات، وهي أن الإمارات استوردت من لبنان مجوهرات بقيمة 313.6 مليون دولار، بينما السعودية استوردت محضرات خضار وفواكه بقيمة 25.6 مليون دولار، في حين استوردت قطر محضرات خضار وفواكه بقيمة 8.7 مليون دولار.
أما في تقاطع لأهم السلع المصدرة مع أهم أسواق الصادرات عام 2020، فتبين أن لبنان صدر إلى السعودية محضرات خضار وفواكه بقيمة 25.6 مليون دولار، وفواكه وحمضيات بقيمة 20.2 مليون دولار ومنتجات الطباعة بقيمة 10.4 مليون دولار.
المنتجات الزراعية
وفي حال الدخول بأرقام الصادرات الزراعية اللبنانية حصراً، فنجد أن السعودية تتقدم على باقي الدول لجهة تصدرها قائمة الدول التي تسوق فيها المنتجات الزراعية اللبنانية. وقد استحوذت السعودية في العام 2020 على نسبة 14 في المئة من الصادرات الزراعية اللبنانية، في حين استحوذت الكويت على 10 في المئة والإمارات على 8 في المئة وقطر على 7 في المئة. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن قطر كانت قد علقت عمليات استيراد المنتجات الزراعية من لبنان منذ يومين لثبوت تلوثها.
ومن ناحية القيمة المالية، تستورد السعودية أكثر من 59 ألف طن من المنتجات الزراعية اللبنانية، بقيمة 33.1 مليون دولار. وهو ما يشكل نسبة 14 في المئة من مجمل الصادرات الزراعية. أما الكويت فتستورد من لبنان 66.2 ألف طن سنوياً من المنتجات الزراعية، بقيمة 23.9 مليون دولار، أي نسبة 10 في المئة. أما الإمارات فتستورد 39.2 ألف طن بقيمة 19.6 مليون دولار، أي نسبة 8 في المئة. كذلك تستورد قطر من لبنان نحو 22.4 ألف طن بقيمة 16.5 مليون دولار، أي بنسبة 7 في المئة. أما مصر فتستورد بنحو 11.6 مليون دولار سنوياً، أي بنسبة 5 في المئة من مجمل المنتجات الزراعية، لكنها في الوقت عينه انقذت عدداً من مواسم التفاح والحمضيات، على حد تعبير أحد مسؤولي وزارة الزراعة اللبنانية. أما سلطنة عمان فتستورد بنحو 6.8 مليون دولا فقط، وهي نسبة لا تتعدى 3 في المئة، كذلك البحرين لا تستورد بأكثر من 2.7 مليون دولار من المنتجات الزراعية اللبنانية، وهو ما لا يزيد عن نسبة 1 في المئة.
استيراد لبنان من الخليج
وكما تربط لبنان علاقة تصدير إلى دول الخليج كذلك تربطه علاقة استيراد. فيستورد لبنان من الإمارت مثلاُ بقيمة 632.4 مليون دولار من أصل 11.3 مليار دولار، وهي القيمة الاجمالية لمستوردات لبنان في العام 2020 من أكثر من 25 بلداً حول العالم، أي بنسبة 6 في المئة. وتأتي الإمارات بالمرتبة 6 بين الدول التي يستورد منها لبنان. كما يستورد من الكويت بقيمة 189 مليون دولار، أي بنسبة 2 في المئة. وتأتي الكويت بالمرتبة 17. كذلك يستورد من السعودية بقيمة 182.5 مليون دولار، بنسبة 2 في المئة. وتأتي بالمرتبة 18.