بعد الحوار… هل سيحدث استقرار؟
بقلم: أ.د. غانم النجار

النشرة الدولية –

العملية السياسية لا تحكمها النوايا، بل موازين القوى.

السلوك السياسي الكويتي هو سلوك مبعثر، لا تركيز فيه، ولا التزامات تُذكر، يأتي كردود أفعال، ويتبخر سريعاً كالغبار، هو أقرب للسراب منه للحقيقة، يحسبه الظمآن ماءً، وهو ليس كذلك. لا تختلف في ذلك الحكومة عمَّا يسمى بالمعارضة.

الحوار المركز ينتج عنه توافق واضح، كما حدث مثلاً في إنجاز دستور 1962 ، وبجدول زمني محدد، وتتحرك فيه ملفات جامدة كساها الغبار، ولا أمل في تحريكها. فما لم يحدث توافق، فلن يحدث تغيير، سواء من قِبل الحكومة، أو الأطراف الأخرى، سواء مَنْ رفض الحوار، أو مَنْ انخرط فيه.

هناك فرصة لإنقاذ الحوار، بتحويله إلى برنامج عمل يتضمن لجنة حكومية – نيابية مشتركة لمتابعة تنفيذه، وإلا فسيصبح حديثاً كويتياً عابراً كالعادة.

بطبيعة الحال العفو الخاص أمر مرحَّب به، ومبادرة كريمة من صاحب السمو، وهو حتى تظهر تفاصيل المشمولين به، سيبقى نقطة مضيئة في بحر متلاطم من التراجع والتردي للتعامل مع الملفات الحرجة، من الاقتصاد والتعليم والبدون ومكافحة الفساد والتنمية والاستثمار والعنف وغير ذلك.

وحيث إن الاستقرار أمر مطلوب، فإن الموجة المضادة لن تعدم السبل لتحريك أدواتها ضد الحكومة من استجوابات وغيرها. وبالمقابل، فإن أغلب ما يتم تداوله من ثنايا الحوار، إنما يأتي في إطار الأمنيات البلاغية، بأن القادم أحسن، وأفضل، وأجدى وأقوَم. إلا أن تلك “المحسنات البديعية” والنكهات اللفظية، لوحدها لن تكفي لتحريك أوضاع ران عليها الصدأ حتى كاد أن يتكلسا.

وكل ما نخشاه أن يبدأ مؤيدو الحوار بالانسحاب منه شيئاً فشيئاً، عندما لا تتحقق نتائج ملموسة على أرض الواقع.

إشكالية أخرى ستواجه الحكومة، وهي الفاتورة المطلوب دفعها للنواب المؤيدين، مثل: التعيينات، والواسطات للمناصب والعلاج بالخارج، وهي فاتورة مزعجة، وقد يؤدي عدم الالتزام بها من قِبل الحكومة إلى تسرب مؤيديها.

وربما يكون السيناريو، طالما أن المعلن عدم تحصين رئيس الوزراء، أن يقوم الرافضون للحوار بتقديم استجواب وإعلان عدم تعاون، والاستمرار فيه إلى آخر درجة.

ومع أن العفو مطلوب، ومستحق ومثمن، إلا أنه لا يكفي لأن يكون لوحده نتيجة للحوار، لكن بالإمكان إنجاح الحوار بالوصول إلى توافق قبل فوات الأوان، بتشكيل فريق متابعة مشترك من الحكومة والمجلس لمتابعة تنفيذ قائمة متعددة الرؤوس من القوانين والإصلاحات المؤسسية. ذلك التوافق مرهون بمن يملك موازين القوى، وهم ليسوا الطرف النيابي بالتأكيد.

وكل ما نخشاه أن نعود قريباً للمربع رقم واحد، فتنطبق علينا حينها مقولة “لا طبنا ولا غدا الشر”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button