لعنة السلطة توقع بين “نحو الوطن” و”كلّنا إرادة”
بقلم: غادة حلاوي

النشرة الدولية –

هي لعنة السلطة التي تولّد الانقسام حتى داخل القوى التغييرية او تلك القوى التي قدمت نفسها على انها مجتمع مدني معادٍ لكل الاحزاب والهيئات السياسية التي لفظتها ثورة 17 تشرين فوقعت في كمين الانقسام والخلافات وعصفت بها ما يطرح علامات استفهام حول فحوى استمرارها وقدرتها على احداث تغيير وتوحيد الصفوف فيما هي تفتقد لتوحيد صفوفها.

بدأ الخلاف على خلفية توقيع اتفاقية دمج منصة “نحو الوطن” مع منصة “كلنا إرادة”، التي وقّعها البير كوستانيان ممثلاً عن مجموعته “كلنا ارادة” وعضو اللجنة التوجيهية في “نحو الوطن” رندلى بيضون، وعلى اثرها تم انتخاب كوستانيان رئيساً للمنصة الموحدة. بعدها مباشرة استقالت رندلى بيضون من مجلس الإدارة الجديد المشترك بين المنصتين، وانسحبت من عملية الدمج التي تقول “كلنا ارادة” ان العمل عليها بدأ منذ أشهر والاتفاق تم على كامل المضمون السياسي والخيارات الانتخابية والتنظيم الإداري بطريقة شفافة وديموقراطية لا تحتمل أي لبس”. المنصتان اللتان تأسستا على اساس مساعدة القوى السياسية لايصالها الى الندوة البرلمانية صارتا الأحوج الى المساعدة لحل الخلاف في ما بينهما. اعترضت “نحو الوطن” على مقترح “كلنا ارادة” بالدمج تحت عنوان جمع القوى المعارضة مع القوى التغييرية كما اعترضت على انتخاب كوستانيان رئيساً للهيئة المشتركة بعدما كان الاتفاق على انتخاب رئيس محايد.

بالنسبة لـ”نحو الوطن” لم يكن هناك اتفاق موقع بل اتفاق شفهي وما تم التوقيع عليه خريطة طريق وليس اتفاقية وتنص على دعم قوى تغييرية وليس لاحزاب، كلام تنفيه “كلنا ارادة” التي تعتبر ان الاتفاق تم توقيعه مع “نحو الوطن” وليس مع اشخاص وانسحاب بيضون لا يلغي ما تم الاتفاق بشأنه.

قبل “نحو الوطن” بدأ عمل بيضون في “كلنا ارادة” مع بول رافيال على اساس التحضير لتغيير ما على مستوى الانتخابات النيابية فرفضت “كلنا ارادة” العمل في الانتخابات وفضلت العمل على التغيير من خلال مجموعات الضغط في لبنان والخارج. هنا أسست بيضون مع آخرين “نحو الوطن” وأعدت ماكينة انتخابية وفريق عمل، وسّعت انتشارها فـ”صارت هدفاً” ارادت “كلنا ارادة” تحقيقه من خلال التعاون معها وبدأ البحث في الدمج وتشكيل هيئة مشتركة يرأسها محايد. هنا فوجئت “نحو الوطن” بتسريب اسم كوستانيان خلافاً للاتفاق، وبنية التعاون مع احزاب كانت في السلطة على اساس انها تغييرية.

تنكر مصادر مطلعة ان تكون “نحو الوطن” قد وقعت على اتفاقية او على انتخاب كوستانيان والتوقيع تم على خطة العمل. اعترضت بيضون وانسحبت مع علي عبد اللطيف واعتبرت الاتفاق ملغى فيما اعتبرته “كلنا ارادة” لا يزال قائماً لانه تم مع مؤسسة “نحو الوطن” وليس مع اشخاص وبالتالي الاتفاق لا يزال سارياً، وجهة نظر اخرى اعتبرت ان بيضون هي الاساس، ذلك ان الترخيص مسجل في الداخلية باسمها الى جانب عبد اللطيف ورفاييل، وهما اساس “نحو الوطن” والناطقان باسمها.

والامر الاكثر غرابة بعد، أنّ خروج بيضون عن الاتفاقية لم يُخرج بقية افراد من “نحو الوطن” ممثلين في الهيئة المشتركة، ما احدث انقساماً داخل “نحو الوطن” قد يستتبع بتوسع الخلاف على احقية امتلاك الاسم.

الموضوع بتفاصيله لا يعني “كلنا ارادة” التي تعتبر وفق مصادرها انها وقعت الاتفاق مع مؤسسة وانسحاب بيضون لا يلغيه. وتقول ان التنسيق الذي مضى عليه ما يزيد على ثلاثة اشهر تمت ترجمته من خلال الاتفاقية ودمج جهود المؤسستين وفريق العمل وتعيين مجلس ادارة او هيئة مشتركة من الجهتين وانتخاب رئيس وتم التصويت لالبير كوستانيان لنفاجأ بعدها باستقالة بيضون وعبد اللطيف.

ما يهم “كلنا ارادة “هو اكمال العمل بدون الدخول في التفاصيل، هناك لجنة توجيهية لا تزال قائمة كما الاتفاقية وبرنامج العمل، والدمج صار واقعاً. منطق تعترض عليه “نحو الوطن” التي تعتبر ان برنامجها منبثق من الثورة التي رفضت كل الاحزاب فلا يمكن ان تعتبر ان الكتائب او غيرها من الاحزاب خارج تلك القوى السياسية التي باتت منبوذة. وتعود الى اصل المشكلة مع “كلنا ارادة ” والمرتبطة بتأييد مجموعات حزبية رفضها الثوار وتقديمها على اساس انها خرجت من تنظيمها فصارت تغييرية من امثال ميشال معوض والكتائب ما يتعارض ومبادئ “نحو الوطن” كما ان الرئيس نفسه اي البير كوستانيان كتائبي وصديق مقرب لرئيس الحزب سامي الجميل ما ينزع عنه صفة الحياد المتفق على ان يتميز بها شخص رئيس الهيئة المشتركة بين المنصتين.

مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية سيتكشف المزيد من الانقسامات داخل القوى والاحزاب السياسية ولن تكون قوى المجتمع المدني بمنأى عنها فهي ايضاً لها مقارباتها ومصالحها وقد تحولت بذاتها الى قوى سياسية ولم تعد محايدة. فكرة وجود القوى المحايدة غير واقعية، فاذا كانت “نحو الوطن” ترفض رئاسة كوستانيان لاعتباره غير محايد فكيف خاضت نقاشاً معه على مدى شهرين بهدف التعاون، وما الفارق بين التعاون ورئاسة الهيئة المشتركة او مجلس الادارة وما شاكل؟ غادر كوستانيان الكتائب قبل سنوات في حين ان مديرة “نحو الوطن” شانتال سركيس غادرت القوات قبل اشهر؟ مسألة ثانية هل يمكن لـ”نحو الوطن” ان تطبق مبدأ الحياد ذاك في انتخابات النقابات المهنية؟ اما بالنسبة الى “كلنا ارادة” فماذا عن الشكوك بأن الهدف هو توحيد الجهود خصوصاً على الساحة المسيحية مقابل ضمان خسارة جبران باسيل والتيار الوطني الحر وحلفائه؟ وهل يمكن ان تعمل المعارضة سوياً في الانتخابات مثلاً ان يتعاون ميشال معوض مع شربل نحاس؟ اسئلة اجوبتها ليست ميسرة. لننتظر ونرَ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى