مسؤولو “قرية بوتمكين” إلى أين يقودون الأردن؟!
بقلم: صالح الراشد

النشرة الدولية –

يُكثر الوزراء من الحديث عن الإنجازات التي لا يراها أحد، وعن التطوير الحكومي المفقود شعبياً، وعن النهضة السياسية والحزبية المرفوضة سابقاً والمقبولة حالياً، كإضافة جمالية وليس كرداء يقي الشعب والدولة من تطاول البعض عن النظام والقانون، فيما حرية التعبير محكومة بمجموعة من القرارات الذاتية والقانونية،  لنجد أن الكلمة وقبل أن تُكتب يتم مناقشتها بإسهاب حتى لا تشكل طريق للمحكمة والقضاء، فيما يصرخ بعض أبناء الوطن في الخارج فيُصرح المسؤولون أنهم يغنون طرباً، فهنا لدينا أشخاص يبدعون في تعظيم الإجابيات وينفون السلبيات، حتى أنها لا تظهر في الصورة بفضل جهودهم في تجميل الوضع، فيضعون الصباغ والدهان في الأماكن المنظورة لعلها تنال المديح، فيما ما خفي لا يراه أحد.

وحتى النواب التابعين للحكومة أو المعارضين فيتوصلون لنقاط يلتقون عندها، تتمثل في إعطاء صورة زاهية عن الإقتصاد المحلي لدفع رأس المال الخارجي للإستثمار في الأردن، وحتى في مجال الصحة نسمع أن كل شيء مميز وأن الخطط مناسبة، وهذا أمر نجده ايضاً في التعليم الذي يعتقد الجميع أنه تراجع إلا وزارة التربية التي تدافع عنه  بكل قوتها، ويبدو أننا في الأردن لا نُخطيء وأن مسيرتنا صواب في صواب، فالحكومة تسير بشكل سليم عندما نتحدث مع أي من رجالاتها، والنواب يؤمنون بأنهم يقومون بعمل إعجازي، وكذلك الأعيان وحتى اللجان التي يتم تشكيلها تعتبر أنها ذللت العقبات وصولاً لمعادلات تنقذ الشعب والوطن.

فهؤلاء جميعاً لا يناقشون تراجع صحة المواطن والتعليم، ولا يجدون حلولاً للإقتصاد المُتراجع ولا للعلاقات السياسية الهادئة مع دول الجوار، بل لا يملكون جواباً عن سبب تراجع الكرة الاردنية أو الرياضة بشكل شمولي، فجميع المسوؤلين يقولون كل شيء تمام وهذا مصطلح أتعبنا وأخفى ورائه العديد من زوايا الضعف ، لنشعر أننا في “قرية بوتمكين” الروسية، وأن القيصرالروسي  سيمر عبرها في طريق رحلته، لنجد أن الوزراء والنواب والمسؤولين في الأردن يُظهرون أجمل ما لديهم، لإخفاء العيوب التي أوصلت الوضع الإقتصادي والصحي  والتعليمي والسياحي والرياضي والثقافي لمراحل التراجع، بل في “قرية بوتمكين” يتم التستر على ضعف وزارة الخارجية في الدفاع عن الاردنيين في الدول الأخرى، لذا يكون المشهد أمام صاحب القرار دوماً رائع وجميل.

وهذا أمر اعتدنا عليه من أصحاب القرار، فالمناطق والطُرق التي يسير فيها موكب الملك يكون نظيفاً زاهياً، وفي حال زيارته لأي منطقة يتم تلميعها وربما زراعة بعض الاشجار، كون المطلوب أن يكون المشهد جميلاً حتى لو من جهة واحدة، بطلاء المباني بالدهان من جهة وترك بقية الواجهات دون طلاء، كما يطلق عليها في الثقافة الروسية “قرية بوتمكين”، إن إظهار وجه واحد مزيف لما يعتبر البعض حقيقة هو كذب وافتراء على مستقبل الوطن، كون المستقبل الصحيح لا يتم إنتاجه إلا إذا كانت الصورة واضحة جلية لصاحب القرار حتى يعرف أين المعضلة وما هي الحلول ومن هم المُقصرون في العمل، عدا ذلك فإننا سنظل ك”قرية بوتمكين” في طريق القيصر لا تزداد جمالاً بل تكبر نفاقا.

 

–       – – – – – – – –

قرية بوتمكين: مصطلح روسي يصف القرى التي يمر بها القيصر، حيث يقوم المسؤولون بطلاء الواجهة التي يراها القيصر فيما يتركون بقية الواجهات بلا طلاء لإظهار الجمال الأمامي وإخفاء العيوب الحقيقية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button