الحرب في إثيوبيا… جماعات متمردة تتحالف مع جبهة تيغراي للإطاحة بحكومة أبي أحمد
النشرة الدولية –
أعلنت تسع فصائل مناهضة للحكومة في إثيوبيا عن سعيها لتشكيل تحالفا مما يفرض مزيدا من الضغط على رئيس الوزراء أبي أحمد مع زحف قوات المتمردين نحو العاصمة أديس أبابا. وقد يحتاج أبي أحمد للبحث عن تحالفات داخلية وخارجية لمنع تفكك بلاده. وهذا ما يفسر الدعوة للتعبئة العامة وإعلان السلطات الإثيوبية حالة الطوارئ في عموم البلاد.
يحمل التحالف اسم الجبهة المتحدة للقوات الفيدرالية والكونفيدرالية الإثيوبية. ويضم الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي التي تقاتل حكومة أبي أحمد منذ عام في حرب أودت بحياة الآلاف وأجبرت أكثر من مليونين على النزوح.
وهناك عدد من الفصائل لديها مقاتلون مسلحون، لكن ليس من الواضح إن كانت جميعها كذلك. وأكدت جماعتان منها هما جيش تحرير أورومو وحركة أجاو الديمقراطية صحة الإعلان.
وقالت الجماعات إن الجبهة تشكلت “للتصدي للأضرار الوخيمة المترتبة على حكم أبي على الشعوب في الداخل والخارج” و”إقرارا بضرورة التعاون وتوحيد القوات للتحرك صوب انتقال آمن”.
وردا على سؤال من رويترز بشأن التحالف الجديد المناهض للحكومة أشارت بيلين سيوم المتحدثة باسم أبي أحمد إلى تعليق نشرته على موقع تويتر الذي تدافع فيه عن حكم أبي منذ توليه السلطة في 2018 عقب موجة احتجاجات مناهضة للحكومة.
وأعيد انتخاب حزبه في يونيو. وتقول سيوم في المنشور “أتاح فتح المجال السياسي قبل ثلاثة أعوام فرصة كبيرة للمتنافسين لتسوية خلافاتهم عبر صندوق الانتخابات في يونيو 2021”. ولم تشر إلى التحالف بشكل مباشر.
تحالفت جبهة تحرير تيغراي مع جيش تحرير أورومو منذ أغسطس الماضي. وقال حينها زعيم جيش تحرير أورومو كومسا ديريبا، المعروف أيضا باسم “جال مارو”، في مقابلة مع وكالة أسوشيتيد برس، “سيكون هناك تحالف كبير ضد نظام أبي أحمد” بالرغم من أن المظاهرات العارمة التي قادها الأورومو كانت السبب الرئيسي في سقوط حكم التيغراي وصعود أبي أحمد إلى السلطة في 2018. وينتمي جيش تحرير أورومو إلى أكبر عرقية في البلاد.
ويحتضن إقليم أورومو العاصمة أديس أبابا. وينحدر منه رئيس الوزراء آبي أحمد، من جهة أبيه. ويضم جيش أورومو آلافا من العناصر المسلحة. وتنتشر معسكراتهم في المنطقة الغربية من إقليم أورومو وأواسط منطقة شيوا (شمال أديس أبابا) ويسيطرون منذ سنوات على بعض المحافظات الغربية.
وجيش تحرير أورومو يمثل الجناح العسكري للجبهة، التي عاد قادتها من المنفى بعفو من آبي أحمد، في 2018 مقابل تخليهم عن المعارضة المسلحة. لكن الجناح العسكري انفصل عن الحزب بعدما حدث خلاف عميق مع الحكومة حول دمج قوات الحركة في الجيش الاتحادي، بينما وضعت السلطات زعيم الحزب داؤد أبسا تحت الإقامة الجبرية بالمنزل منذ ثلاث سنوات.
مؤخرا أكدت حبهة تحرير تيغراي وجيش تحرير أورومو أنهما في بلدة كميسي في ولاية أمهرة على بعد 325 كيلومترا من العاصمة.
وذكرت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي الثلاثاء أن قواتها تقترب من بلدة ميلي الأمر الذي سيمكنها من قطع الطريق السريع الذي يربط بين العاصمة الإثيوبية ودولة جيبوتي المجاورة.
في أغسطس الماضي، فتح متمردو التيغراي عدة جبهات قتال شرقا وغربا وجنوبا، لكن الهجوم المعاكس للجيش الاتحادي أوقف زحفهم، بل واستعاد مناطق واسعة في إقليم العفر، وأجبرهم على التراجع بعيدا عن مدينتي غوندار وبحر دار، بل وكاد الجيش الاتحادي أن يستعيد لالبيلا.
وفي أكتوبر الأول الماضي، استغل الجيش الإثيوبي هيمنته على سماء المعركة دون منازع لتوجيه غارات جوية على “القواعد الخلفية” للمتمردين في إقليم تيغراي. كما شدد حصاره على الإقليم، الذي يقطنه نحو 400 ألف نسمة يوجدون على حافة المجاعة، بحسب تقارير لمنظمات إنسانية.
وفي محاولة لكسر الحصار ونقل المعركة إلى الطرف الآخر، ركز متمردو التيغراي هجومهم على الجبهة الجنوبية بدل القتال على جبهات متعددة، فسيطروا في 17 أكتوبر على بلدة ووشال وتساقطت في طريقهم إلى ديسي عدة بلدات وقرى صغيرة.
ومع نهاية أكتوبر، وصل المتمردون إلى مشارف ديسي وخاضوا معارك ضارية مع القوات الاتحادية والمليشيات الأمهرية أخذت طابع الكر والفر، واستمات الطرفان للسيطرة عليها.
وتضاربت الأنباء بين تأكيد المتمردين سيطرتهم على ديسي ونفي حكومي، إلا أنه في 2 نوفمبر الجاري، تأكد سقوط ديسي، خاصة بعد إعلان الحكومة قتل المتمردين لـ100 شاب في كومبولشا، ما يعني اعترافا ضمنيا بسقوط ديسي.
ومدينة ديسي هي ثالث أكبر مدينة في إقليم أمهرة. وتكمن أهميتها الإستراتيجية في وقوعها على الطريق A2 الرابط بين إقليم تيغراي وأديس أبابا، كما أنها قريبة من الطريق الدوليA1، الذي تمر منه نحو 95 بالمئة من الصادرات الإثيوبية نحو ميناء جيبوتي.
وسيطرةُ متمردي تيغراي على ديسي إلى جانب مدينة كومبولشا (25 كلم جنوب شرق ديسي) تعني أن المنطقة الشرقية لإقليم أمهرة أصبحت ساقطة عسكريا، خاصة بعد إعلان الأرومو سيطرتهم على عدة بلدات صغيرة على الطريق المؤدي إلى أديس أبابا.
ومع التحام متمردي التيغراي مع حلفائهم من الأورومو، فإن الهدف المقبل سيكون قطع الطريق الدولي مع جيبوتي، للسماح بوصول المساعدات الإنسانية من الخارج إلى الإقليم.
كما لم يُخف متمردو الأورومو رغبتهم في السيطرة على أديس أبابا “خلال أشهر إن لم تكن أسابيع”، بحسب أودا طربي، الناطق باسم جيش تحرير أورومو. وخلال هذه الفترة من المتوقع أن يسعى تحالف التمرد لتطويق العاصمة من الشمال والشرق ومن الغرب أيضا حيث توجد معاقل ممزقة لمتمردي جيش أورومو، لكنها الأقرب إلى أديس أبابا.
ولم يعد يفصل متمردي التيغراي والأورومو عن أديس أبابا سوى مدينة ديبري برهان (58 ألف نسمة) وبعض البلدات الصغيرة مثل ديبري سينا، التي قد تعد الهدف المقبل للمتمردين.
البحث عن دعم دولي
توجد حكومة آبي أحمد في وضع جد حرج أمام زحف تحالف متمردي التيغراي نحو العاصمة والتحامهم مع جيش تحرير أورومو. ويعكس إعلان حالة الطوارئ التي صادق عليها البرلمان صعوبة الموقف في العاصمة.
إذ تسعى الحكومة لتجنيد مزيد من الشباب القادر على حمل السلاح لمواجهة زحف المتمردين، لكن هذا التكتيك وإن حقق بعض النجاح في وقت سابق، إلا أن آلاف الشباب محدودي الخبرة القتالية قد لا يكون كافيا لمواجهة متمردي التيغراي، الذين سبق لهم وأن خاضوا حرب عصابات ضد نظام منغستو هيلا مريام (1974-1991) وحكموا البلاد بعده لقرابة ثلاث عقود (1991-2018).
لذلك سيسعى الجيش الإثيوبي لتكثيف غاراته الجوية ضد المتمردين، خاصة في معاقل تحشيدهم ومخازن الذخيرة والأسلحة في الشمال، وقطع خطوط إمدادهم، التي بدأت تطول نحو الجنوب لمئات الكيلومترات عن معقلهم في ميقلي.
وليس من المستبعد أن تلجأ أديس أبابا للتحالف مجددا مع إريتريا، لشن هجوم مضاد من الشمال على إقليم تيغراي، لدفع المتمردين إلى التراجع للخلف والدفاع عن عاصمتهم ميقلي.
إذ لعب الجيش الإريتري، في نوفمبر 2020، دورا مهما في سقوط إقليم التيغراي سريعا، في يد القوات الحكومية وبأقل الخسائر، لكنه اليوم يقف موقف المتفرج، ما سمح لمتمردي التيغراي الزحف جنوبا.
السيناريو الآخر، أن تستعين أديس أبابا بمرتزقة أجانب وهو ما لمح إليه آبي أحمد حيث قال إن أعداء بلاده “يحاولون فرض سيناريو عليه مماثل لذلك الذي مرت به سوريا وليبيا”.
إذ أن آبي أحمد قد يجد نفسه في مرحلة ما مضطرا للخيار بين اللجوء إلى الاستعانة بمرتزقة أجانب أو إقامة تحالفات مع دول الجوار وحتى دول إقليمية لوقف تقدم المتمردين، وإما الجلوس إلى طاولة الحوار مع المتمردين، وحينها سيكون مجبرا على تقديم تنازلات مؤلمة للوصول إلى السلام.