بين حب مي زيادة لجبران وحب العرب للبنان …والوحدة القاتلة
بقلم: نقولا أبو فيصل
النشرة الدولية –
كتب جبران خليل جبران رسالة الى مي زيادة يقول فيها : “الكلمة الحلوة التي جاءتني منكِ كانت أحَبُّ لديَّ وأثمَن عِندي مِن كُل ما يستطيع الناس جميعهم قوله .. اللهُ يعلمُ ذلك وقلبُكِ يعلم” وقصة الاديبة مي زيادة تشبه قصة لبنان والتي يصح معها القول ان الابداع يولد من رحم المعاناة ، وهي التي عاشت قصة حب حزينة واكثر تأثيرًا بها كان تجاربها المريرة مع فقدان الحبيب وهي التي احبها في صباها الكثيرون ولكنها في الاخير ماتت وحيدة .
واذا كانت مي زيادة قد عاشت حياتها حزينة وأثر عليها موت جبران كثيرًا ، إلا أنها ما أحبت غيره لاكثر من عشرين عامًا وبالمراسلات فقط ، ولكن عندما تعبت نفسياً بعد فقدانه ، تعامل معها الاقارب كما لو كانت فاقدة العقل وأدخلوها مستشفى الأمراض العقلية، وماتت هناك في الخامسة والخمسين من العمر ، فيما لبنان يدخل بعد ايام عمر الثمانية والسبعين عامًا..
ويجدر التوقف عند فهم مشاعر مي زيادة حين كتبت : ”ولكن أيكفي أن نحب شيئًا ليصير لنا؟!“وعن وداعها لجبران كتبت له ما تقوله المئات بل الالاف من الامهات اليوم لابنائها : “لوَّحتُ له يدي مودّعةً، ولا يعلم كم يد في قلبي لوّحت له للبقاء.” ولا ادري اذا كان قولها لجبران ينبطق على حال اللبنانيين مع وطنهم هذه الايام : “قادني إليكَ قدر وسرقكَ مني آخر وبين القدرين فقدتُ قلبي” ليرد عليها بقوله قبل موته بأيام وهو يعيش في شعور قاتل من الغيرة :”أشعر يا مّي أنني بركان سُدَّت فوَّهته.”
ولعل القاسم المشترك بين مي زيادة حينها، ولبنان اليوم هو الوَحدة من خلال قولها ”ما أمرَّ الوحدة حين يتنصل منك الأصدقاء وما أضيق باب الحرف”. وفي الحقيقة لا ادري متى يتنصل اللبنانيون من تبعيتهم للخارج ويعيدون مقولة لبنان اولاً ،ويكون على رأس أولوياتهم. عندها سيعود قبلة العرب وجوهرتهم الثمينة ونتحرر من العزلة والوحدة القاتلة اقتصادياً ، بعد أن تنصل الاخوة العرب من لبنان الواحد تلو الاخر .. وحل الخراب.