من حوارٍ معها – النص 27 … لو كُنتُ حَبيبَتُكَ؟!
الدكتور سمير محمد ايوب
النشرة الدولية –
كنتُ في الثلث الأخير من ليل البارحة، أقتربُ حثيثا منْ وقتِ السَّحَر، أسْتعدُّ للنوم وفي باليَ طيفٌ أشتاقه، حين سمِعتُ صوتا خافتا هاتفا: أعرِفُكَ وأنتَ لا تعرفُني، ولا تسَلْني منْ أكون. إن شِئتَ، فأنا الليلة شهرزادُك. أعرفُ تضاريسَك ومَعارجَك. فرغتُ للتَوِّ مِنْ قراءتِك. على وقْعِ رائعة عبد الوهاب ، كلِّ دَهْ كان لِيه، إستَفزَّتْني نصوصُك. وأثارَت الكثيرَ منْ شجَنيَ المَكتوم. وما أنْ توقَّفَتِ الموسيقى، أمْسكتُ بالهاتف لأسألَك: لَوْ كنتُ حبيبتُكَ ، أيًمْكِنُكَ التّخْمينُ لِمَ أكونُ قدْ أحْبَبتُك؟!
قلتُ والمُفاجأةُ تلجمُ الكثيرَ منْ شغَبِ اللسان: هاتِ أسمِعيني قبلَ أنْ يُداهِمَ سلطانُ النّوم جَفنَيَّ.
قالت بصوتٍ رخيمٍ حميم: لأني أراكَ بعيونٍ تختلفُ عن عيونِ الجميع. فأنتَ الرجلُ الوحيدُ الذي إستطاع أنْ يأسَرَني، وأنْ يُداعبَ مشاعِري، في زمنٍ لمْ يَعُدْ فيه للمشاعرِ صدرَ المكان.
رجلٌ مُختلفٌ عن كلّ منْ مَرَّ في حياتي. رجلٌ أستمتعُ معه بالحياة ويَمْنَحني الدّهشة. لديكَ القُدرة على فتحِ نوافذَ الحياة مِنْ حَولِيَ، لأطِلَّ مِنْ خِلالِها على عالَمٍ مُدهِشٍ يَستحقُّ أنْ يُعاش.
كنتُ وما زلتُ، أرى روحَكَ بِروحي. وإذا ما تَحدَّثنا أكتَشفُ عقلَك. وتبهَرُني تلك الأفكارُ المُنظمة، وذاك النضج الذي تتمتع به. يُدهشُني حديثُك ألمُنمّق ورشاقةُ كلماتك.
يمضي الوقت بلا ملل سريعا معك. لأفهم ما يدور بعقلك، أحاولُ كطفلة التسلّل إلى عالمك السحري الذي أسمع عنه، أو على الأقل الإقتراب منه.
عن ماذا أحكي لك يا أنت؟! أعّنْ تلك الّلمعة ألتي تُضئ عيوني عندما أكونُ معك؟! أمْ عن الطفلة التي تقفز من داخلي حين تُمسكُ يدك؟! أمْ عن فرحيَ المكتومِ وأنا معك؟!
أشعر بالحيرة أمام عينيك وبسمتك، هما السرُّ والحكايه والعالم الخفي، الذي أغرق في ثناياه. أجلس مشدوهة أمامهما، غارقةً في تفاصيلهما، أستمعُ لحكاويهما التي لا تحكيانها لإحد.
كنتُ أظُنُّ أنّي أعرف لُغة الجسد وعلى الأخص العيون بوابات القلب، إلى أن ارتطمتُ بعينيك أنتَ، فضِعْتُ بين تفاصيلها وخصوصيتها. ولكني منذ أدمنت الإبحار فيهما، بت أقرأها حتى لو حاولْتُ معاندة إحساسي أو يقيني بك.
ملامحُ وجهك عالم مختلف منفرد بكل تفاصيله. لم يصل لدلالاته وما يشي به، أحدٌ مِنْ مَنْ أعرِف. ومع هذا، تبقى عيناك التي في الوجه، ودفءُ ابتساماتها ألهادئة أو ألصاخبة، حضنا يتسع لي، كلما جمعنا شجن.
كنتُ أشعل سيجارتي الثانية حين سألَتْ: أنِمتَ؟! أأنا مُمِلةٌ؟!
سارعت نافيا وموضّحا أنني ما زلتُ على السمع. أنْصِتُ وأتأملُ بما تقول. وهنا قاطعتني متسائلة: ألا تريد أن أقول لكَ لِمَ أنتَ تُحبُّني؟! قلتُ: بلى فأنا مُمتلئٌ بحبِّ الإستطلاع يا قارئةَ الوَدَعْ.
قَهقَهت شهرزاد طرباً، وهي تُواصل قولَها: لقد طال حديثُنا الليله. سأصْمِتُ الآن، تاركةً الجزءَ المُتمّم لِحكايةِ الليله، الى الغد في مثل هذا الوقت.